ومن هذا المنطلق سوف تجد هذه الدول تقوم بتشييد وإيجاد أماكن عظيمة ومؤثرة تُحاكي الأماكن الموجودة في أكبر دول العالم، وقد اتضح هذا الأمر بعض الشيء من خلال برج خليفة ودبي لاند في الإمارات، أما في قطر فإن ذلك الأمر تم تطبيقه من خلال حي كتارا الثقافي، وهو حي تم إيجاده طمعًا في أن تُصبح كتارا، أو عاصمة الدوحة بالشكل عام، منبعًا للثقافة في العالم بأكمله، وهذا ما نجح الحي في فعله من خلال السنوات الماضية التي بدأ فيها ممارسة الحي عمله، عمومًا، الأمور لا تتضح أبدًا من خلال الكلام السطحي العام، وإنما يجب علينا أن ندخل هذا الحي لنعرف حقًا ما يتواجد بداخله وما يُمكن اعتباره نقلة ثقافية.

حي كتارا من الداخل

كما هو واضح من الاسم فإن قطر لم ترغب في أن يكون هذا المنبع الثقافي بسيط أو متواضع أو صغير، وإنما أردت أن يكون من البداية شيئًا كبيرًا وله كيان حقيقي، ولذلك كانت الفكرة بإيجاد حي كامل تم تسميته باسم المؤسسة التي أشرفت عليه فيما بعد، وهي مؤسسة كتارا، والذي استطاعت أن تتبوأ خلال السنوات القليلة الأخيرة مكانة ثقافية كبيرة، وبداخل هذا الحي، والذي هو عبارة عن مساحة كبيرة جدًا مُخصصة فقط من أجل الثقافة، بإمكاننا أن نرى متاحف لأبرز الأشخاص المؤثرين في الأدب العربي والعالمي، ومكتبات تحتوي على أشهر الكتب في العالم وربما أكثرها ندرة كذلك، أيضًا سوف نجد في حي كتارا العديد من المسارح الهامة التي تهتم بفن المسرح الذي بدأ نجمه في الخفوت بالآونة الأخيرة، كما أن هناك أماكن مُخصصة لعرض الفنون في كافة أشكالها وقاعات سينما مُجهزة بأحدث التجهيزات، وكل هذا ستجده في داخل مكان كبير مُغلق يوحي لك منذ الوهلة الأولى أنه موجود لسبب واحد فقط، وهو خدمة الثقافة والمثقفين.

من أبرز الأنشطة التي يقوم بها الحي بالإضافة إلى ما تم ذكره في مجالات الفنون والأدب والمسرح والثقافة بشكل عام، نشاط المسابقة، مسابقة كتارا، وهي مسابقة تُقام الآن في ثلاثة مجالات، المجال الأول والأكثر إقبالًا هو الرواية، ثم بعد ذلك الشعر، ثم بعد ذلك قراءة القرآن، ففي كل مجال من هذه المجالات المذكورة يتم إقامة مسابقة سنوية يشترك فيها الموهوبين في هذه المجالات من كل مكان في الوطن العربي، ثم تبدأ بعد ذلك تصفيات المسابقة التي تستمر لشهور إلى أن يتم الإعلان في النهاية عن أسماء الفائزين الذين يتم تكريمهم في نهاية العام بحفل ثقافي كبير يُقام على هامش أسبوع ثقافي كامل مُتكامل داخل حي كتارا، ومن هنا تبرز الأهمية الكبرى لهذا الحي ودوره في الريادة الثقافية.