لا أحد يختلف بالتأكيد على أن هولندا تُعد من أهم الدول الموجودة حاليًا، سواء في أوروبا أو العالم بأكمله، والحقيقة أن تلك الأهمية تنبع من وضع بعض النقاط فوق الأحرف، وبمعنى أكثر دقة، التعرف على بعض الأشياء المتعلقة بهذه الدولة كالتاريخ والجغرافيا والطقس والسكان، وفي السطور القليلة المُقبلة سوف نُحاول فعل هذا بأقصى ما نملكه من جهد، وذلك من خلال استعراض التاريخ القديم لدولة هولندا وبدايتها، كذلك المرور بجغرافيا الدولة ومساحتها، ولن ننسى سكانها طبعًا وحياتهم الخاصة، لكن البداية الآن سوف تكون مع التاريخ، فهو العنصر الأهم بلا شك.

تاريخ دولة هولندا

تشكُلّ هولندا الحالية بدأ قبل حوالي خمسمئة عام نتيجة لبعض التحولات الجغرافية المُختلفة، أما أول إنسان عُثر على رفاته في هذه المنطقة وثبت أنه عاش في هولندا فيرجع تريخ موته إلى مئتين وخمسين عام، وربما العصر الجليدي كان شاهدًا بقوة على وجود كثافة سكانية متوسطة، قبل أن تزيد في العصور التالية مع توافد معظم القبائل التي كانت تقطن المناطق القريبة، والواقع أن الوجود البشري الأول كان أغلبه من الصيادين والبحارة، والدليل على ذلك أن أقدم قارب على الأرض عُثر على بقاياه داخل هولندا أيضًا، عمومًا، بمرور الوقت توافدت الكثير من الحضارات ومع ظهور فكرة الاحتلال والسيطرة كانت الحضارة الرومانية هي صاحبة اليد العُليا بهذا الصدد، إلا أن تتابع الحضارات والثقافات هذا قد انقطع تمامًا في القرن الخامس عشر مع بداية فكرة الدولة الهولندية أو الجمهورية الأولى، وهي التي لا تزال مُستمرة وقائمة حتى وقتنا الحالي، بيد أن قوتها الكبرى كانت في القرون الثلاث الماضية، وفي القرن التاسع عشر دخلت هولندا مرحلة النهضة الصناعية وشيئًا فشيئًا أصبحت ضمن مصاف الدول الكبرى، هذا فيما يتعلق بالاستعراض السريع للتاريخ، لكن ماذا عن الجغرافيا يا تُرى؟ الإجابة موجودة في السطور القادمة.

جغرافيا دولة هولندا

جغرافيا أي مكان في العالم من الأمور الهامة جدًا لأنها هي التي تدل على وجوده في الأساس، وفيما يتعلق بخطوط العرض فإن الجمهورية الهولندية تقع بين خمسين وأربعة وخمسين درجة شمالًا، أما فيما يتعلق بدوائر الطول فهي تمتد بين الثلاث والثماني درجات، وكل هذا يُمثل في النهاية مساحة تصل إلى 41543 كيلو متر مربع، وقد تم تقسيم هذه المساحة إلى حوالي اثني عشر مقاطعة، وما يُميز هذه المساحة على الرغم من صغرها نسبيًا أنها تضم بداخلها ثلاث أنهار هامة، تلك الأنهار هي الراين والفال والماس، وكلها أنهار هامة كما ذكرنا وتنبع من دول كبرى منها فرنسا، أما بالنسبة للحدود ففي الشمال يتواجد الجزء الأوروبي، والشمال والغرب يتواجد بهما البحر الأسود، بينما الجنوب لبلجيكا والشرق لألمانيا، وهي حدود جيدة للغاية كما نرى وتتميز بوجود العديد من المنافذ والرئات، أي أنها ليست بالدولة الحبيسة مثلما هو الحال مع الدول التي تمتلك نفس المساحة الصغيرة التي تمتلكها هولندا.

الطقس في هولندا

الطقس في هذه البلد الجميلة طقس جيد للغاية، فالمناح هناك مناخ بحري، وبالتالي يكون الصيف معتدل، أما الشتاء فيكون باردًا بعض الشيء، وبسبب الوجود المتكرر للغيوم، وخاصةً في فصل الشتاء، يُمكننا أن نلحظ قوة الأمطار وكثرتها، لكن بشكلٍ عام يبقى الفصل الأجمل في هذه البلد الجميلة هو فصل الربيع، فمن أراد أن يقوم بزيارة أو جولة في هولندا عليه أن يتحين فصل الربيع الذي يبدأ في شهر إبريل غالبًا، وكذلك الصيف سيكون جيد، لكن الشتاء هو الذي ربما يشهد بعض المعاناة من الزوار، وخاصةً أولئك الذين لم يعتادوا من قبل على الطقس الأوروبي البارد، وإن كنا في النهاية لن نُقارن شتاء أوروبا بشتاء روسيا مثلًا، فالشتاء هناك جحيم بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، وعادة ما يجد السياح صعوبة بالغة في التأقلم معه، ولهذا فإن طقس هولندا يستحق تمامًا وصف الطقس الجيد، لكن ماذا عن السكان؟

السكان في هولندا

ربما سيدهشكم ذلك، لكن على الرغم من أن أعداد السكان في دولة هولندا تتجاوز بالكاد الستة عشر مليون نسمة إلا أن هذه الأعداد تمنح هولندا لقب الدولة الكثيفة سكانيًا في قارة أوروبا، فقد قلنا من قبل أن مساحة هولندا تبلغ حوالي أربعين ألف كيلو متر مربع، وبالتالي هذه المساحة مقارنةً مع أعداد السكان سوف تبدو كبيرة للغاية، عمومًا، يتكلم السكان في هذه البلد الكُبرى اللغة الهولندية، وفي بعض الأماكن يتم التحدث بالألمانية السفلى، وهي لغة من اللغات القديمة، أما المعدل السكاني المتعلق بالنمو فهو نصف بالمئة تقريبًا، وكل هؤلاء طبعًا يأخذون الشكل الأشقر الذي تمتاز به أوروبا بالكامل، بل وهناك إحصائية تقول أن هولندا تُعتبر الدولة الثالثة من حيث جمال البشر الموجودين بها، الجمال الخلقي بالتأكيد، وبالنسبة للديانة فهي المسيحية بالتأكيد، بيد أنه ثمة خمسة بالمئة من هذه الأعداد تدين بالإسلامية، وهي نسبة كبيرة بالطبع، أما أشهر الأعياد فتتمثل في عيد القيامة المجيد وعيد رأس السنة، وبشكلٍ عام يتميز سكان هولندا بالهدوء والسكون، فهم يبتعدون تمامًا عن الصراعات والنزاعات، وربما هذا الأمر ينطبق كذلك على توجه الدولة سياسيًا.

أهم ما يميز هولندا

ثمة بعض الأمور التي تُميز هولندا ومن الأفضل أن تعرفها حتى يكون لديك علم بهوية وشكل المكان الذي أنت مُقدم على التعامل معه، وأهم هذه الأمور أن الشعب الهولندي يعشق عشقًا كبيرًا فاكهة البرتقال ويعشق الطبيعة بشكلٍ عام، حيث أنه يقيم من أجل البرتقال والطبيعة العديد من المهرجانات، أشهرها مهرجان البرتقال ومهرجان الزهور، ولا ننسى طبعًا أن ذلك العشق قد انعكس على الملابس والأشياء الخاصة التي يستخدمها هذا الشعب، فهي تحمل أيضًا اللون البرتقالي، والزي الرسمي للمنتخب الهولندي في الألعاب الرياضية يشهد على هذا الأمر، أيضًا يُميز هولندا الاهتمام الشديد بالفنون، فبغض النظر عن وجود فنان عالمي كبير في هولندا مثل فان جوخ فإنه أيضًا ثمة مهرجان للفنون يُقام بشكل سنوي ويكون هدفه الأول والرئيسي جمع الفنانين من كل مكان في العالم، سواء كان الفن الذي نتحدث عنه فن الرسم أو السينما أو المسرح أو النحت أو الموسيقى، في النهاية حالة العشق تشمل كل الأنواع بلا استثناء، وأخيرًا من ضمن مميزات هولندا كذلك تنوع أماكن الجذب التي تتواجد بها، فبعض الدول إما أن تكون مناطقها أثرية قديمة أو حضارية حديثة أو مُتعلقة بجانب الحدائق والمنتزهات والمناظر الطبيعية، لكن هولندا تمتلك تلك الأنواع الثلاث.