تاريخ قلعة قايتباي

في البداية وقبل أن نتحدث عن تاريخ قلعة قايتباي علينا أن نوضح كيف جاءت فكرة بناء القلعة من الأساس، قبل أن تبنى القلعة كانت توجد منارة الإسكندرية المعروفة والشهيرة وللأسف قد انهدمت هذه المنارة بعد تعرضها لزلزال شديد عام سبعمائة واثنين هجريًا، وقد حدث ذلك الزلزال أثناء حكم السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وبالرغم من محاولاته العديدة في ترميم منارة الإسكندرية إلا أنها لم تتحمل أكثر من خمسة وسبعين عام حتى انهدمت بشكل كامل في عام سبعمائة وسبعة وسبعين هجريًا، وبعدما تولى السلطان الأشرف أبو النصر قايتباي الحكم زار مدينة الإسكندرية كعادة كل الملوك والأمراء، حيث تعد تلك المدينة هي العاصمة الثانية بعد بناء القاهرة والأولى قبل وجودها، فعندما زار الإسكندرية وتحديدًا غرب المدينة أمر بتنظيف المنطقة من باقي المنارة القديمة وبناء برج كبير يحمل اسمه قايتباي، وكان الأمر بالبناء في العام الثاني والثمانين من القرن التاسع الهجري واستغرقت عملية البناء والتشييد عامين فقط، ونظرًا لوقوع القلعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط مباشرة كان الاهتمام بها كبير جدًا من قبل الملوك والأمراء.

فكانت تعتبر حامية الإسكندرية من أي غزو بحري قد تتعرض له ولذا تم شحنها بالكثير من السلاح والعتاد على مر العصور، فعلى سبيل المثال في العصر المملوكي كان السلطان قنصوه الغوري آخر سلاطين الدولة المملوكية في مصر يهتم بالقلعة اهتمامًا شديدًا، فكان يشحنها بالسلاح والعتاد دائمًا ويزيد من أعداد الحامية الموجودة بها حتى تم فتح مصر من قبل العثمانيين، وهنا سار العثمانيون على نهج المماليك في الاهتمام بالقلعة فزودها بالأسلحة الحديثة من المدفعية إلى الأسلحة العادية مع الجنود الكثيرين، حتى صارت الدرع الأول الحامي للبوابة المصرية بالساحل الشمالي.

وصف القلعة

أما عن وصف قلعة قايتباي فهي تأخذ شكل المربع وعلى مساحة قدرها مائة وخمسين متر في مائة وثلاثين متر تقريبًا، وهي مكونة من برج رئيسي وأسوار طويلة تحيط بها مياه البحر الأبيض المتوسط من ثلاثة جهات، فالأسوار مقسمة إلى أثنين سور خارجي وسور داخلي أما عن السور الداخلي فقد كان يحوي مخازن السلاح وثكنات الجند، والسور الخارجي فهو يحوي بداخله العديد من الأبراج الدفاعية على طول السور من جميع الاتجاهات، والأبراج كلها على مستوى واحد من السور ماعدا الجانب الشرقي فهو به بعض الفتحات التي كانت توضع في أفواهها المدافع لحماية القلعة من أي هجوم عليها، ويوجد بالقلعة برج رئيسي في الجانب الشمالي الغربي منها بداخل السور الداخلي، وهو على شكل قلعة كبيرة ارتفاعها سبعة عشر متر وأطوال أضلاعها ثلاثين متر تقريبًا، وهذه القلعة مكونة من ثلاثة طوابق وبها أربعة أبراج نصف دائرية تظهر منها شرفات علوية، والقلعة بشكل عام مربعة ومتوازية من جميع الاتجاهات.

ومن الجدير بالذكر أن الأربعة أبراج النصف دائرية هي مرتفعة نوعًا ما عن البرج الرئيسي، والهدف من ذلك كان لرمي السهام والدفاع ن القلعة من أي هجوم قد تتعرض له، أما عن طوابق القلعة فالأول منها عبارة عن مسجد مكون من أربعة إيوانات وصحن ومئذنة، ولكن المئذنة قد تعرضت للهدم منذ عدة قرون، ويوجد في وسط هذه الأشياء ممرات لعبور الجنود حال التحرك للدفاع عن المدينة ضد أي هجوم مفاجئ، ثم نأتي بعد ذلك للطابق الثاني وهو يحتوي على بعض الحجرات والقاعات والممرات لأبناء السلطان وزوجاته، أما عن الطابق الثالث والأخير فهو يحتوي على حجرة كبيرة مخصصة للسلطان، وكان يجلس بها السلطان قايتباي للنظر بالبحر الأبيض المتوسط ورؤية السفن التي تمر به، ويوجد بالطابق الثالث أيضًا طاحونة وفرن لعمل الخبز عن طريق طحن الغلال ثم الذهاب به للفرن حتى يعد الخبز الخاص بالجنود.

ما يمكنك فعله في القلعة

بعدما تذهب إلى قلعة قايتباي الموجودة في غرب الإسكندرية يمكنك القيام بالكثير من الأشياء مثل الاطلاع على كل ما يوجد بالقلعة، فكما نعرف القلعة تاريخية جدًا وعلى كل شيء بها توجد آثار التاريخ ورائحته الجميلة، فستقوم بالتجول داخل الطوابق الثلاثة للقلعة ثم تصعد على الأبراج الطويلة الموجودة به، وعلى رأسها سوف تكون على رؤية كاملة بكل ما يدور بجانبك وسترى البحر الأبيض المتوسط بشكل رائع، وهذا المنظر يلزمه التقاط بعض الصور التذكارية داخل أم الدنيا فستلتقط بعض الصور لك مع البحر وأنت على البرج، وأيضًا لا تنسى التقاط بعض الصور أمام بوابة القلعة الرئيسية حتى تكون القلعة هي الخلفية لك وهذا منظر في غاية الجمال، ومن الجدير بالذكر أن القلعة تفتح أبوابها على مدار الأسبوع من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الساعة الخامسة مساءً، وتعتبر الساعة الواحدة والثانية والثالثة مساءً هما أكثر الساعات ازدحامًا في القلعة حيث يتواجد عدد كبير من الزوار داخل القلعة.

ويوجد أمام القلعة الكثير من المطاعم والمقاهي المخصصة لتناول الطعام والشراب والمطاعم في الغالب تهتم بوجبات الأسماك، فمدينة الإسكندرية كلها تحب الأسماك وتكثر منها نظرًا لوجود البحر الأبيض المتوسط بها، فلا تترد في تناول وجبة أسماك طازجة من أحد المطاعم الموجودة هناك، بعد ذلك اذهب إلى مقهى لتناول كوب من الشاي الجميل وهو منتشر جدًا في مصر فالشعب المصري بشكل عام محب للشاي.