التاريخ في قبرص
إذا ما أردنا التحدث عن تاريخ دولة قبرص بشكل جيد فمن الطبيعي أن تكون الصورة المعروضة بها ذلك التاريخ جيدة، أو دعونا نوضح الأمور أكثر ونقول إنها لابد وأن تكون مثالية وغير قابلة للخلط، وعلى هذا المنوال سنكون في حاجة إلى تقسيم الحياة التاريخية في قبرص، والبداية مع فترة قبل التأريخ الميلادي.
ما قبل الميلاد
بدأت الجماعات والقبائل الغريبة تتوافد على دولة قبرص قبل حوالي ستة آلاف عام من بداية التأريخ الميلادي، وقتها لم تكن قبرص بتلك الحالة التي تجعل منها دولة ذات هوية، وأكبر دليل على ذلك أنه قبل بداية التأريخ بحوالي 1200 عام استولت اليونان القديمة على قبرص وقامت بإنشاء العديد من الدول التي كانت مجرد مدن صغيرة لكن عملية التقسيم كانت على شكل دول، وفي تلك الفترة أيضًا قامت العديد من الممالك بغزو قبرص والسيطرة عليها، ومنها الفرس والرومان والمصريين وغيرهم، لتنتهي تلك الحقبة وقبرص مجرد حقل لكل الممالك الطامحة في السيطرة على مناطق جديدة.
ما بعد الميلاد
فترة ما بعد ميلاد المسيح شهدت تدرجًا منطقيًا بعض الشيء، فمثلًا في عام 45 ميلاديًا أصبحت قبرص دولة مسيحية رسميًا على يد القديس بولس، ثم بعد ذلك بثلاثة قرون، وتحديدًا عام 330م، أصبحت قبرص جزء من الإمبراطورية البيزنطية، بيد أنه في بداية الألفية الثانية، وتحديدًا عام 1191، سيطر ملك بريطانيا وقتها، الملك ريتشارد قلب الأسد، على كامل قبرص، وجعلها أشبه بهدية تم منحها لأحد النبلاء الفرنسيين، وهو ما يُمكن وصفه طبعًا بالضياع الكامل للهوية القبرصية التي استمرت على نفس المنوال بعد نهاية العصور الوسطى.
فترة العثمانيون
بعد نهاية مرحلة العصور الوسطى، وعندما كانت قبرص تأخذ طريقها إلى تشكيل هوية خاصة بها وجد العثمانيون فيها فريسة سهلة للغاية وقاموا بالسيطرة عليها في منتصف القرن السادس عشر، وقد استمروا على ذلك المنوال حتى نهاية القرن التاسع عشر قبل أن يعقدوا صفقة مع المملكة البريطانية ويقومون بردها لهم مجددًا، لتنتهي بذلك آمال قبرص في إنشاء كيان خاص بها في هذه الحقبة، خصوصًا وأن بريطانيا لم تنتظر قليلًا حتى تقوم بتحويلها مستعمرة بريطانية.
مرحلة الصراع الحديث
مع مطلع القرن العشرين اندلع الصراع الحديث في هوية جزيرة قبرص، كل ذلك كان يأمل في النهاية بتشكيل دولة قبرصية على أي شكل، والغريب أن الصراع في ذلك التوقيت، وربما حتى وقتنا الحالي، يشمل فئتين فقط من الشعب القبرصي، وهما القبارصة التابعين لليونان والقبارصة التابعين لتركيا، حيث أن الصراع وسط إلى أوجه في أوقات كثيرة من هذا القرن حتى وصل في النهاية إلى ارتضاء تركيا بالجزء الشمالي من قبرص وجعله دولة قبرصية تركيا خاصة بها، بينما اليونان لم ترضى بذلك التقسيم ولا تزال تعتقد حتى الآن، هي وبقية العالم، أن قبرص جزيرة ودولة واحدة خاضعة فقط للسيادة اليونانية، وإن كان هذا الصراع لم ينتهي حتى وقتنا الحالي ولا يزال مُحملًا بالكثير من الأحداث.
الثقافة والفن
عندما تتحدث عن الحالة الثقافية والفنية داخل جزيرة قبرص فلا يُمكنك على الإطلاق توقع الكثير والكثير من الحديث لأن مثل هذه الجوانب قد تأثرت كثيرًا بالحياة التاريخية، هذا على الرغم من وجود بعض الصور والمظاهر التي بإمكانها توضيح الحالة الثقافية والفنية داخل هذه الجزيرة التاريخية.
العادات والتقاليد
الجانب الأبرز في ثقافة أي دولة هو ذلك الجانب الذي يتعلق أساسًا بالعادات والتقاليد، وقد استمدت جزيرة قبرص عاداتها وتقاليدها من خلال المرجعية الدينية في المقام الأول، ثم بعد ذلك كان الصراع التركي اليوناني مُشكلًا كبيرًا لهذه الهوية، ومن أشهر العادات احترام الدين واحترام المرأة والاحتفال ببعض الأعياد الغريبة عن بقية العالم كالعيد الأخضر والغطاس.
المطبخ
يشتهر المطبخ القبرصي بين المطابخ العالمية لكونه يُقدم نوعيات مُختلفة عن الطعام الموجود أساسًا في قارة أوروبا، أصلًا أعداد المطاعم الكثيرة الموجودة داخل جزيرة قبرص تُبرهن بما لا يدع مجالًا للشك على الاهتمام الكبير بهذا الجانب من ثقافة البلاد، ومن أشهر الأطباق طبق اللحم بالصوص والمعكرونة.
الرياضة
لم تبرع قبرص في الكثير من مجالات الرياضة، فهي مثلًا لا تُمارس كرة القدم بشكل احترافي ولا تعرف رياضات التنس والكرة الطائرة وكرة اليد، لكن الرياضة الأشهر على الإطلاق هي الماراثون أو الجري، حيث أن غالبية سكان هذه الجزيرة يُمارسون هذه الرياضة، وقد اتضح ذلك الأمر أكثر من خلال الأحداث الرياضية المُخصصة بهذا الصدد والمقامة في قبرص بانتظام لدرجة أنها قد أصبحت أحداث دولية وليس مجرد حدث محلي عادي.
العمارة
ربما سيدهشكم ذلك، لكن قبرص تُعتبر بلا أدنى شك من أكثر دول العالم تميزًا في فن العمارة، والحقيقة أن ذلك الأمر منطقي للغاية في ظل مرور أكثر حضارتين مُتميزتين في هذا النوع من الفنون، العثمانية واليونانية، فقد أدى ذلك إلى وجود عدد كبير جدًا من المساجد والكنائس والكاتدرائيات، وكلها تصرخ بفن المعمار القوي المتواجد بها، أيضًا لا ننسى البيوت والأشكال المميزة التي تأخذها والهوية المميزة لها، كل هذا يجعل الحياة المعمارية في قبرص متميزة للغاية.
الأدب
بعض الناس يشغلهم في الناحية الثقافية الأدب بالمقام الأول، والمقصود بالأدب الكتابة مهما كانت ماهيتها، سواء كانت شعرًا أو رواية أو قصة، والحقيقة أن قبرص طوال تاريخها لم تشهد أي تميز يُذكر في هذه الأقسام المذكورة، صحيح أنه كانت هناك بعض المحاولات أثناء الحكم العثماني لقبرص لكنها تبقى محاولات غير فعالة أو مؤثرة على صعيد آخر بخلاف المحلي، فبالطبع ثمة روايات وقصص وكتب علمية قبرصية كتبها كتاب من قبرص، بيد أنهم في النهاية يُخاطبون أبناء قبرص فقط، إنه ببساطة إبداع على المستوى المحلي.
الموسيقى
من المجالات التي يُمكن القول إنها قد شهدت تميزًا مقبولًا في قبرص مجال الموسيقى، فقد برعت قبرص في الموسيقى الفلكلورية بالذات وكان لها بها طويل بها، ولا تزال كذلك حتى الآن وينضم إليها الكثير من الفنون الشعبية التابعة للموسيقى، والتي وجدت فيها قبرص طريقًا مناسبًا للتميز فسلكته وبرعت به.
المسرح
لا يُمثل المسرح في قبرص ذلك الكيان الكبير الذي يُمكن التحدث عنه وعن عظمته، فقط هو مجرد فن موجود تتوافر له بعض المسارح التي يُمكن من خلالها عرض ذلك الفن، هذا يشمل كذلك فن الأوبرا، ومن أشهر مسارح قبرص مسرح لارنكا الذي يُعتبر الممثل الأول والأهم لفن المسرح بهذه الجزيرة.
السينما
إذا كان المسرح ضعيفًا في قبرص فإن السينما شبه مقتولة تمامًا، إذ أنه ثمة ركود كلي في كل شيء يتعلق بالسينما داخل قبرص لدرجة أنه قد يتم إنتاج فيلم واحد فقط في عام كامل، وبالتالي لا تتوقع عزيزي السائح العثور على أفلام قبرصية شهيرة أو حتى ممثلين بارعين ينتمون إلى جزيرة قبرص.