قصر سيئون من الداخل
إذا ما كنت متواجدًا في مدينة سيئون وسمعت بكلمة القصر الكثيري فلا تبحث كثيرًا عن المكان لأنه ببساطة يُقصد به قصر سيئون، وهو القصر الرئيسي في المدينة ومن أشهر القصور التي تواجدت في دولة اليمن بيوم من الأيام، إذ أنه كما يتضح من الاسم كان القصر تابعًا لحضارة الكثيرين التي كان مقرها مدينة حضر موت وكانت عاصمتها سيئون، عمومًا، مع الوقت تتابع الكثير من الحكام والحضارات على هذا القصر المميز، ولابد أن ذلك كان له أسبابه التي يُمكن استيضاحها من خلال التعرف على مواصفات القصر، والتي بالمناسبة لم تكن مواصفات عادية بالمرة.
الشائع في حضارة حضر موت العمارة الطينية، والحقيقة أن القصر لم يُخالف هذه القاعدة والتزم التزامًا تامًا بالعمارة الطينية المميزة، حيث كان قوامه الطين، وعلى الرغم من ذلك خرج في نهاية المطاف قصر متماسك ومتناسق وينعم بالجمال الطبيعي، وذلك من خلال 45 غرفة رئيسية، لكن يجب التنويه على أن العمارة الطينية تُستخدم في هذه المنطقة تحديدًا بسبب حرارة الوادي الكبيرة وقدرة هذه العمارة المكون من مادة الطين على تحمل الحرارة، لاحقًا أصبح الطين عنصر جمال رئيسي، إذا أن العقل لا يقول أبدًا أن قصر بُني من الطين قد يصمد أكثر من مئة عام، لكن قصر سيئون صمد لألف عام كاملة، كذلك المنطق لا يُبرر أبدًا تمسك القادة والحكام بالحياة في هذا القصر، لكنهم فعلوا، وهذا هو المُحير في الأمر.
إذا أردنا الحقيقة فإن قصر سيئون يُمكن اعتباره بلا شك فخر للعمارة العربية على امتداد تاريخها، كما أنه يتميز بتماسكه وروعته على الرغم من التجديدات الكثيرة التي طالته وجعلت الزوار يأتون إليه من كل مكان في العالم، ولأن الشيء بالشيء يُذكر فالقصر أيضًا يحتوي على متحف يضم الكثير من مواد التراث والمشغولات اليدوية اليمنية، وأخيرًا لن ننسى الإشارة إلى بروز عظمة القصر من خلال وضعه على صورة العملة ذات فئة الألف ريال، وهي عملة نادرة في غاية الأهمية، لكن روعة القصر وعظمته رشحته كي يكون واجهة هذه العملة.
أنشطة وفاعليات بالقصر
بكل تأكيد أول ما سيتبادر إلى ذهن القارئ أن مكان بمواصفات هذا القصر لا يُحتمل بنسبة كبيرة أن يكون قابلًا للزيارة، لكن على العكس تمامًا، فقد جعلته اليمن متاحًا للزيارة منذ ما يقترب من القرن وبات من الممكن ممارسة الكثير من الأنشطة والفاعليات بداخله، والتي أهمها القيام بجولة شاملة يتم فيها زيارة كل شبر وتدعيم الزيارة بصور تذكارية، بعد ذلك يأتي الدور على الأحداث التي أهمها معرض التراث الفني في ديسمبر ومهرجان الآثار الذي يُقام في سيئون لكونها الأكثر امتلاكًا للآثار في اليمن، ثم أخيرًا الاحتفالات أو الندوات التي تكون في صورة أيام لإحياء التراث، وهي لا تجد طبعًا أفضل من هذا القصر.