التخطيط للرحلة من أهم وأصعب الأمور التي يفكر فيها السائح بعد تحديد رغبته في زيارة بلد معينة، خاصة وإن كانت هذه البلد هي ويلز، حيث تتعدد الوجهات السياحية بين المناطق الطبيعية والشواطئ والغابات، وبين المتاحف والقلاع التاريخية، وبين مراكز التسوق والمنتجعات والأنشطة الترفيهية في الحدائق والملاهي، ومن الصعب عمل مسار يرضي جميع أفراد الأسرة في أيام قليلة، ولذلك يمكن للسائح العربي الاعتماد على المسار التالي المكون من خمسة أيام في جنوب ويلز، لأنه قادر على تلبية جميع الرغبات، وهو متنوع ليشمل جميع الأذواق كما يوفر الكثير من المال لسهولة التنقلات وقربها من بعضها، وللتمتع بجنوب ويلز حيث عدد السكان الأكبر والمدن الفاخرة مثل كارديف ونيوبورت.
اليوم الأول: العاصمة كارديف
يبدأ المسار من العاصمة كارديف، حيث يمكن للسائح الوصول إلى المطار الدولي والذهاب إلى الفندق الذي حجز فيه مسبقًا لتوضيب الأغراض وللحصول على فطور خفيف، ثم تبدأ الرحلة الشيقة لاستكشاف مدينة كارديف عاصمة ويلز، ولا يوجد أفضل من قلعة كارديف الشهيرة لدخول مباشرة إلى قلب العمارة الويلزية وتاريخها العريق، تاريخ القلعة يعود إلى 2000 عام قبل اليوم، وتحكي عن تاريخ الرومان في ويلز، والعظمة الفيكتورية في العمارة عندما قام بترميم وتجديد المبنى، ماركيز بوت وهو أغنى رجل بالعالم في عصر الملكة فيكتوريا، إنها قلعة وقصر خيالي فائق الجمال وتحيطه من كل ناحية المساحات الخضراء والمروج، ولن يمل السائح أبدًا من التجول داخل القلعة ومعروفة أسرارها.
بعد الظهر، سيكون السائح مع موعد للتمتع بالمذاق الويلزي في أحد مطاعم كارديف الفاخرة، حيث ينتقل السائح عبر الطريق المخصص للمشاة من قلعة كارديف إلى قلب المدينة، وهو طريق يمتلئ بالمطاعم الفاخرة المطلة على القلعة أو شوارع المدينة، من المطاعم الكبيرة على سبيل المثال: مطعم Carluccios، ومن المطاعم المحلية الحائزة على جوائز: مطعم The Potted Pig، وأي مطعم سيقع عليه الاختيار سيقدم للسائح تجربة فريدة جدًا، وبعد الغذاء يمكن استكمال استكشاف المدينة في المقاهي ومراكز التسوق بقلب المدينة، ومن أشهر المراكز المهمة في كارديف هو مركز تسوق سانت ديفيد، وهو من أفضل المراكز في المملكة المتحدة كلها، وبالمساء يمكن حضور إحدى الفاعليات أو العروض، أو التمشي على الشاطئ والتمتع بصفاء ليل ويلز.
اليوم الثاني: خليج كارديف
بعد الاستراحة من اليوم الأول يجب أن يبدأ السائح يومه في التاسعة صباحًا أو قبل ذلك، للحصول على وجبة فطور بالفندق والتوجه مباشرة إلى خليج كارديف، حيث يوجد أفضل شاطئ وممشى في ويلز، هذا الخليج كان بيوم من الأيام أكبر ميناء فحم بالعالم، حيث تم تصدير 10 ملايين من أجود أنواع الفحم بالعالم (فحم الأنثراسيت) سنويًا، اليوم تم صنع خليج بين نهري Ely ونهر تاف وخلق حديقة مائية بمساحة 500 فدان، يمكن هناك رؤية الحياة البحرية على ظهر القوارب السريعة، أو الاستمتاع بالتمشي على الممشى وتأجير دراجة أو السماح للأطفال باللعب على الشاطئ.
بالقرب من خليج كارديف يوجد مركزين حيث يتقابل العلم مع الخيال، وهما من أفضل الأماكن الترفيهية والتعليمية في ذات الوقت للأطفال والكبار في ويلز، المركز الأول هو متحف العلوم Techniquest، ويتم فيه تشجيع الأطفال على اللعب بالمعروضات العملاقة التي تزيد عددها عن 150 لعبة كبيرة، من الخارج تبدو مجرد ألعاب ولكنها قادرة على توصيل أصعب القوانين الفيزيائية للأطفال، والمركز الثاني يقع على بُعد عشر دقائق وهو “مركز تجربة الدكتور هو”، وهو مركز للتفاعل والتلاعب بالحواس في إطار خيالي وتشويقي، الدكتور هو عبارة عن بطل في المسلسل التلفزيوني المسمى باسمه ويتم تصويره في أستوديو BBC الواقع بجانب المركز مباشرة، ويتم استغلال شهرة المسلسل والخيال العلمي في محتواه لتعليم وتسلية الأطفال داخل المركز.
اليوم الثالث: التاريخ والتراث والحياة البرية
اليوم الثالث بالرحلة مخصص للتعرف على تاريخ وتراث ويلز ومدى عراقة تلك البلد، ويبدأ اليوم من الصباح الباكر في متحف التاريخ الوطني في منطقة St Fagans خارج كارديف مباشرة، يتم تصنيف المتحف كأحد أفضل المتاحف المفتوحة بالعالم لقدرة على عرض التاريخ والتراث الويلزي بشكل حي وملموس، في الخمسين سنة الماضية تم بناء 40 مبني على مساحة 100 فدان، جميع المباني تعرض جزء من التاريخ أو التراث الويلزي بما في ذلك مباني مثل المدارس، المزارع، المحلات التجارية، المنازل التقليدية، وغيرهم، وفي تلك الأبنية يمكن التعلم حول الحرف اليدوية في ويلز، الطرق التقليدية للحياة وتقاليد المجتمع هناك، والحصول على متعة كبيرة بممارسة الرياضة والرقص الشعبي والعديد من الأماكن المخصصة للأطفال، وأفضل ما في التجربة أنها مجانية.
بعد الظهر يمكن الاتجاه غربًا إلى وادي غلامورغان، وهي عبارة عن منطقة كبيرة من المساحات الخضراء الزراعية بجانب أشهر سواحل ويلز وأكثرها جذبًا للسياح وبالأخص العائلات، وهو ساحل التراث كما يطلقون عليه، الساحل يمتد على مسافة 14 ميل، وهو مكون من منحدرات صعبة وتكتلات صخرية غاية في الروعة، ويوجد عدد من الخلجان مثل خليج Dunraven الأسهل في الوصول والذي يحتوي على مجموعة من الأنشطة الترفيهية الصالحة لكل العائلة، بالإضافة إلى جميع التسهيلات للتنقلات العائلية والتمتع بجمال طبيعة الوادي الخصبة والحيوانات البرية، وهناك يمكن قضاء بقية اليوم دون ملل.
اليوم الرابع: الوديان والشلالات ومناجم الفحم
لا داعي لوصف مدى جمال الطبيعة الويلزية الفريدة من نوعها، فببساطة يشعر العديد من السياح هناك بأنهم في بلد من خارج كوكب الأرض لشدة روعة المناظر الطبيعية والسهول والمنحدرات والشلالات الطبيعة، ولذلك في اليوم الرابع من المسار يجب التمتع أكثر بجمال وديان وشلالات ويلز، ولتبدأ الرحلة من وادي Neath حيث تتساقط الأنهار من سلسة جبال بريكون بيكونز وتمر خلال الوادي وتشكل مجموعة من الشلالات الجميلة، البعض منها لا يحتوي على منحدرات صعبة ويمكن للأطفال التمتع بالشلال مثل Sgwd Gwladys، والبعض الآخر يشكل تحدي صعبًا بسبب المنحدرات الخطيرة والتي تصلح لعشاق المغامرات الطبيعية مثل شلال Sgwd yr Eira، عند شلالات Aberdulais Falls يوجد مزار سياحي كبير حيث يمكن السؤال عن أفضل طريقة للتمتع بالمنطقة أو الاستعانة بخبير ومرشد سياحي في أحد المراكز المنتشرة هناك.
بعد الظهر يمكن التوجه عبر طريق A465 من الوادي للوصول إلى مدن مهمة في جنوب ويلز مثل: إبو فال، Rhymney، ميرتير تيدفيل، ومدينة روندا، تلك المدن حازت على سمعة كبيرة جدًا في الوقت الذي كان فيه الفحم هو المصدر الأساسي للطاقة حول العالم، لأن تلك المدن كانت من أكبر المدن المصدرة للفحم في فترة ازدهاره قبل مائة عام من الآن، ففي عام 1913 عمل في مجال تعدين الفحم في ويلز أكثر من نصف مليون شخص داخل 500 منجم فحم، واليوم يعد الطريق المتصل بين هذه المدن مزار سياحي للتعرف على ملامح تلك الصناعة الكبيرة، بين المعالم الأثرية التي خلفتها تلك الحقبة، والمباني القديمة التي توضح حياة هؤلاء العمال، والمناجم المتبقية حيث توجد فرصة للنزول 90 متر تحت الأرض واختبار التحدي الحقيقي الذي واجه عمال المناجم، ولا يمكن نسيان متحف التعدين الوطني في بلينافون الذي يلخص تلك الفترة من تاريخ ويلز.
اليوم الخامس: مونماوثشاير
يتغير المشهد بمجرد أن يغادر السائح منطقة مناجم الفحم ويتوجه شمالًا إلى مدينة أبيرجافيني، يُطلق على المدينة بوابات ويلز، وهي قرية ريفية كلاسيكية تحتفظ بعادات وتقاليد المجتمع الويلزي، وتشتهر بإقامة الأسواق كل سبت وثلاثاء وجمعة، ويحيط بالمدينة سبعة تلال، وهي من أجمل مناطق التنزه المناسبة للأطفال، أهمهم Skirrid، ويوجد على القمة كنيسة تاريخية مدمرة يمكن زيارتها، في نزهه تمتد لساعتين.
بعد الظهر يجب أن يقوم السائح بزيارة لواحدة من أهم قلاع ويلز الغريبة، قلعة تشيبستو في وادي Wye بمونماوثشاير، لأن ويلز تمتلك حوالي 400 قلعة، ولكن هذه القلعة من أفضل عشر قلاع، تم بناء القلعة بشكل هندسي عجيب على قمم ومنحدرات خطرة في الوادي وكانت وظيفتها هي حماية معبر النهر من إنجلترا إلى ويلز أثناء الحروب، واليوم هي من أفضل مناطق الجذب السياحية للعائلات للتمتع بتاريخ المنطقة وجمال الطبيعة، كما يمكن قيادة السيارة عبر المناطق الخضراء والمدن القريبة وزيارة دير تنتيرن الشهير.
بذلك تنتهي رحلة الخمسة أيام في ويلز، وهي رحلة بسيطة غير مكلفة ومناسبة لكل أفراد العائلة، كل ما على السائح هو ترتيب جدول الرحلة والتنسيق بين الأماكن ومعرفة كيفية التنقل بين مكان وآخر على الخريطة، كما يمكن إضافة أو حذف بعض الأماكن أو الأنشطة كما يناسب ذوق السائح الخاص.