كانت هذه الدول تمتلك بداخلها أحياء كاملة مُخصصة لليهود، إلا أن دولة المغرب بالذات قد تمكنت من توثيق هذا الأمر من خلال المتحف اليهودي الذي تم تدشينه في عام 1948، والحقيقة أن المتحف في البداية كان عبارة عن دار أيتام مُخصصة كذلك لليهود، وذلك قبل أن يتم تحويله إلى متحف بتوصيات من اليهود أنفسهم، لكن الغريب حقًا أن من يشرف حاليًا على المتحف ويتولى كل صغيرة وكبيرة به سيدة مُسلمة، وهذا على النقيض تمامًا مما يتواجد في أي مكان في العالم، حيث أن المتاحف من هذه النوعية يُشرف عليها أشخاص ينتمون لها، عمومًا، دعونا ندخل المتحف للتعرف عليه.
المتحف اليهودي من الداخل
كما ذكرنا من قبل، المتحف اليهودي الموجود في دولة المغرب هو الأصل يهتم بإحياء التراث اليهودي، لذلك من الطبيعي تمامًا أن نرى ذلك المتحف وهو يشع باليهودية في كل شيء فيه، والبداية مع التصميم والبناء، حيث تمت مراعاة التراث اليهودي والشكل القديم في البناء الممتزج بالوازع الديني، وهي خلطة ربما لا تجدها سوى في الأبنية اليهودية، ثم من الداخل يُمكننا بسهولة ملاحظة شمولية هذا المتحف وتطرقه لكل شيء موجود في اليهودية تقريبًا، حتى بعض الملابس القديمة التي كان يرتديها اليهود موجودة داخل المتحف، وكذلك المعاملات والمراسلات والكتب اليهودية تتواجد كذلك داخل المتحف، ناهيكم عن بعض آيات التوراة الأصلية وبعض الأشياء والأغراض المنسوبة إلى سيدنا موسى، كل هذا وأكثر موجود في المتحف اليهودي الذي يقبع داخل البيضاء الموجودة في دولة المغرب، والحقيقة أن اختيار المغرب بالذات لهذا المتحف اختيار مثالي، فهي تقريبًا الدولة العربية الإفريقية الأكثر احتواءً لليهود بداخلها.
أيضًا في المتحف اليهودي ثمة صور مقربة للأماكن التي تتم فيها العبادة اليهودية، كما لا ننسى يهود الغرب ومعيشتهم التي يحاول المتحف تجسيدها وتقريبها للزائر، وبالمناسبة، ليس شرطًا أبدًا أن تكون يهوديًا حتى تكون قادرًا على زيارة هذا المتحف، بل إن أي شخص في العالم مسموح له بالزيارة، وبالنسبة لك كشخص غير يهودي فسوف تكون الزيارة توعوية وتثقيفية، فليس من العيب أبدًا أن تعرف ما يتواجد في بقية الأديان وحياة الأشخاص التابعين لأديان أخرى، كما أن الأكثر أهمية من ذلك أن المتحف يفتح أبوابه بالمجان، وفي هذا دلالة كبيرة ورغبة واضحة على هدف المتحف التوعوي وليس الربحي، عمومًا شارع جول جروس في الدار البيضاء معروف للجميع، فإذا كنت في المغرب لا تتردد في زيارة المتحف.