مصر - التاريخ والثقافة

مصر في العصور القديمة

تعتبر بداية التاريخ المصري القديم منذ توحيد جزئي مصر العلوي والسفلي من قبل الملك نعرمر أو نارمر أو ومينا موحد القطرين، وقد حدث ذلك التوحيد في عام ثلاثة ألف ومائة وخمسين قبل الميلاد وبذلك يكون ذلك التاريخ هو موعد بزوغ الأسرة المصرية الأولى، وصارت الدولة في حالة استقرار لمدة كبيرة من الوقت حتى دخلت في مجموعة كبيرة من الاضطرابات والقلاقل، سميت تلك الفترة المضطربة باسم عصور الدولة المتوسطة، ثم بعد ذلك انتهت تلك الفترة وعادت الحياة هادئة أمنة مثل ذي قبل بل وذاد عليها تطور البلاد واتساع رقعتها ورقيها الكبير، وكانت تلك الفترة تسمى بعصور الدولة الحديثة، وكانت الأسباب الرئيسية في نجاح تلك الفترة ورقي الدولة بشكل كبير فيها هي القدرة والحنكة الفائقة من قبل الشعب المصري تجاه نهر النيل، فقد استطاع المصريون التكيف مع نهر النيل والتنبؤ بفيضاناته وجفافه حتى سيطروا تمامًا على العملية الزراعية ومنعوا الأضرار الجمة التي كانت تهدد التربة الزراعية.

هذا بجانب تطوير نظام الكتابة في الدولة المصرية حتى أصبح مستقل ولا يشابهه أحد، وأيضًا بنوا الأهرام والمقابر التي تعد من عجائب الدنيا السبع بجانب أسرار التحنيط التي لا تعرف ماهيتها إلى الآن، وطوروا من النظام العسكري ووضع خطط عسكرية ما زالت تدرس حتى يومنا هذا، واتسعت رقعة مصر الجغرافية حتى شملت شمال السودان والصحراء الليبية والنوبة وجزء كبير من بلاد الشام، مكونة بذلك أول امبراطورية في تاريخ البشرية ولكنها في النهاية سقطت فريسة في أيدي الفرس عام ثلاثمائة وثلاثة وأربعين قبل الميلاد.

مصر في العصر البطلمي والروماني

نأتي هنا للحديث عن مصر في العصر البطلمي فلم يهنئ الفرس طويلًا بحكم مصر حتى أنهم خرجوا منها بعد إحدى عشر عام فقط، فقد جاء الإسكندر الأكبر بحملة كبيرة لغزو مصر وبالفعل تمكن من إخضاع البلاد كلها في عام ثلاثمائة وأثنين وثلاثين قبل الميلاد، وبعد توفي الإسكندر قام قادته الكبار بتقسيم ممتلكاته بالتراضي وكانت مصر من نصيب القائد بطليموس الأول مؤسس الدولة البطلمية في مصر، وتعاقب على حكم مصر من البطالمة ستة عشر حاكم حتى انتهت على يد الرومان بعد الغزو البحري الساحق لتلك الدولة الكبيرة، وكان أخر ملوك البطالمة في مصر هي الملكة كليوباترا الشهيرة وولدها الصغير قيصرون الملقب ببطليموس الخامس عشر، فقد جاء الرومان بقيادة الإمبراطور أوكتافيوس ودخلوا في حرب كبيرة بالبحر الأيوني تمكن في أوكتافيوس من النصر وحكم مصر بشكل رسمي عام واحد وثلاثين قبل الميلاد، واستخدم الرومان مع المصريون قوة السلاح في توطيد الحكم وإدارة شئون البلاد، فقامت بإنشاء العديد من الثكنات العسكرية على طول الأراضي المصرية وأشهرهم حامية أسوان وحامية بابليون وحامية شرق الإسكندرية.

وكان حكم الرومان لمصر على النقيض من حكم البطالمة لها فالبطالمة كانوا مهتمين بمصر ويعملون على تطويرها ورقيها وسد حاجات الشعب، والرومان كانوا متخذين مصر كمصدر طعام للإمبراطورية الرومانية الكبيرة في قارة أوروبا، والسبب في ذلك أن البطالمة قد اعتبروا مصر دولتهم بحكم أنهم ورثوا الدولة بعد موت الإسكندر الأكبر وأسسوا دولة البطالمة بمصر، وقد حدثت الكثير من الصراعات والنزاعات داخل الأراضي المصرية بسبب السياسة الجائرة من الرومان حتى أقترب مجيء المسلمين إلى مصر وهنا ساعدهم المصريون للتخلص من حكم الرومان الغاشم.

مصر في العصر الإسلامي

بعدما عانى المصريون الأمرين تحت وطأة الرومان قرروا مساعدة المسلمين في فتح بلادهم نظرًا لما سمعوه عن عدل المسلمين مع البلاد المفتوحة، فقد جاء الصحابي والقائد عمرو بن ألعاص عام ستمائة وتسعة وثلاثين ميلاديًا بحملة تبعتها بعض الإمدادات العسكرية حتى فتحوا الدولة بأكملها في عامين فقط، وأنشأ المسلمون مدينة الفسطاط لتكون مركزًا للحكم بالبلاد وبالفعل كانت جديرة بذلك فمنها خرجت الكثير من الجيوش تتبعها الإمدادات العسكرية لفتح الشمال الأفريقي، وتعاقبت بعد ذلك العديد من الممالك والدول الإسلامية على مصر فبعد الخلفاء الراشدون كانت الدولة الأموية، ثم الدولة العباسية، ثم الدولة الطولونية التي تأسست على يد القائد أحمد بن طولون، بعدها دولة الإخشيديين، ثم الفاطميون الذي جاؤوا من المغرب العربي وأسسوا مدينة القاهرة التي اتخذت عاصمة للبلاد ولا زالت هكذا حتى يومنا هذا، وأسس الفاطميون أيضًا الجامع الأزهر الذي تحول بعد ذلك إلى جامعة الأزهر التي تعد أكبر مؤسسة تعليمية دينية إسلامية في العالم، وبعد ذلك جاء الأيوبيون وأخرجوا الفاطميين الذين كانوا يعتنقون المذهب الشيعي.

ومنذ ذلك الوقت أيضًا تعد مصر دولة إسلامية سنية على مذهب أهل الجماعة والسنة، ومع تعاقب وتغير تلك الدول كان المماليك الصغار يكبرون ويزدادون عددًا حتى قويت شوكتهم في عهد الدولة الأيوبية، وبعدما توفى القائد نجم الدين أيوب حاكم مصر في تلك الفترة تمكن المماليك من الوصول إلى الحكم ونجحوا في إنقاذ العالم الإسلامي بأكملها من الشرق إلى الغرب، حيث أنهم تصدوا لخطر المغول الزاحف الذي تمكن من القضاء على أغلب الدول الإسلامية التي كانت تبقى في وضعية الدفاع دائمًا، ولكن المماليك بقيادة سيف الدين قطز خرجوا إليهم وطوقوهم وذبحوهم عن بكرة أبيهم، وبذلك يتراجع المغول ويخرجون من أغلب الدول الإسلامية التي احتلوها والسبب في ذلك يرجع لدولة المماليك الموجودة بمصر، وبعد ذلك التاريخ أصبحت مصر حاكمة لأغلب العالم الإسلامي وهي الراعي والحامي الأول للمسلمين في كل مكان.

مصر في العصر الحديث

بعد ذلك جاء العثمانيون إلى مصر وكان ذلك في العام السابع عشر من القرن السادس عشر الميلادي، وظل الحكم في مصر للدولة العثمانية العليا حتى تمكن الوالي محمد علي بالانفراد بحكم مصر وتصبح الولاية من بعده لسلالته، وقد قام محمد علي بتأسيس مصر الحديثة وطور الدولة بشكل كبير حتى أصبحت تضاهي الدولة العثمانية العريقة، فقد أسس جيش قوي وأنشأ الكثير من المدارس الحربية وطور التعليم بالبلاد عن طريق إرسال بعثات تعليمية إلى الدول الأوروبية الكبرى، هذا بجانب العديد من الإصلاحات الأخرى التي أنشأها هذا القائد الكبير، وتعاقب على حكم مصر بعض من ذرية محمد علي حتى خرجت الدولة من حوزتهم وانتقلت إلى الحيازة البريطانية، فأصبت بريطانيا العظمى هي المسئولة عن مصر والمعينة لحكامها الذي يدينون بالولاء للإمبراطورية الكبيرة، وأصبحت مصر مملكة عام 1922 ولكن حدثت بعدها العديد من الاضطرابات والمشاكل بعد ظهور سعد زغلول بشكل ملفت عام 1919، وهذا العام هو تاريخ الثورة الكبيرة الأولى في العصر الحديث لمصر، وتبع هذه الثورة إلغاء الحماية الاسمية والفعلية على مصر من قبل المملكة المتحدة البريطانية، وحدث الإلغاء رسميًا عام 1922 في تصريح 28 فبراير.

الأدب والشعر في مصر

تتميز دولة مصر بأنها واحدة من الدول التي اهتمت بالأدب منذ قديم الأزل فيقول المؤرخون أن أولى الكتابات الأدبية المصرية كانت منذ عصور الأسر القديمة، وقد استمر الأدب في التقدم حتى تعرض لمنعطف سيء قبيل انتهاء دولة المماليك تمامًا ودخول العثمانيون إلى مصر، فقد كان الأدب في هذه الفترة متدهورًا جدًا ولكن ما لبث أن عاد إلى وضعه الطبيعي في العصر الحديث، فبعدما جاء محمد علي عزم على تطوير البلاد والأخذ بها إلى مركب التقدم والرقي العالمي، فأتصل بالدول الأوروبية الكبيرة عن طريق البعثات الكبيرة التي عززت دور مصر الفكري والأدبي، وأشهر أدباء وشعراء العصر الحديث في مصر هم عباس محمود العقاد وأحمد شوقي والمنفلوطي ومحمود سامي البارودي، وهذا الأخير قد قام بإنشاء مدرسة سميت الإحياء والبعث لتطوير الشعر والأدب في جمهورية مصر العربية، بعد ذلك ومع مرور الأعوام ازدهر الأدب القصصي بشكل عام حتى أصبح هو المهيمن على ساحة الأدب في ذلك الوقت.

والأدب القصصي ذلك يشمل بشكل شبه كلي القصة القصيرة والرواية، وبزغ في تلك الساحة العديد من الكتاب والمفكرين الذي ذاع صيتهم داخل مصر وخارجها مثل الأديب الكبير نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل بالعام الثامن والثمانين من القرن العشرين، وأيضًا الأديب طه حسين، وتوفيق الحكيم، ويوسف السباعي، وإحسان عبد القدوس، ويوسف إدريس، والعديد من الأدباء والشعراء الكبار.

الموسيقى والغناء

من الأشياء القديمة التي ارتبطت بالإنسان المصري القديم منذ العصور الفرعونية هي الموسيقى والغناء، وهذا ما أظهرته لنا نقوش المعابد والمقابر من رسومات توضع الآلات الموسيقية المستعملة في تلك الفترة، وهذا يفسر لنا اعتبار الموسيقى جزء لا يتجزأ من تشييع الميت ودفنه، ومع مرور الوقت وتعاقب الأزمنة لم تنتعش الموسيقى والغناء إلا في القرن التاسع عشر، ومنذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا تعد الموسيقى والغناء في مصر هي الأقوى بالوطن العربي، فقد بزغ عدة نجوم مصريين على ساحة الموسيقى والغناء العربية مثل محمد عثمان وعبده الحامولي، والموسيقار محمد عبد الوهاب، ورياض السنباطي، وفي التلحين بزغ فريد الأطرش وبليغ حمدي وكمال الطويل، هذا في القرن التاسع عشر فقط والذي بدأ مع تواجد محمد علي على رأس الدولة المصرية، أما القرن العشرين فقد تطورت الموسيقى والغناء بشكل أكبر وأسرع، حيث رأينا كوكب الشرق أم كلثوم، وليلى مراد، والعندليب عبد الحليم حافظ، وأسمهان، وشادية، ومنيره المهدية، جاء من بعدهم عمر خيرت، وياسر عبد الرحمن، وعمار الشريعي.

وفي الوقت الحالي يوجد عمرو دياب ومحمد منير وتامر حسني، وهما الأكثر مبيعًا في مصر والوطن العربي بالاشتراك مع بعض المغنيين العربيين، هذا بجانب العديد من المغنيين المحليين في مصر مثل محمد حماقي، ورامي صبري، وتامر عاشور، ومحمد حماقي، ومحمود العسيلي، وغيرهم، فبشكل عام يعتبر الغناء والموسيقي في مصر أمر ناجح جدًا.