لمن لا يعرف فإن هذا الفن هو فن روماني قديم للغاية، ومع أن منبع الحضارة الرومانية، كإيطاليا مثلًا، لم يُفكر في إقامة متحف بهذا الشأن إلا أن باردو تكفل بهذه المهمة ونجح فيها، فهو ليس مجرد متحف موجود على الأراضي التونسية، وإنما في نفس الوقت متحف متميز استطاع احتلال الصدارة على مستوى العالم فيما يتعلق بهذا الصدد، وربما ما ساهم في هذه الشهرة، بالإضافة طبعًا إلى موضوع المتحف، المكان الذي يتواجد فيه، فهو يقع في قلب العاصمة، وكلنا نعرف بالتأكيد سحر العواصم وتأثيرها الكبير على الأماكن التي تتواجد بها، عمومًا، الحديث السطحي لن يفيد، لذلك سوف نتعمق أكثر في هذا المتحف ونحاول دخوله سويًا لاستكشاف ما فيه.
متحف باردو من الداخل
عندما يمتلك مكان ما آثار أو قطع قديمة ترجع في تاريخها إلى قرن أو اثنين يظن البعض أن هذا المكان يحتوي بداخله على أماكن أثرية لا مثيل لها، لكن هنا في متحف باردو نحن نتحدث عن متحف يضم بداخله قطع أثرية ولوحات وأشياء تاريخية أخرى يرجع وجودها إلى القرن الثاني الميلادي، أي قبل ما يزيد عن الثمانية عشر قرن، وهذا تاريخ مهول جدًا يخبرنا بحق أننا بصدد متحف له باع وتاريخ طويل، والأهم من ذلك أن باردو يمتلك الآلاف من هذه الأشياء التاريخية وليس مجرد أعداد بسيطة لا تُذكر، لكن بعيدًا عن هذا الأمر فإن متحف باردو من الداخل يحتوي على العديد والعديد من الأجنحة والغرف المُخصصة تاريخيًا، ومن أبرز هذه القاعات والأجنحة قاعة فيرجل وقاعة الفسيفساء وقاعة قرطاج، والكثير من القاعات الأخرى التي يُمكن القول أن كل قاعة على حِدة تُعتبر متحف قائم بذاته، والحقيقة أن ما يميز المتحف أكثر، بالإضافة إلى كل ما سبق ذكره، أن المتحف يشهد تنوعًا غير مسبوقًا في القطع الأثرية الموجودة به.
متحف باردو كذلك يتطرق إلى بعض الحضارات الأخرى مثل الحضارة الفرعونية واليونانية والفينيقية والبيزنطية، لكن أن أردنا أن نكون دقيقين فإن زيارة هذا المتحف سوف تكون مناسبة أكثر لمحبي التاريخ والعلوم والفنون والحضارات القديمة بشكلٍ عام، فهؤلاء من سيجدون حقًا غايتهم داخل هذا المتحف، أما السطحيين الذين يريدون المتعة الخفيفة فلن يجدوا متعتهم داخل هذا المتحف، ولهذا نلاحظ أن أغلب الزيارات التي يشهدها المتحف تكون من علماء التاريخ وأساتذة التاريخ في الجامعات العالمية، لكن المتحف لا يزال الأهم في تونس بلا أدنى شك.