فلسطين - التاريخ والثقافة

مرت فلسطين بمراحل تاريخية وسياسية عديدة، بداية بالحضارات التي تأثرت بها كالحضارة الفرعونية، البابلية، واليونانية وغيرها من الحضارات الهامة، وانتهاءً بما تعرضت له من اغتصاب واحتلال من قبل القوى العظمى التي تصارعت عليها لكسب ثرواتها ونهب ممتلكاتها كالاحتلال البريطاني والفرنسي والإسرائيلي. حتى أصبحت فلسطين بواقعها الحالي ومأساتها التي شهد لها التاريخ والعالم أجمع. القصة الكاملة لتاريخ فلسطين في السطور التالية.

فلسطين في العصور القديمة

عُرفت فلسطين في العصر الحجري القديم عند اكتشاف وجود آثار بشرية في جنوب بحيرة طبريا منذ أكثر من 600 ألف سنة ق.م، كما أشار العلماء إلى وجود مجتمعات زراعية في العصر الحجري الحديث، وفي العصر النحاسي تبين وجود آثار لأدوات نحاسية وحجرية بالقرب من أريحا والبحر الميت وبئر السبب.

ظهر الكنعانيون فيما بعد وهم شعوب قادمة إلى الأراضي الفلسطينية من شبه الجزيرة العربية بالفترة التاريخية ما بين 3000 إلى 2500 ق.م. وبحسب المؤرخين، فقد استولى على مناطق من أرض كنعان مجموعة من بني إسرائيل، قاموا بتقسيم أرض كنعان إلى مملكتي إسرائيل ويهودا، بينما استولى الآشوريون على المملكة الإسرائيلية، والبابليون على مملكة يهودا.

في عام 333 ق.م أصبحت فلسطين تحت الحكم اليوناني بعد أن استولى الإسكندر الأكبر على بلاد فارس، وبعد موته تناول على حكم البلاد كل من البطالسة المصريون والسلوقيون السوريون إلى أن تم ضم فلسطين إلى الإمبراطورية الرومانية في عام 63 ق.م.

وبعد صراعات بين أبناء الشعب والسلطات الرومانية الحاكمة تمكنت ملكة مصر “كليوبترا” آنذاك من السيطرة على الساحل الفلسطيني إلى أن دخلت البلاد في حكم البيزنطيين، وقد كان لفلسطين في تلك الفترة أهمية كبيرة لكونها مهدا للديانة المسيحية حيث ولد السيد المسيح عيسى عليه السلام في مدينة بيت لحم مما جعلها في العهد البيزنطي الديانة الرسمية للبلاد.

العصور الوسطى

بدأ عصر الدولة الإسلامية بفلسطين في تلك الفترة حيث وقعت معركة اليرموك الشهيرة بين المسلمين والبيزنطيين وانتهت بفتح فلسطين في عام 636 ونشرت الدعوة الإسلامية، فأصبحت القدس مدينة مقدسة، وهيمنت الدولة الإسلامية على البلاد فساد العدل وتخلص الفقراء وأبناء الشعب من العبودية والظلم.

وفي عامد 878 حُكمت البلاد من قبل السلطات المصرية وأصبحت منطقة ذات حكم ذاتي قرابة القرن، وفي العهد الفاطمي وبالتحديد في عام 970 تعرضت البلاد إلى اجتياح غاشم من قبل البربر. ونتيجة للحروب الكثيرة والصراعات استطاعت الإمبراطورية السلجوقية الكبرى من السيطرة على فلسطين في عام 1073، ومن ثم قام الصليبيون بالسيطرة على البلاد واحتلالها في عام 1099.

استمر الاحتلال الصليبي على أرض فلسطين لقرن كامل إلى أن وقعت معركة حطين الشهيرة في عام 1187 واستطاعت القوات الإسلامية بقيادة صلاح الدين الأيوبي من الانتصار والقضاء على الدولة الصليبية وانهيار الدولة البيزنطية. أما في العهد المملوكي فقد تعرضت البلاد إلى معارك عديدة لعل أشهرها معركة عين جالوت التي كانت من أهم المعارك التي خاضها المسلمون وانتصروا فيها انتصارا ساحقا ضد المغول، ثم تمت السيطرة على فلسطين وبلاد الشام من قبل العثمانيين في عام 1516.

في عام 1798 استطاع نابليون بونابرت من السيطرة على القاهرة وبالتالي تمكن من هزيمة الجيش العثماني في المناطق الساحلية لفلسطين وبالتحديد في الناصرة وطبرية، إلا أنه سرعان ما عاد إلى مصر بعد هزيمته وفشله في احتلال مدينة عكا في عام 1799.

فلسطين المعاصرة

بعد انهيار الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى أصبحت فلسطين مطمعا للقوى الأوروبية العظمى، حيث تم تقسيم البلاد إثر وثيقة تفاهم سرية ما بين فرنسا وبريطانيا وروسيا في عام 1916 وإعلان بريطانيا عن سياستها من خلال وعد بلفور في نفس العام. وفي عام 1917 أصبحت فلسطين تحت السيطرة الإنجليزية بالكامل لتقع تحت الانتداب البريطاني في عام 1920 والذي يعطي الأحقية للهجرة اليهودية إلى الأراضي الفلسطينية.

وفي عام 1949 وقّعت كل من مصر والأردن اتفاقية هدنة مع إسرائيل تنص على احتفاظ مصر بقطاع غزة واحتفاظ الأردن بالضفة الغربية، لتستقبل اللاجئين الفلسطينيين بعد الاحتلال الإسرائيلي وحرب عام 1948 التي أدت إلى انسحاب بريطانيا من فلسطين وإعلان الدولة الإسرائيلية.

تأسست منظمة التحرير الفلسطينية التي كان يرأسها أحمد الشقيري آنذاك في عام 1964 وقد تم الاعتراف بها كممثل شرعي ينوب عن الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية، حيث أنها معظم الفصائل الفلسطينية مثل حركة فتح والجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية وغيرها من الأحزاب.

أما في عام 1967 وقعت حرب ما بين القوات العربية التي تتمثل في مصر والأردن وسوريا وبين إسرائيل انتهت بالهزيمة العربية والسيطرة على باقي أجزاء الأراضي الفلسطينية من قطاع غزة والضفة العربية وسيناء المصرية والجولان السورية، وتنحى على إثرها الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، وهاجر معظم الفلسطينيين إلى الدول العربية المجاورة.

اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987، وبعد مفاوضات سرية وقعت ما بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات آنذاك على وثيقة للسلام تفيد بانسحاب إسرائيل من قطاع غزة وبعض المناطق الأخرى وإدارة الشئون الداخلية للبلاد من قبل السلطة الفلسطينية. وفي عام 1994 انسحبت القوات الإسرائيلية جزئيا من غزة والضفة الغربية إلا أنها خلفت ورائها العديد من المستوطنات التي تسيطر عليها قوات الدفاع الإسرائيلي.

الانتفاضة الفلسطينية الثانية والتي تسمى بانتفاضة الأقصى وقعت في عام 2000 وذلك بعد الزيارة التي قام بها آرييل شارون صاحب مجزرة صبرا وشتيلا الشهيرة إلى بيت المقدس. وفي عام 2008 أجريت انتخابات تشريعية في فلسطين كانت نتيجتها فوز حركة حماس التي أصبحت مسئولة عن قطاع غزة، وفي تلك الفترة قامت القوات الإسرائيلية بفرض حصار على الشعب الفلسطيني في غزة مستمر حتى الآن، ومازال الشعب الفلسطيني يعاني من ويلات الاحتلال الصهيوني.

ثقافة فلسطين

ثقافة فلسطين تعبر بشكل كبير عن هوية الشعب الفلسطيني بما فيها من معاناة جراء ما مرت به من أحداث تاريخية مأساوية نتيجة للصراعات المتتالية على أرضها منذ عصور قديمة، كما تتميز بالتنوع والخليط ما بين عدة ثقافات أخرى خلفها الاستعمار الأجنبي.

تحتضن فلسطين العديد من الفنانين والمثقفين والمسرحيين على مر التاريخ أمثال مي زيادة وعزمي بشارة وخليل بيدس وغيرهم من أدباء ومثقفي القرن العشرين، وقد كانت وما زالت منبرا للندوات والمهرجانات الثقافية والفنية العديدة، كما تحتوي على العديد من المراكز الثقافية والجمعيات الأدبية.

أما على صعيد الفن، فالإبداع الفلسطيني للفنون الشعبية والتراثية وصل إلى العالمية حيث اشتهرت فلسطين بالفن الفلكلوري لرقص الدبكة والتطريز الفلسطيني على الأثواب والكوفية التي تغنى بها الفنانين وكانت رمزا للثورة الفلسطينية.

وإذا نظرنا إلى تاريخ الفن السينمائي في فلسطين سنجد بأن الأفلام السينمائية الروائية والوثائقية استطاعت أن تثبت أقدامها في السينما العالمية حيث أنها شاركت في العديد من المهرجانات السينمائية العالمية وحصلت على جوائز عديدة، وتم ترجمة معظمها إلى عدة لغات كالإنجليزية والفرنسية والعبرية.

الشعر الفلسطيني له النصيب الأكبر في تطور الأدب الفلسطيني وازدهاره، فمعاناة الشعب الفلسطيني ترجمت إلى أشعار رائعة تغنى بها العديد من الفنانين مثل أشعار محمود درويش، سميح القاسم، وغسان كنفاني.