تاريخ دولة ليختنشتاين
يقول المؤرخين وخبراء الآثار أن أقدم آثر للوجود البشري في دولة ليختنشتاين يعود إلى العصر الحجري القديم الأوسط، وعمليات الزراعة الأولى كانت منذ أكثر من خمسة آلاف وثلاثمائة عام، وفي العصر الحديدي ازدهرت الحياة في هذه الدولة ودول أخرى من قارة أوروبا بسبب الثقافات اللاتينية المتقدمة، وفي عام ثمانية وخمسين قبل الميلاد تمكن القائد الشجاع يوليوس قيصر من الانتصار على قبائل جبال الألب في معركة بيبرك، وقد ترتب على هذه المعركة ضم مناطق جبال الألب تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية، ومن ذلك التاريخ خضعت دولة ليختنشتاين وما يجاورها للرومان واستمروا هكذا لعدة قرون، ولم تتمكن أي دولة من الخروج على الرومان نظرًا لقوة جيشهم الكبير وإحكام سيطرتهم على الأراضي التابعة لها، بعد ذلك تأتي العصور الوسطى وتتمكن الإمبراطورية الفرنجية من إزاحة الرومان والجرمان عن بعض مناطق أوروبا وكان منها دولة ليختنشتاين، وقد حدث ذلك بعدما انتصر القائد كلوفيس الأول على القائد اليماني في معركة تولبياك عام خمسمائة وأربعة، وظلت ليختنشتاين هكذا حتى توفى شارلمان ملك الفرنجة العظيم فتمكنت فرنسا من نزع ليختنشتاين منهم وضمتها إلى حكم شرق فرنسا.
ثم تم ضمها مع وسط فرنسا لتصبح ولاية كبيرة تابعة للإمبراطورية الرومانية من جديد، وكانت اللغة السائدة في ذلك الوقت هي اللغة الرومانية ثم بعد ذلك تغيرت إلى الألمانية، وتمكنت عناصر ألمانية من دخول المنطقة وتعميرها وهم قبائل فالرز وحكموا أغلب مناطق البلاد لفترة من الوقت، واستمرت الحياة هكذا مليئة بالانقلابات والتغيرات كعادة جميع دول القارة الأوروبية الضعيفة، حتى جاء عام 1718 وفيه أصدر الإمبراطور الروماني تشارلز السادس مرسومًا ملكيًا يفيد بأن أراضي شيلنبرج وفادوز سيتير أسمها إلى إمارة ليختنشتاين وهو نفس الاسم التي عليه الآن، ثم يأتي بعد ذلك القرن التاسع عشر وفيه تمكنت فرنسا بقيادة نابليون من إحكام السيطرة على الإمبراطورية الرومانية العتيقة، فأعاد تنظيم الإمارات التابعة له وألغى نظام الإقطاع الذي كان يسود أغلب دول أوروبا، وبعض خمسة عشر عام فقط خرجت ليختنشتاين من حلف الراين الذي كان يحكمه الفرنسيون وانضمت إلى الاتحاد الألماني، وأخذت الدولة بعض الاستقلال وصارت ذات دستور ونظام معين وكان الحاكم الأول لها هو الأمير لويس، وبعد ذلك تطورت الدولة وأنشأت الكثير من المصانع حتى أصبحت على الوجه الذي نراه عليها الآن.
الثقافة والفن
تأثرت دولة ليختنشتاين بالدول والامبراطوريات المجاورة لها وذلك نظرًا لصغر حجمها فكانت تتبع كل دولة من حين لأخر، فأخذت من ثقافة هذا وذاك حتى أنتج لنا شكل مختلف ومميز مليء باللمسات الأوروبية العتيقة، وتحافظ الجمعية التاريخية لإمارة ليختنشتاين دورًا كبيرًا في الحفاظ على تاريخ وثقافة الدولة، ويعد مبنى المهندسين المعماريين هو أقدم مبنى تاريخي في ليختنشتاين ومليء بمعالم الثقافة والتاريخ الحديث في سلوفينيا، ويوجد أيضًا متحف ليختنشتاين الوطني وهو يعرض التاريخ الثقافي والطبيعي بشكل متواصل، وقد بُني هذا المعرض منذ أكثر من خمسمائة عام وتوجد بجانبه بعض المعارض الثقافية الأخرى، ويعتبر الفن في ليختنشتاين ضئيل بعض الشيء من حيث الكم والعدد ولكنه ممتاز من حيث الأداء والدقة.
الموسيقى في ليختنشتاين
أعظم ما أخرجته لنا الموسيقي في دولة ليختنشتاين هو الملحن الكبير جوسف راينبيرغر والذي ولد في عام 1839 وتوفي في الأول من القرن العشرين، وقد تدرب الكثير من الملحنين تحت يده أغلبهم من ألمانيا مثل إنجلبرت همبردنك، وقد كتب المؤلف الكبير جاكوب جوزيف النشيد الرسمي للبلاد عام 1850، وتقام بعض الاحتفالات والمهرجانات الموسيقية في دولة ليختنشتاين مثل مهرجان الاحتفال بموسيقى فرانز والذي يقام في مدينة فيلدكيرش، وهذه المدينة تعد من المواقع السياحية الشهيرة في العالم وخاصة فيما يتعلق بالسياحة الترفيهية والغنائية، ويوجد في ليختنشتاين العديد من المنظمات الموسيقية مثل راديو وشركة ليختنشتاين الموسيقية، ويبلغ عدد هذه الشركات والمنظمات أكثر من أربعة آلاف منظمة، ولا ننسى احتفال مهرجان الجيتار الذي يقام سنويًا في بلزرس، وتوجد مدرسة كبيرة لتعليم الموسيقى في ليختنشتاين تسمى مدرسة ليختنشتاين للموسيقى.
وتقع هذه المدرسة بمدينة فادوز والتي هي موطن الملحن الكبير جوزيف راينبيرغر، وبالمناسبة فقد أنشأت المدرسة في نفس المنزل الذي كان يسكن في هذه الملحن، وتحاول هذه المدرسة الموسيقية الاتصال مع جميع المدارس الموجودة في الدولة حتى تعلم الأطفال الصغار الموسيقى، وينشئوا على حب الموسيقى والفن بشكل عام، فشعب دولة ليختنشتاين يعد من الشعوب المحبة جدًا للموسيقى والفن ويتفاءل به كثيرًا في حياتها.