تاريخ القلعة
في عام 1516، توقف ملك فرنسا “فرانسوا الأول” في مارسيليا بعد جولة من حروبه مع الملك “شارل الخامس” الإسباني وإمبراطور الإمبراطورية الرومانية. وذلك في نزاعتهم المستمرة للسيطرة على شمال إيطاليا. فوجد أن المدينة وميناءها المهم لا يمتلكون أي نوع من الحماية ضد الغزوات. فأمر ببناء القلعة في الجزيرة القريبة، ولكن الجدران الأولى تم بناءها فعليًا عام 1524 بعد هجوم الملك شارل على مارسيليا. وانتهى البناء عام 1531.
في منتصف القرن السادس عشر، استعمل الحصن كسجن مخيف، إذ من المستحيل الفرار منه. وأول سجين هو شوفالييه أنسيلم عام 1580. وأخر سجين مشهور هو الجنرال كليبر، الذي جاء إلى مصر مع الحملة الفرنسية ومات في القاهرة، فأرسلوا جثمانه إلى فرنسا ودفن في القلعة مدة 18 سنة. كما كان مقر احتجاز للمشاغبين في عدة أعمال شغب وثورات مرت على البلاد، مثل يونيو 1848 حيث احتجز 120 شخص، وفي ديسمبر 1852 حين اعتقل 304 من الثوار.
حصن مارسيليا بين الواقع والخيال
توالت العديد من الأساطير على هذه القلعة لشدة قوتها التي تبرز تبعًا قوة ملوك فرنسا. بعضها محض خيال والبعض الآخر له صحة تاريخية. كما كان السجن المقر الرئيسي لرواية “الكونت دي مونت كريستو” الصادرة عام 1844، والتي ألفها ألكسندر دوما صاحب الرواية الشهيرة “الفرسان الثلاثة”. وهي قصة مستوحاة من أحداث حقيقية، وتتأثر جدًا في طريقة كتابتها برواية “الملاح التائه” المصرية القديمة.
حيث تحكي عن “ادومند دونتيس”، الشاب الملاح على سفينة (فرعون)، والذي جاء إلى مارسيليا ليخطب حبيبته. ولكن تأمر عليه اثنين من زملاؤه الغيورين، ودبروا له مكيدة وتم اتهامه بالتآمر على نابليون بونابرت. وسُجن في هذه القلعة وظل هناك 11 عام إلى أن يأس من الحياة. ولكن أخيرًا تعرف على الأب فاريا الذي ساعده بالهروب من القلعة والجزيرة، ودله على مكان كنز كبير كان قد خبأه في جزيرة (مونت كريستو). فتمكن ادومند من الحصول على الكنز وبدأ سلسلة من الانتقام من كل الذين أخطأوا في حقه. حيث عاد إلى مارسيليا ليجد محبوبته متزوجة من أحد الأشخاص الذين غدروا به، بعد أن أقنعها أنه مات غرقًا.
الجزيرة نفسها
جزيرة فريولي تستحوذ على موقع مميز جدًا، وتبعد 2 كيلومتر من مارسيليا. وهي حوالي 125 متر مربع، أقصى عرض لها 180 متر، وطولها 300 متر. هي جزيرة فائقة الجمال في المناظر الطبيعية، وهي مصنفة كجزيرة تراثية لحصنها الشهير، ولاحتوائها على 400 نوع من النباتات الفريدة والأصلية. وذلك لموقعها والأرخبيل الذي يوفر تطور للنباتات في مناخ منفصل عن مارسيليا. كما يزورها 100 نوع من الطيور المحمية تقريبًا، وعند قاع البحر ستجد بعضًا من أندر الكائنات البحرية التي تعيش هناك في بيئتها الطبيعية الأصلية. وتم اعتبارها كمحمية في عام 2012 بعدما تأسست حديقة كالانكويس الوطنية.