الكويت - التاريخ والثقافة

تاريخ الكويت

من الأشياء البديهية أن تاريخ دولة عريقة مثل الكويت لا يُمكن أبدًا إجماله في لُحمة واحدة، وإنما يجب تقسيمه على عدة مراحل مع منح كل مرحلة ذلك القدر الذي تستحقه من الحديث، وأول هذه المراحل وأهمها طبعًا مرحلة التاريخ القديم.

التاريخ القديم

بالنسبة لأي دولة في العالم تُصبح المرحلة التي تسبق التأريخ الميلادي مرحلة في غاية الأهمية لكونها تُعبر عن البدايات والقيمة التاريخية، وفيما يتعلق بدولة الكويت على وجه التحديد فإن التاريخ القديم ظهرت العديد من الشواهد على بدايته في العصر الحجري الحديث والعصر الحجري الوسيط، وذلك من خلال اكتشاف عدة أدوات قديمة في منطقة الكويت الأم وكذلك جزيرة أم النمل، كذلك كان هناك صراع بين الكثير من الحضرات القديمة على دخول الكويت التي لم تكن مطمع بحد ذاته وإنما فقط تمهيد للسيطرة على المنطقة، وهو الأمر الذي نجح فيه اليونانيين قبل ثلاثة آلاف عام من بداية التأريخ الميلادي، وهو الوقت الذي يُمكن القول عنه أنه الوقت الحقيقي لظهور الكويت بشكلها الحالي.

عندما ظهرت الكويت كانت تحمل اسم فيلكا أو فيلجا، وهو لفظ يُقصد به الماء الجاري، حيث أنه كانت جزء من جزيرة كبيرة تم تقسيمها فيما بعد، المهم أن الإنسان في ذلك التوقيت قد بدأ في احتضان الحياة البشرية داخل الكويت من خلال ظهور نشاطات الزراعة والتجارة، أيضًا ظهرت الحروب بين الإنسان ومع قرب بداية التأريخ الميلادي كان العرب هم المشكلون الرئيسيين لهذه المنطقة، وهو ما يُمكن وصفه بالتمهيد الأول للحضارة الإسلامية التي مثلت مرحلة كاملة من تاريخ الكويت.

مرحلة التاريخ الإسلامي

لم يتأخر الفتح الإسلامي كثيرًا عن دولة الكويت، فقد دخلها سنة 12 هجريًا على يد خالد بن الوليد بعد أن سجل انتصاره على الساسانيين في معركة تُعرف باسم ذات السلاسل درات بمنطقة كاظمة الكويتية، وقد كانت الكويت مفتاحًا لبقية الدول الخليجية التي دخلت واحدة تلو الأخرى في الحكم الإسلامي الذي استغل القرامطة فترة ضعفه أيام الأمويين وقاموا بالسيطرة على الكويت، بعد ذلك انقسمت داخليًا إلى عدة إمارات إسلامية صغيرة كانت صامدة بدرجة غريبة للغاية إلى أن جاءت مملكة هرمز التي حظيت بفرصة للسيطرة على الكويت خلال القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر، وهو ما يعني ببساطة أن الحكم الإسلامي كان صامدًا في التاريخ الكويتي مع الاقتراب من بدايات العصر الحديث.

العصر الحديث الفعلي بدأ بسيطرة البرتغال على الكويت من خلال بوابتها الشرقية، لكن العمانيون تمكنوا من إنهاء تلك السيطرة الكويتية بمساعدة الكويتيين أنفسهم، بعد ذلك جاءت مرحلة هامة في التاريخ الإسلامي ظهر فيها الأتراك وتمكنوا من السيطرة على منطقة الخليج بالكامل بما في ذلك الكويت، ومع أن الأمور قد استتبت من ناحية الصراع السياسي إلا أن الكويت لم تسلم من الكوارث الطبيعية في نهايات هذه المرحلة، وذلك في صورة الطاعون الذي قتل أكثر من نصف السكان عام 1831 وكذلك عام الجوع الذي واكب سنة 1867 وحدثت فيه مجاعات كادت أن تجعل الناس يأكلون بعضهم البعض، المهم في النهاية أن أهل الكويت صمدوا حتى دخول مرحلة التاريخ الحديث.

التاريخ الحديث

يبدأ التاريخ الحديث فعليًا من الوقت الذي تمردت فيه بعض القبائل الكويتية على الدولة العثمانية وقاموا بمحاربتهم وضربهم في أماكن كثيرة بقصد الحصول على دولة تركية مستقلة، وقد بدأ ذلك تحديدًا عام 1891، ثم مع الوقت لم تعد المعركة معركة الكويت والأتراك فقط، فقد دخل في الصورة أيضًا الألمان والبريطانيين والذين كانوا يحظون بطموحات ومخططات من أجل السيطرة على مفاتيح التجارة في الكويت، فمثلًا بريطانيا عرضت الحماية مقابل السيطرة الخارجية على التجارة وألمانيا عرضت الحماية من أجل إنشاء خط سكة حديد يربط بين برلين والكويت ويسيطر على التجارة في كامل أسيا وأوروبا، ثم جاء بعد ذلك اكتشاف الكويت للنفط كي تُصبح مطمعًا بصورة أكبر وأكبر، لكن ذلك الأمر لم يتم بسبب انهيار الدولة العثمانية وكذلك ظهور الحرب العالمية الأولى والثانية، حيث تُبعت هذه الحروب بموجة استقلال قضت على القوى العظمى.

بعد انتهاء السيطرة الخارجية بدأ الصراع الداخلي بين القبائل الكويتية التي كان على رأسها قبيلة الصباح التي سيطرت على الحكم فيما بعد، لكن خلال ذلك حدثت معركة لم تكن متوقعة بين الكويت والعراق، تلك المعركة انتهت بسيطرة العراق على الكويت وضمها إلى حكمها لتكون بذلك المحافظة التاسعة عشر، بيد أن الأمم المتحدة لم تعترف بذلك وحاربت العراق التي لم تستمر لسبعة أشهر كاملة في الكويت، ويُمكن القول أنه منذ ذلك التاريخ، وهو عام 1991، بدأت الكويت الحقيقية في التقدم والظهور مستغلة بذلك الاستقرار السياسي والنهضة الاقتصادية التي كان قوامها الأول النفط.

ثقافة الكويت

عندما نتحدث عن الحياة الثقافية داخل الكويت أو في أي دولة أخرى في العالم فليس المقصود أبدًا الوضع الثقافي أو التعليمي، فالثقافة تشمل جوانب كثيرة قد يعتقد البعض أنها غير موجودة أساسًا، وعلى رأس هذه الجوانب المطبخ.

المطبخ

أثر المطبخ الكويتي كثيرًا على ثقافة دولة الكويت، وذلك للاتصال الكبير بين الكويت والهند ودول غرب أسيا، حيث أسهم ذلك في مجال التوابل والأطعمة الحارة، كما أنه ثمة بعض الوجبات الشعبية غاية الأهمية، ومن أشهرها هناك البريش والهريس ومجبوش ومطبق، كذلك ثمة نقلة كبيرة في مجال الحلويات كالغريبة والعصيدة، على العموم، المطاعم التي تُقدم المأكولات الكويتية ليست كثيرة، لذلك مثل هذه الوجبات سوف تكون موجودة أساسًا في البيوت والقرى تحديدًا.

الرياضة

تشغل الرياضة أيضًا جزء لا يُستهان به من الهوية الثقافية الكويتية، فمثلًا لعبة كرة القدم، والتي تُعتبر اللعبة الشهرية الأولى والأهم، تحظى بدعم كبير وتمكنت من تحقيق عدة إنجازات لا يُستهان بها، إذ أن أول فريق عربي أسيوي تمكن من الوصول إلى كأس العالم كان الكويت، وكذلك بطولات الخليج التي تحصل عليها الكويت بغزارة والأندية الشهيرة الموجودة بها مثل العربي والكويتي والكاظمية، وبالنسبة اللعبة الثانية فهي كرة اليد، يليها بعض الألعاب الفردية كالفروسية والتسلق وألعاب الدفاع عن النفس، وبشكل عام، الرياضة في الكويت تأخذ وضعًا لا يُستهان به.

الدين

يُعد الدين كذلك من المشكلات الكبرى للحياة الثقافية في دولة الكويت، فقد عرفت هذه الدولة الدين قبل بداية التأريخ الميلادي من خلال اليهودية، ثم أخذت المسيحية دورها لفترة قصيرة قبل أن تأتي الإسلامية وتُهيمن هيمنة كاملة، وكل هذه الديانات كان لها انعكاس على ثقافة الشعب الكويتي وعاداته وتقاليده، كما لا ننسى وجود أثر ظاهر للغاية على العمارة، فهناك مساجد وكنائس كويتية غاية الروعة والإبهار المعماري، وهو أمر يستحق أن يُصنف كتأثير على الثقافة العامة بالتأكيد.

الأدب

في الحقيقة لم يحدث الاهتمام الفعلي بالحياة الأدبية في دولة الكويت إلا في القرن المنصرم، وتحديدًا عام 1924 وعهد الملك مبارك الصباح، بعد ذلك ظهرت الأندية الأدبية والمجلات الثقافية، وطبعًا أشهر هذه المجلات في الوقت الحالي مجلة العربي الكويتي التي تُعتبر مرجعًا في المجلات الأدبية وأهم مجلة موجودة في الوطن العربي وليس فقط الكويت، أما الأدب فهو يأخذ جانب الروايات أكثر من أي شيء آخر، إذ أن الروائي الكويتي سعود السنعوسي قد حصل على جائزة البوكر، أو الجائزة العالمية للرواية العربية، في عام 2013، كما أنه ثمة أدباء كُثر من الكويت متواجدون الآن بقوة على الساحة الأدبية العربية وربما العالمية، ولذلك لا خوف أبدًا على الحياة الأدبية بهذه الدولة.

الفن الكويتي

أشهر الفنون وأهمها داخل الكويت فن المسرح، فهو فن الصفوة هناك، وقد بدأ في عام 1922 قبل أن يتعرض لحركة تذبذب ويُسيطر عليه مجموعة من الهواة، لكن هذا الأمر تغير مع البعثات الأوروبية وقدوم جيل مثقف مسرحيًا اهتم بإنشاء المدارس التي تُعلم هذا الفن وكذلك إنشاء مجموعة مسارح في مدينة الكويت، المشكلة الحقيقية أن الشعب الكويتي لم يهتم أساسًا بهذا الفن واعتبره صعبًا، بل كان الاهتمام الأكبر بالموسيقى التي تُعتبر من نوعيات الفنون المدللة هناك، فمشاهير الفن بالكويت أساسًا مُطربين، كما ثمة وجود للموسيقى العالمية بجوار الموسيقى الشعبية المحلية، حتى القبائل البدوية القليلة المتناثرة في صحاري الكويت لا تجد متنفس فني لها بخلاف الموسيقى والطرب بشكل عام.

فيما يتعلق بالسينما داخل دولة الكويت فهي ذات مستوى ضعيف للغاية، إذ أنه ليس هناك نجوم أقوياء وأبطال حقيقيين ذوي نجاح وانتشار كبير، كما أن الأفلام جودتها ليست بالشكل الذي يسمح بالمنافسة، وهذا الأمر ينطبق كذلك السينمات التي على الرغم من عددها الكبير والمنتشر إلا أنها تهتم فقط بعرض الأفلام العالمية، لكن يُمكن القول إن هذا الضعف يعوضه الوجود القوي للدراما في الكويت، إذ أن المسلسلات الكويتية يتم إنتاجها بشكل مستمر وتُعد ناجحة نسبيًا بالمقارنة مع الدراما في بقية الوطن العربي، أو دعونا نكون أكثر تحديدًا ونعترف بتميزها على نطاق الخليج.