لم تأت تسميتها بجنة المسرح الأوروبي على سبيل المُبالغة أو التملق أو المدح الذي لا أساس له، فمع كل هذا الكم والتنوع المسرحي الذي شهدته ألمانيا على مر تاريخها على الرغم من بعض الكبوات الثقافية والحضارية التي عاشتها فلن تجد أحق منها بهذا اللقب وظُلمًا أن يكون قد خُلق لغيرها. ومن بين نحو 430 مسرح منها مئة وخمسين تتولى الحكومة الفيدرالية الإشراف والإنفاق عليها و280 مسرح خاص، و110 عرض مسرحي يتهافت على حضورها نحو 35 مليون شخص على مدار العام بما في ذلك السائحين، تحظى خشبة مسرح اكهوف الأثري بقبول وحضور وطلة تجمع بين عبق التاريخ وإبداع الفن لا مثيل لها في أي مسرح آخر. لذا ستكون هذه هي وجهتنا معك اليوم في جولة تاريخية ثقافية فنية فريدة من نوعها.

ربما لن تدرك الأهمية التي يحظى بها مسرح اكهوف كأقدم مسرح شهدته ألمانيا حيث أسسه الأب الروحي للفن المسرحي الألماني كونراد اكهوف إلا حينما تجلس في صالته التي تتسع لـ 165 مُتفرج تُتابع أحد عروضه المسرحية في حضرة خشبته وديكوراته الأثرية العريقة التي تستقبل مئات من العروض والجمهور والفنانين العِظام دون كلل أو وهن منذ أن شهدت أول عروضها في ثمانينات القرن السابع عشر وحتى الآن دون أن تفقد تصميمها الباروكي المُميّز مع ما تشهده من عمليات ترميم وتطوير. فإن كنت من هواة كلاسيكيات المسرح الأوروبي وملاحمه الخالدة فلن تجد أفضل من مسرح اكهوف الذي يقع ضمن مُحيط قصر أو قلعة فريدنشتاين المبنية على الطراز الباروكي.

وإن كانت زيارتك للمدينة صيفية فلا تُفوّت عليك عروض الأوبرا العالمية المُذهلة التي تُقدمها خشبة المسرح العريق خلال مهرجانه السنوي المُقام طوال شهري يوليه وأغسطس من كل عام. يفتح المسرح أبوابه للزوار يوميًا من العاشرة صباحًا وحتى الخامسة مساءً باستثناء العطلة الأسبوعية يوم.