سوريا - مناطق الجذب السياحي

دمشق: العاصمة الأولى في التاريخ

عندما تحدث عن مناطق الجذب السياحي في أي دولة كانت لابد أن نبدأ بالعاصمة وذلك لكونها الأهم على الإطلاق في الدولة، والعاصمة في الجمهورية العربية السورية هي دمشق التي تعد واحدة من أقدم مدن العالم والعاصمة الأولى في التاريخ، تحتوي دمشق على العديد من مناطق الجذب السياحي وأولى هذه المناطق هو قصر العظم، فقد تم تشييد هذا القصر في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي أثناء تواجد الدولة العثمانية في سوريا، ويتواجد هذا القصر تحديدًا بالقرب من الجامع الأموي الكبير الذي سنتحدث عنها لاحقًا، وهو في الركن الشمالي من سوق البزورية العتيق، وتبلغ مساحة قصر العظم ستة آلاف وأربعمائة متر مربع تحديدًا، وقد تم تشييد هذا القصر بأمر من والي سوريا في هذا الوقت وهو أسعد العظم أو أسعد إسماعيل العظم كما يسمى، وهو بحق من أجمل القصور الإسلامية وخير شاهد على تقدم العمارة والفن الإسلامي في تلك الفترة.

فنحن نرى فيه الحجر والخشب والرخام والمعدن الذين نقشت عليهم الزخارف الإسلامية الجميلة، ويوجد في قصر العظم شيء مميز وفريد من نوعه وهو جناح لم يتم بناءه مع أعمال بناء القصر ولكن قد شيد قديمًا وتم بناء القصر في نفس المنطقة ليصبحوا في لُحمة واحدة، ويتواجد ذلك الجناح القديم في الجهة الجنوبية الشرقية من القصر ويسمى بالجناح القديم، ويأتي قصر العظم ببوابة ضخمة تليها بوابة صغيرة تسمى خوخة وهي ذات لون بني غامق، والقصر الآن بمثابة متحف للتقاليد الشعبية ففيه الفلكلور السوري الجميل وتقام عنده بعض الاحتفالات والعديد من الأشياء الأخرى، فإذا كنت في سوريا وهبط بمطار دمشق الدولي كعادة أغلب المسافرين فعليك أن تتجه إلى زيارة قصر العظم الدمشقي الملون الجميل.

الجامع الأموي بدمشق

ما زلنا مع مدينة دمشق العاصمة السورية التاريخية وسوف نتحدث هنا عن الجامع الأموي بدمشق وهو يعد رابع أشهر مسجد إسلامي في العالم، حيث أن الأول هو المسجد الحرام ثم الثاني المسجد النبوي ثم الثالث المسجد الأقصى والرابع المسجد الأموي، ويأتي الجامع بتصميم معماري فخم جدًا شارك في بنائه عمال من الهند والفرس والرومان، وقد بدأت عملية البناء والتشييد في العام الخامس من القرن الثامن الميلادي بأمر من الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان، ويوجد في الجامع الأموي محراب وحنية وكان وجودها في ذلك الجامع هو التواجد الأول من نوعه وبعدها سارت الكثير من المساجد على نفس المنهاج، والسبب في كون ذلك المسجد هو الأول من نوعه في تلك النقطة هو أن المسجد من الأساس كان كنيسة للنبي يوحنا المعمدان نسيب المسيح وفق الديانة المسيحية، والنبي يحيى بن زكريا وفق الديانة الإسلامية.

ومن الجدير بالذكر أن قبر جسد هذا النبي لا يزال موجود في الجامع حتى يومنا هذا، ويوجد في المسجد أيضًا مقبرة تضم بعض رفات القائد المغوار صلاح الدين الأيوبي، وأيضًا توجد فتحة في المسجد يقال أن رأس الحسين بن علي قد وضعت عليه، وقد تعرضت بعض أجزاء المسجد للاحتراق ثلاثة مرات ولكنها رممت مرة أخرى وعادت إلى ما كانت عليه وأخر عملية ترميم قد حدثت في العام الرابع والتسعين من القرن العشرين، ويعتبر المسجد ثاني أهم معلم سياحي في الجمهورية العربية السورية، لذا ينصح المسافرين دائمًا بزيارته ورؤية مدى تقدم العمارة والفن الإسلامي في سوريا بتلك الفترة، وخاصة إن كنت من معتنقي الديانة الإسلامية فسيكون الجامع ذو أهمية أكبر لديك.

سوق حميدية بدمشق

من مناطق الجذب السياحي الهامة في مدينة دمشق هو سوق حميدية القديم، وهو يعد السوق الأشهر على الإطلاق في سوريا ويأتي إليها العديد من الزوار والسائحين من كل حدب وصوب، وقد صنف السوق كواحد من الأسواق الأقوى شهرة وتأثيرًا في العالم العربي، زد على ذلك أنه يعد مركزًا تجاريًا وصناعيًا في آنٍ واحد، ويأتي سوق الحميدية ببلاط بازلتي ذو لون أسود وسقف حديدي بالكامل مليء بالثقوب صغيرة الحجم الهدف من وجودها إدخال الهواء ونور الشمس في الصباح، وقد تم تشييد سوق الحميدية في العام الثمانين من القرن الثامن عشر أثناء تواجد السلطان عبد الحميد الأول العثماني، وهذا ما نلاحظه في اسم السوق الحميدية المشتق من اسم السلطان عبد الحميد الأول، ويحتوي السوق على كل ما يحتاج إليه الإنسان من أشياء وخاصة المتعلقة بالصناعة السورية.

فمثلًا نجد الملابس وأدوات الزينة والديباج والذهب والأحذية والسجاد والمفروشات، هذا بجانب الأشياء التراثية مثل الأقمشة والأرابيسك والمصنوعات النحاسية وغيرها، فالسوق بالطبع لا يخلو من أي شيء ولكنه مميز بكونه يحتوي على الأشياء التراثية الخاصة بالجمهورية العربية السورية، وينقسم السوق إلى أسواق صغيرة نوعًا ما يختص كل واحدًا منهم ببيع شيء معين، فمثلًا لدينا سوق الصوف وهو مخصص لبيع كل المنتجات الصوفية، ولدينا سوق القطن وسوق العبي وهو مخصص لبيع كل المنتجات القطنية بجانب العباءات التي تشتهر بها سوريا ودمشق على وجه التحديد، ولدينا أيضًا سوق الخياطين وهو واضح من اسمه، وسوق الذهب المخصص للحلي بكافة أنواعه، وسوق العرائس المخصص لبيع لوازم العروس قبل زفافها، ولدينا سوق الحريقة المخصص للأقمشة.

ولا ننسى سوق البزورية وهو يبيع الحبوب والسمن والبذور المجففة والبهارات والزيوت وكل ما يتعلق بالغذاء، وغيرها من الأسواق الفرعية الأخرى وأهمها سوق مدحت باشا وهو سوق ليس بالصغير في الحجم أو يختص بشيء معين بل هو سوق يشبه سوق الحميدية، وقد بناه مدحت باشا الوالي العثماني على سوريا في تلك الفترة، ومن الأشياء المميزة في ذلك السوق أيضًا هي البوظة الدمشقية الأصيلة حيث توجد العديد من المحلات الخاصة بعملها وبيعها للناس، وأشهر هذه المحلات هو محل بوظة بكداش الذي اُفتتح في الخامس والثمانين من القرن التاسع عشر.

حلب: الأكبر في سوريا

تعد مدينة حلب هي الأكبر من حيث المساحة والسكان في سوريا وقد كانت المدينة الثالثة بعد القسطنطينية والقاهرة أثناء الحكم العثماني، وتحتوي هذه المدينة على العديد من مناطق الجذب السياحي كونها نشأت منذ أكثر من أربعة آلاف عام، ومن الآثار الموجودة بها دير سمعان والذي سمي بذلك الاسم نسبة إلى القديس المسيحي سمعان العامودي، حيث كان هذا القديس يسكن في الدير دائمًا يتعبد فيه حتى حمل الدير اسمه وخلده إلى يومنا هذا، وقد كان ذلك الدير يسمى بالثلانيسوس قبل مجيء القديس سمعان، وبعدما ذهب هذا القديس إلى الدير كان يصعد على عمود طوله يصل إلى خمسة عشر متر تقريبًا، وكان يأتي إليه التلاميذ وعامة الناس ويصعدون على العمود للتعبد مع القديس، ويعتبر الدير هو أهم مكان في سوريا بالنسبة للمسيحيين ولذا فغالبية المسيحيين بسوريا إن لم يكن جميعهم قد زاروا ذلك الدير، ومن الجدير بالذكر أنه بعد فتح سوريا من قبل المسلمين قام الأمير الأموي عمر بن عبد العزيز بتعيين والي مخصص لذلك الدير، وتوفى الوالي في السادس والثمانين من الهجرة ودفن في الدير.

أبواب حلب القديمة

من الآثار الشامخة والباقية حتى يومنا هذا هي أبواب حلب القديمة التي تميز المدينة عن باقي المدن السورية، حيث أنه لم تعد توجد أبواب لدخول المدن إلا حلب ما زالت أبوابها موجودة حتى يومنا هذا فلكي تدخل المدينة يلزمك عبور أبوابها، وقد وقفت هذه الأبواب شامخة حامية لتراب المدينة من أي غزو خارجي أو اعتداء عليها، ويقول المؤرخون أن عدد الأبواب كان خمسة عشر باب أما الآن فلم يعد يوجد سوى ستة أبواب فقط، أشهرهم هو باب قنسرين الذي تم تشييده من قبل سيف الدولة الحمداني، ولكن أعيد تجديده وترميمه في العام الرابع والخمسين من القرن السادس من قبل الملك الناصر، ويتكون ذلك الباب الهام من أربعة أبواب فرعية أثنين بالوسط وواحد يلي المدينة والآخر يلي البرية.

ولدينا أيضًا باب الحديد الذي حمل ذلك الاسم نسبة لمن كانوا يقطنون بجانبه ممن يعملون بمهنة الحدادة قديمًا، ولكن مع مرور الوقت تم العمل بالعديد من المهن عند ذلك الباب ولكن بقي اسمه كما هو باب الحديد، ويقول بعض المؤرخون أن سبب حمله لذلك الاسم هو كونه الباب الأشد متانة وصلابة من بين أبواب حلب، حيث أن هذا الباب قد تحمل الكثير من الصدمات والهجمات والحروب والشدائد وظل محتفظًا برونقه وهيئته حتى يومنا هذا، وبالمناسبة فقد تم بناء الباب من قبل السلطان المملوكي قانصوه الغوري أخر سلاطين هذه الدولة والذي هزم على يد السلطان العثماني سليم الأول، ولدينا أيضًا باب أنطاكية الباب الأجمل على الإطلاق من بين أبواب حلب العديدة، ويطل هذا الباب على الجهة الغربية للمدينة التي تحمل نفس اسمه.

ويعتبر ذلك الباب هو الأهم من بين الأبواب الأخرى لحلب حيث كانت التجارة تمر من خلاله، وتم إنشاء العديد من المدارس والمراكز التجارية بجانبه حتى ازدادت أهميته شيئَا فشيئًا، ولدينا أيضًا باب النصر والذي كان يحمل اسم باب اليهود قديمًا ولكن تم تغيير اسمه من قبل الملك الظاهر غياث الدين غازي، والسبب في تغيير اسمه هو أن هذا الملك لم يعجبه الاسم حيث كان مسلم ولا يحب اليهود فأمر بهدم الباب وإعادة بناءه من جديد ثم تسميته بباب النصر، كانت هذه هي أهم وأشهر أبواب حلب القديمة فإذا ذهبت إلى تلك المدينة فيتوجب عليك زيارتها بكل تأكيد.

الجامع الأموي بحلب

على غرار الجامع الأموي بدمشق نجد الجامع الأموي بحلب والذي تم بناءه في عصر الدولة الأموية على يد الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان، ولكن هناك بعض المؤرخون الذي ينسبون بناء الجامع إلى الخليفة سليمان بن عبد الملك بن مروان، عامة يعد ذلك المسجد هو الأكبر في حلب كلها وأحد أقدم المساجد الموجودة بها، وهو يتواجد تحديدًا في شارع الجامع الأموي بحي الجلوم، وبالمناسبة فقد أدرجت تلك المدينة ضمن قائمة منظمة اليونسكو العالمية للتراث ولذا يعد الجامع ضمن التراث العالمي الذي ينصح بزيارته والمحافظة عليه، ويحتوي الجامع على أربعة أبواب كل واحدًا منهم يطل على مكان معين وهام في المدينة، فالباب الأول وهو الشمالي يطل على جوار المئذنة، والباب الثاني وهو الجنوبي يطل على سوق النحاسيين.

والباب الثالث وهو الشرقي يطل على سوق المناديل، والباب الرابع وهو الغربي يطل على شارع المساميرية، ننتقل بعد ذلك للحديث عن المئذنة الخاصة بالمسجد وهي لم تبنى في مرحلة واحدة بل تم بناءها على عدة مراحل، بدأت أولى مراحلها في عهد الأمير سابق بن محمود وانتهت في عهد السلطان تتش بن ألب أرسلان، وتأتي المئذنة بشكل مربع ذي ارتفاع يصل إلى خمسة وأربعين مترًا، والمئذنة تتكون من خمسة مستويات أعلاهم قمة بها شرفة، وتعد تلك المئذنة فريدة من نوعها ولم نرى مثلها في العمارة الإسلامية بأكملها، وأهم ما يميزها هي النقوش والزخارف الموجودة عليها.

درعا: محافظة التاريخ العتيق

نأتي هنا للحديث عن محافظة أخرى تعد ضمن نطاق مناطق الجذب السياحي في الجمهورية العربية السورية ألا وهي محافظة درعا، وأولى المناطق الأثرية في تلك المحافظة هو مدرج أو مسرح بصرى كما يسمى، ويتواجد هذا المدرج في قلعة أثرية رومانية قديمة ضمن أراضي مدينة بصرى الشام التابعة لمحافظة درعا، ويقول المؤرخون أن هذا المدرج قد تم بناءه في القرن الثاني الميلادي تقريبًا على يد الرومان، حيث كانت الدولة الرومانية تحتل الشام في تلك الفترة وظلت بها لمدة لا بأس بها من الوقت، ويتميز هذا المدرج بالعديد من المخارج والأبواب الجانبية التي تتيح لمن يدخله الخروج منه بسهولة وسلاسة حتى لو كان موضع زحام، وهذا ما تم معرفته وقت إقامة الحفلات والعروض الفنية في المدرج.

حيث أن الدولة تقوم بتنظيم مهرجان دولي لها في مهرجان بصرى مرة كل عامين يحضره آلاف الزوار، وعلى ذكر الزوار فالمدرج سعته تصل إلى خمسة عشرة آلاف شخص تقريبًا، أما عن أبعاد المسرح فهو يأتي بطول خمسة وأربعين متر مربع وعرض يصل إلى ثمانية أمتارًا ونصف، ويعتبر هذا المسرح هو الوحيد من نوعه في عصرنا هذا حيث أنه لا يوجد ما هو أقدم ولا أكمل منه، لذا يجب على من ينوي زيارة سوريا وتحديدًا محافظة درعا أن يذهب إلى مدينة بصرى ويشاهد جمال ذلك المسرح الروماني، بل وسترى ما يضاهيه جمالًا أيضًا ألا وهي قلعة السرح الروماني فالمدرج من الأساس يقع داخل قلعة أثرية رومانية جميلة.

الجامع العمري

من الآثار القديمة والشهيرة في محافظة درعا هو الجامع العمري أو جامع العروس كما يسمى، وهو الذي بني بأمر من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب حينما فتحت الشام في عهده، وقد مر هذا الجامع بالعديد من عمليات الترميم نظرًا لقدمه وعدم كفاءة عملية البناء الأولى له، وقد حدث في ذلك الجامع العمري حدثًا هام كان أحد أسباب شهرته الكبيرة في الوقت الحالي، حيث أن الثورة السورية التي قامت في منتصف شهر مارس عام 2011 كانت شرارتها الأولى من جامع العمري، وكان شيخ وإمام الجامع وهو أحمد صياصنة له دورًا كبير في ترتيب أحداث الثورة وتسييرها حتى صار شيخ الثورة بالنسبة للسوريين، ويحتوي الجامع العمري على صحن خارجي ومئذنة وقد تم هدم الأخيرة من قبل جيش النظام السوري أثناء أحداث الثورة وتحديدًا في الثالث عشر من نيسان عام 2013، ومن الجدير بالذكر أن الجامع العمري موجود في مدينة درعا مركز المحافظة التي تحمل نفس الاسم أيضًا درعا.