من هو كلود مونيه؟
هو رسام فرنسي عبقري ولد عام 1840، قام برسم لوحته الشهيرة “انطباع، شمس مشرقة” عام 1872. لتصبح بعد ذلك أول لوحة في سلسلة كبيرة من اللوحات التي ألفت مدرسة جديدة للفن، مدرسة الانطباعية. ولكن لكلود مونيه علاقة وثيقة بالعالم العربي الأفريقي، حيث التحق بالجيش عام 1860 في الجزائر، وهناك أخذ يكتب عن وقع الألوان الشرقية المبهجة على نفسه. والتي كانت لها تأثير كبير على فنه فيما بعد. أصيب بحمى التيفود فاضطر لمغادرة الجيش وعاد إلى فرنسا. ليهرب منها مرة أخرى أثناء الحرب مع روسيا، ولجأ إلى إنجلترا وأخذ يرسم هناك في الحدائق البريطانية الخلابة. وكان على علاقة وثيقة بالفنان أوجست رينوار، الذي رسم هو الأخر في فن الانطباعية والفن الحديث والواقعية. فرُفضت أعمالهم هما الاثنين، وقاما بفتح معرض خاص بهم أسموه “صالون المرفوضات”. ليصبح فيما بعد المركز الرئيسي الذي خرج منه التطور في عالم الرسم.
المنزل والحديقة
عانى مونيه في فترات حياته الأخيرة من إعتام عدسة العين، مما أثر كثيرًا على لوحاته التي غلب عليها اللون الأحمر نتيجة عدم رؤيته للألوان بشكل صحيح. كما فقد زوجته وابنه البكر، ولم يتبقى له سوى ابنه ميشيل. وكانت ترعاه زوجة ابنه البكر إلى أن مات في 1926 بسرطان الرئة ودفن بمراسم بسيطة في كنيسة جيفرني. ورث ابنه الوحيد جميع ممتلكاته، وفُتح البيت والحديقة للجمهور عام 1980. ليصبح مزار سياحي مهم جدًا للمدينة، وحياة مونيه خاصة الأخيرة ومعرض للعديد من لوحاته الانطباعية. مثل لوحات الأشجار الحزينة التي رسمها أثناء وجود ابنه البكر في الحرب.
البيت مازال يحمل نفس التفاصيل التي صممها كلود مونيه بنفسه، وقام بتلوين الجدران بيده. وزراعة الحديقة العجيبة التي تتسلق جدران المنزل من الخارج، لتعطي إحساس رائع وراحة نفسية لكل من يشاهدها. وكأن المنزل محاط بالطبيعة الخلابة. عاش مونيه في هذا المنزل لمدة 43 عام، والتغيرات التي صنعها كانت بهدف ملائمة وراحة عائلته، وأعماله هو أيضًا. قام بتوسيع النوافذ ودهن الجدران من الداخل والخارج وتنسيق الحديقة. أولى غرف المنزل هي غرفة الجلوس الزرقاء. فقد أحب مونيه الألوان البراقة، وجعل من منزله لوحة فنيه لتريح عينيه. وتشمل الغرفة على ساعة كبيرة وأرضية مرسومة باللون الوردي، وأريكة وتحف بسيطة.
ثم نأتي لغرفة أستديو الرسم الخاصة به، والتي رسم فيها أهم أعماله. الغرفة بأكملها تطلعك على مدى إبداع هذا الرجل، واهتمامه بالتفاصيل. وتعرفك المعنى الحقيقي لفكرة الانطباع في الرسم، الذي اشتهر به. وفي الطابق العلوي ستجد غرفتين للنوم واحدة لمونيه والأخرى لزوجته “أليس”، والتي صممهما لتناسب أغراض ورغبات كل فرد منهما. وأخيرًا نصل إلى غرفة الطعام التي يغلب عليها اللون الأصفر، مع لوحات ومدفأ وطاولة كبيرة في المنتصف تساع كل أفراد الأسرة لأنه كان أبًا لأطفال زوجته. والمطبخ، الذي تم تصميمه باللون الأبيض واللبني بديكور جميل، ومناسب للاستخدام العملي في الطبخ ومساحة للعمل مريحة جدًا كما تتمنى أي امرأة لمطبخها. باقي الغرف كانت مخصصة للأطفال وراحتهم.
الحديقة التابعة للمنزل كبيرة جدًا وجميلة للغاية، وقام بتنسيقها بنفسه على الطراز الياباني في الحدائق. وقام بشراء قطعة من الأرض قريبة من المنزل يمر في منتصفها فرع من نهر السين. قام بزراعة أنواع جميلة من النباتات، وكانت مصدر للراحة النفسية وإلهام كبير لأعماله. إنها حقًا تستحق الزيارة والتوقف للاسترخاء والاستمتاع بجمال الطبيعة والورود مع المياه الصافية التي ينعكس عليها ضوء الشمس.