طبعًا عزيزي السائح لا أحد يُمكنه الاختلاف على الأهمية الكبرى التي يأخذها مسار أي رحلة، فالتخطيط للشيء أهم بكثير من القيام به دون سابق إنذار، وإذا طبقنا هذا الأمر على دولة هنغاريا فسنجد أنها دولة سياحية بامتياز، لكن بالرغم من ذلك قد لا يكون هناك إلمام بالأماكن والمدن التي يُمكن زيارتها خلال المسار، ومن هنا تظهر الحاجة إلى قالب جاهز أو مسار جاهز إن جاز التعبير، وهذا ما سنقوم به الآن، والبداية ستكون مع اليوم الأول في الأيام الثلاثة التي حددناها كوقت مناسب جدًا للمسار، فأين سنقضي هذا اليوم يا تُرى؟

اليوم الأول

بعض الناس يظنون أن العاصمة والمدن الشهيرة في أي دولة تكون هي الأجمل على الإطلاق من الناحية السياحية، وربما سيدهشكم ذلك إلا أن هذا الاعتقاد خاطئ تمامًا، فالمدن النائية الغير شهيرة تُعتبر نظريًا المدن السياحية الجاذبة، ومثال ذلك تلك المدينة التي سنقضي بها اليوم الأول من مسارنا، والحديث هنا عن مدينة نيرغهازا، فهي سابع أكبر مدينة من حيث المساحة وأعداد السكان، لكن بالرغم ذلك نجدها مميزة من الناحية سياحية، على العموم مسارنا سوف يبدأ بزيارة حديقة حيوانات نيرغهازا، الحديقة الرئيسية في المدينة، وبالتأكيد الجميع يعرف كيفية التمتع في هذا المكان، والذي سنخرج منه ونتجه إلى المتحف المكشوف، وهو متحف كبير في قلب نيرغهازا معروف بامتلاكه الكثير من القطع المميزة التي أغلبها له مرجع تاريخي مميز، ومن التاريخ إلى الفن، حيث يُمكننا زيارة المتحف الفني في المدينة واستطلاع كل ما فيه قبل أن نزور المنتزه الرئيسي ليكون بذلك النصف الأول من اليوم الأول من مسارنا قد انتهى، فماذا عن النصف الثاني؟

الأماكن التي سنقوم بزيارتها خلال النصف الثاني من اليوم الأول شبه معروفة ومُحددة، ففي البداية سنقوم بزيارة مركز تسوق ونقوم بجولة سريعة بداخله، بعد ذلك سوف نذهب لزيارة الشوارع الرئيسية بالمدينة نرى أشكال البيوت التي تُعبر كثيرًا عن الهوية الحقيقية للمدينة قبل أن نقوم بزيارة مطعم وتناول وجبة عشاء مميزة، ويُفضل أن تكون هذه الوجبة وجبة أسماك لأن أسماك نيرغهازا لها طابع مختلف ومتميز، ولا مانع من جولة سريعة بالميدان الرئيسي قبل أن ينتصف الليل، ففي ذلك الوقت سيكون لزامًا علينا العودة سريعًا من أجل الراحة استعدادًا لبداية اليوم الثاني الهام أيضًا.

اليوم الثاني

في هذا اليوم الثاني من مسارنا سوف نفعل شيء جديد ومُختلف يجعل هذا اليوم يوم مميز لا يُنسى أبدًا من الذاكرة، ببساطة شديدة، سوف نقوم بعمل جولة علاجية في المياه الجوفية السياحية الطبية الموجودة في مدينة بودابست، وهي مياه مميزة للغاية يأتي إليها الناس من كل مكان في العالم من أجل ممارسة طقس الاستشفاء المميز بها، وطبعًا سيكون من الغريب أن نكون في هنغاريا ولا نستغل هذا الأمر في إقامة جولة سريعة ربما تمتد ليوم واحد فقط، وسوف تكون البداية بزيارة حمامات ستشيني، وهي في الحقيقة لا تحتاج أي حديث عنها لأن الجميع يعرف بالتأكيد أنها الحمامات الأشهر في المدينة، وربما في العالم بأكمله، إذ أنها موجودة تقريبًا منذ أكثر من قرن ومعروفة بكونها الأفضل في أوروبا والأشهر من الناحية الاستشفائية، كما أن أسعار الدخول في نفس الوقت مناسبة، ولهذا ننصحكم بأن تكون هذه الحمامات هي البداية لجولتكم بهذا اليوم، بعد ذلك يُمكننا الاستمتاع لمدة ساعة في جولة مشي داخل مدينة بودابست قبل أن نأخذ الحمام الثاني، وهو حمام غيليرت، فهو يقع بالمركز الثاني من حيث الشهرة والأهمية والمساحة، كذلك يحظى بتصميم أنيق يُبرزه ضمن الحمامات الأفضل في التصميم عالميًا لدرجة أن البعض يُطلق عليه لقب قصر الحمامات بسبب التشابه بالقصور.

بعد نهاية الحمام الثاني في جولة المياه الخاصة بالاستشفاء سوف نذهب لتناول وجبة الغذاء في أحد المطاعم الشهيرة داخل بودابست، وذلك قبل أن نعود لنستكمل جولتنا مُجددًا مع روداس، وهو حمام عثماني يُمكن اعتباره من الأشياء القليلة للغاية المتبقية من الحكم العثماني الذي تواجد في هنغاريا قبل حوالي ثلاثة قرون، وهو حمام مميز أيضًا تغمره الأجواء العثمانية الرائعة، أما ختام تلك الجولة المُتخصصة فسوف يكون مع حمام لوكاكس، وهو ليس مجرد حمام، وإنما ملهى ليلي مميز في نفس التوقيت وبه جميع أنواع الموسيقى والمشروبات، ولذلك سيكون الحمام الأخير في جولتنا بهذا اليوم قبل أن نبدأ الاستعداد سريعًا لليوم الثالث والأخير من مسارنا، فما الذي سنفعله في هذا اليوم يا تُرى؟

اليوم الثالث

في اليوم الثالث والأخير من مسارنا سوف نبحث عن مدينة رائعة يُمكنها استيعاب كل القدر من المتعة الذي نريده في هذا اليوم، بمعنى أدق، سوف نبحث عن مدينة مثالية لذلك ستكون مدينة كيكسكيميت هي الخيار الأفضل بالنسبة لنا، فهي مدينة لا تمتلك سوى مئة وعشرين ألف نسمة فقط وتحظى كذلك بمساحة صغيرة، لكن على الرغم من ذلك لا أحد يُمكنه إغفال الأهمية السياحية لها، على العموم، البداية ستكون بزيارة الحديقة الوطنية للمدينة، وهي حديقة كبيرة يُمكن استخدامها في قضاء وقت رائع داخل الحديقة نفسها وكذلك المرافق المُلحقة بها، بعد ذلك يُمكننا زيارة حديقة كيكسكيميت للحيوانات، وهي حديقة شهيرة أيضًا تحظى بعدد لا بأس به من الحيوانات التي أغلبها نادر، ثم بعد ذلك سنقوم بزيارة المتحف الوطني للفنون، وطبعًا متحف بهذا الوصف يُمكنكم تخيل قدر القطع الفنية المتواجدة به، خصوصًا وأنه يُعتبر المتحف الأشهر في هنغاريا بالكامل فيما يتعلق بهذا الصدد، لكن هل هذا كل شيء داخل مدينة كيكسكيميت الرائعة؟

جولتنا السياحية بالتأكيد لا تزال تمتلك الكثير من الأماكن الصالحة للزيارة في هذا اليوم الثالث والأخير من المسار، فنحن مثلًا سوف نقوم بزيارة مدينة الألعاب، بعد ذلك سنقوم بجولة بالقرب من بحيرة البجع والأماكن الملحقة بها قبل أن نختم النهار بزيارة متحف التاريخ الطبيعي، وفي المساء سوف نقوم بجولة سياحية داخل شوارع المدينة نستمتع فيها بشكل البيوت والشوارع نفسها، ثم لن ننسى بالتأكيد تناول وجبة في أحد المطاعم الشهيرة في المدينة قبل أن ننهى الجولة بزيارة مركز للتسوق والذهاب سريعًا إلى الفندق من أجل الحصول على راحة من هذا اليوم المُتعب الممتع الذي عشناه.

بكل تأكيد عزيزي السائح ذلك المسار الذي قمنا برسمه لك في السطور الماضية هو المسار الأنسب بالنسبة للسائح الذي لم يقم من قبل بزيارة دولة هنغاريا، أما السائح المُتمرس فهو يعرف بكل تأكيد الأماكن المناسبة بالنسبة له والأماكن التي تستحق فعلًا الزيارة والتي لا تستحق، ببساطة هو لا يحتاج إلى هذا المسار، وإن كانت درجة التنوع الموجودة به قد تُجبر أي شخص على تجريبه، فقد راعينا فيه زيارة أغلب الأماكن التي من الممكن زيارتها في وقت قصير يُحقق المعادلة الصعبة التي يحاول أي سائح تطبيقها، وهي التي تقوم على وجود وقت أقل ومتعة أكثر في نفس التوقيت.