البحرين - التاريخ والثقافة

العصور القديمة

تقول الكتب التاريخية أن الذكر الأول لمملكة البحرين كان قبل الميلاد بأربعة آلاف عام تقريبًا، وقد كانت تسمى حينها ببلاد دلمون والسبب في ذلك هو أن حضارة دلمون قد نشأت فوق أراضي المملكة، عامة كانت تجري في تلك الفترة تعاملات تجرية قوية بين البحرين وبلاد الرافدين وهذا ما أوردته لنا الكتابات المسمارية القديمة، فالبحرين تعد من الدول ذات الموقع الهام في قارة آسيا حيث أنها كانت المعبر التجاري لشمال إفريقيا والهند والعراق وبلاد الخليج، واستطاعت استغلال موقعها ذلك في شراء الأخشاب والأعشاب والتوابل ومن إفريقيا والهند ثم بيعها في العراق ودول الخليج، هذا بجانب شراءها للنحاس من سلطنة عمان وبيعه للعراق أيضًا، فبلاد الرافدين تعد أكبر مستهلك للسلع القادمة للبحرين بحكم أراضيها الواسعة وعظمة إمبراطورتيها.

ومع مرور الوقت وتحديدًا قبل ألفي عام من الميلاد قام سرجون الأكادي حاكم الأكاديين في تلك الفترة باحتلال مملكة البحرين، فقد ضمها إلى إمبراطورتيه بدون أي مجهود يذكر، وكانت المملكة تدفع له جزية سنوية وخاصة قبيلة آكاروم الكبيرة، ومظل الأكاديون يحكمون البحرين لفترة من الوقت حتى جاءت الإمبراطورية الإخمينية واستلمت الحكم في البلاد، وكان استلام الحكم ذلك في القرن الرابع قبل الميلاد تقريبًا ولكنه للأسف لم يدم طويلًا، حيث جاءت الإمبراطورية البارثية في القرن الثالث قبل الميلاد وفرضت سيطرتها على المنطقة حتى تمكنت من ضم مملكة البحرين وسلطنة عمان وبعض المناطق المجاورة لهم على الساحل، وبعدها بستة قرون أي في القرن الثالث الميلادي قام الإمبراطورية الساسانية الفارسية بقيادة أردشير الأول بشن حملة على المنطقة واستطاعت فيها ضم سلطنة عمان ومملكة البحرين.

وقد تم تعيين القائد شابور كوالي على المنطقة وبالمناسبة فهذا القائد هو ابن أردشير الأول فاتح تلك البلاد، وظل الفرس الساسانيين يحكمون مملكة البحرين حتى جاء الفتح الإسلامي إليها وتمكن من القضاء على الحكم الفارسي وتثبيت دعائم الحكم الإسلامي في البلاد، ومن الجدير بالذكر أنه أثناء تواجد الفرس الساسانيين في البحرين لم يكن الحكم كله لهم خلال تلك الفترة الكبيرة، فقد كانوا يعينون بعض الحكام العرب عليهم ممن لهم شأن كبير بين قبائل المملكة.

العصور الوسطى

نأتي هنا للحديث عن العصور الوسطى في مملكة البحرين وهي تبدأ من فترة ظهور الحكم الإسلامي في المنطقة، فقد كانت تحكم البحرين قبيلة تدعى بني تميم وقائدها هو المنذر بن ساوي وهذه القبيلة كانت تعد الأكثر عددًا وقوة في المنطقة، تليها قبائل بني بكر بن ربيعة وعبد القيس وبعض القبائل الأخرى، وفي قلب البحرين كانت توجد كنيسة المشرق الكبيرة ولذلك فإن أغلب سكان البلاد كانوا معتنقين للديانة المسيحية، ولكن بعد مجيء الفتح الإسلامي تغير الوضع تمامًا ودخل سكان البحرين في الدين الإسلامي أفواجًا رغبة منهم لا رهبة، وأول الولاة المسلمين الذين تعينوا عليها هو الصحابي العلاء الحضرمي وكان ذلك في العام السابع للهجرة، وهذا التاريخ المتقدم يوضح لنا أن مملكة البحرين كانت من أوائل المناطق التي دخلت الإسلام.

وظل الإسلام مسيطر على البلاد حتى حدثت الفتنة الثانية وفيها خرج البحرين عن الحكم الإسلامي، حيث أنه قد وقعت فتنة كبيرة بعد وفاة الخليفة يزيد بن معاوية الأموي، واستطاعت قبيلة النجدات إحدى طوائف الخوارج من إحكام سيطرتها على البحرين وطرد العمال المسلمين، واستمرت البلاد هكذا حتى استعادها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وضبط أحوالها كما كانت من قبل، بعد ذلك جاءت الدولة العباسية واستلمت الخلافة الإسلامية ثم جعلت البحرين مع سلطنة عمان في عقد واحد تابعين في حكمهم لولاية اليمامة، ولم يمضي سوى مائة وخمسين عام فقط حتى ظهرت على ساحة الجزيرة العربية حركة تسمى القرامطة، وتمكنت هذه الحركة من ضم البحرين وعمان وشرق الجزيرة كلها، وبذلك تستقل البحرين عن الحكم العباسي إلا جزيرة واحدة تسمى أوال.

حيث تمكنت تلك الجزيرة من صد حكم القرامطة وخطبت للخليفة العباسي على منابرها، وحاول القرامطة ردعهم ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك بل خرج عرب البحرين كلها ضدهم فقضوا على حكمهم وأخرجوهم من البلاد، وحكم البحرين عدة قبائل وطوائف مختلفة حتى جاء البرتغاليون إليها في العام الواحد والعشرين من القرن السادس عشر، ودخلت البلاد تحت حكمهم لمدة ثمانين عام تقريبًا حتى جاءت الدولة الصفوية وقضت عليهم وتسلمت حكم الجزيرة في العام الثاني من القرن السابع عشر، ولكن الحكم للصفويين لم يدم طويلًا فما لبث أن قام حلف بني عتبة بقيادة آل خليفة من السيطرة على مملكة البحرين، ولم تمض سوى عدة أعوام حتى هاجمهم حكام سلطنة عمان ولكن هجماتهم ذهبت أدراج الرياح.

العصور الحديثة

بعدما تسلم حلف بني عتبة الحكم لم يستتب لهم الأمر إلا بعد دفع جزية معينة للدولة السعودية الأولى وهي إمارة الدرعية، ولكن السعوديين لم يقبلوا بتلك الجزية طويلًا وحاولوا السيطرة على حكم البلاد بشكل مباشر، وفي ظل هذه الصراعات جاءت بريطانيا العظمى إلى منطقة الجزيرة العربية وضموا بعض المناطق إلى حكمهم، ولكنهم حرصوا على إبقاء مملكة البحرين مستقلة وبعيد عن أي صراعات أو تبعيات، والسبب في ذلك هو أن البحرين تمتلك موقع تجاري هام تربط بين تجارة الهند وبلاد الخليج، وبالفعل قامت بريطانيا بإرسال رسالة إلى فيصل بن تركي السعودي مفادها أن يدع البحرين وشأنها لتصبح إمارة مستقلة، وعلى أثر ذلك أرسلت بريطانيا أسطول بحري لحماية البحرين في عام 1860 ولم يمض سوى عام واحدًا فقط حتى عرض البريطانيون على آل خليفة حكام البلاد أن تبقى البحرين تحت حماية بريطانيا العظمى.

ومع القليل من المشاورات اتفق كلا الطرفين على الحماية التي استمرت حتى العام الواحد والسبعين من القرن العشرين، وخلال هذه الفترة التي تجاوزت القرن جرت العديد من الأحداث فوق الأراضي البحرينية، أهمها النزاعات التي حدثت بين قبيلة الدواسر الكبيرة مع حكام المملكة آل خليفة، وتم تصعيد الأمور إلى بريطانيا العظمى لتصدر حكم بجلاء الدواسر عن البحرين بالقوة، وأيضًا قد أكتشف النفط في أراضي مملكة البحرين بالعام الثاني والثلاثين من القرن العشرين، وكان هذا الاكتشاف هو الأهم في تاريخ المملكة فبسببه قفزت البلاد خطوات عديدة في المجال الاقتصادي شأنها شأن كل دول الخليج.

وأيضًا لا ننسى مطالب الجمهورية الإسلامية الإيرانية في ضم البحرين لها، وكان ذلك المطلب استنادًا على بعض المعاهدات القديمة وظهر قبيل جلاء البريطانيون عن المملكة، ولكن الأمر لم يتم لهم بسبب الاستفتاء الذي أجري في البحرين بضمهم من عدمه، وكانت نتيجة الاستفتاء هو الرفض ومنذ ذلك الوقت استقلت مملكة البحرين واتخذت الصورة التي هي عليها الآن، وتعد البحرين هي أحد أكثر الدول نموًا وتقدمًا في العالم وهذا ما نرى مثيله في معظم دول الخليج العربي إن لم يكن جميعهم، والسر في ذلك هو اكتشاف الذهب الأسود المسمى بالنفط.

الثقافة والأدب في البحرين

ننتقل بعد ذلك للحديث عن الثقافة والأدب في مملكة البحرين فمن حيث الثقافة فإن البحرين تعد من أكثر الثقافات رقيًا في الشرق الأوسط، وبسبب ذلك التقدم والرقي فقد أطلق عليها لايت الشرق الأوسط، فهي تجمع بين عادات وتقاليد الخليج العربي مع مزيج من التقدم الغربي الحديث، فقد نرى بها الزي الخليجي المعروف من عباءة وعقال وكوفية وأيضًا نرى الزي الغربي المعروف، وهذا الأمر ينطبق على النساء أيضًا ولكن بشكل قليل فالغالب هو العباءة والحجاب والخمار، بعيدًا عن ذلك فهناك تسامح ديني كبير في المملكة فلا توجد أي صراعات بين معتنقي الديانات السماوية أو غيرها، مع الوضع في الحسبان أن البحرين لديها تعدد ديني لا بأس به.

أما عن الأدب في مملكة البحرين فهو يخطو خطوات جيدة وسريعة جدًا، فمنذ عشرينيات القرن العشرين والأدب في البحرين يزداد تقدمًا حتى أن المسارح قد ازداد عددها أيضًا، ومن المسارح الكبيرة والحديثة في البحرين هو مسرح جلجماش ومسرح أوال ومسرح الصواري وغيرها من المسارح الأخرى، وبعيدًا عن ذلك فقد انتشرت المجلات والصحف في البلاد، وزادت أعداد الكتاب والأدباء حتى ذاع صيت الأدب البحريني في البلاد المجاورة.

الفن والموسيقى والمسرح

أخذ الفن البحريني في التقدم شيئًا فشيئًا حتى ظهرت حركة الفن البحريني الحديثة في منتصف القرن العشرين، ولم يمض سوى عامين فقط حتى قامت الحكومة البحرينية بإنشاء نادي للفنون الأدب يجمع تحته العديد من المجالات، فاشترك به المحترفون والهواء من مجالات عدة مثل الموسيقى والفنون الشعبية والمسرح والعديد من الأشياء الأخرى، أما عن الموسيقى فهي للأسف لا تلقى اهتمامًا كبيرًا من الجهات المختصة في المملكة، فبالرغم من قوة الأشخاص الموسيقيين في البلاد إلا أن الحكومة لا تدعم هذا المجال إطلاقًا، أما عن المسرح وهو أكثر المجالات تقدمًا واهتمامًا في مملكة البحرين فقد شهد ازدهارًا كبيرًا في بدايات القرن العشرين، وظهرت مسرحيات ذات طراز أوروبي حديث جعلت الفن أكثر متعة واشتعالًا.

ومن أكثر الكتاب المسرحيين في مملكة البحرين هم عقيل سوار، وعلي الشرقاوي، ويوسف الحمدان، وإبراهيم العريض، وقبلهم سعد الله ونوس، وتوفيق الحكيم، وغيرهم من الكتاب والفنانين المسرحيين، وفي الوقت الحالي توجد العديد من المسارح مثل مسرح الصواري، المسرح الأهلي، ومسرح البحرين الوطني، ومسرح أوال، ومسرح جلجماش، ومسرح الريف، والمسرح الأهلي، وغيرها من المسارح الأخرى الأقل شهرة.

اللغة واللهجة في البحرين

تعد اللغة العربية هي اللغة الرسمية والأكثر انتشارًا في البلاد وتليها مباشرة اللغة الإنجليزية التي تزداد انتشارًا مع مرور الوقت، والسبب في ذلك هو أن اللغة الإنجليزية مطلب أساسي في سوق العمل البحريني والخليجي والعربي بأكمله، فزاد انتشارها رغبة في العمل والتعلم حتى أن هناك بعد المدارس التي تعمل باللغة الإنجليزية في كل جوانبها، تأتي بعد ذلك بعض اللغات الأخرى التي يقتصر انتشارها على من هم أهل لها، مثل اللغة الهندية للجالية الهندية الكبيرة التي تعيش في مملكة البحرين، واللغة الفارسية للشيعة المسلمين ثاني أكبر طائفة في الدولة بعد السنة المسلمين، وتوجد أيضًا اللغة الأردية التي يتحدث بها الباكستانيون، أما عن اللهجة فشعب البحرين يتحدث اللهجة البحرينية وهي متشابهة جدًا مع لهجة دول الخليج، وتوجد أيضًا لهجة أخرى تستخدم بين شيعة البحرين وهي اللهجة البحرانية التي تتشابه كثيرًا مع لهجة أهل العراق.