إن إلمامك بالمعلومات حول البلد الذي تنوي السفر إليه أمرًا حتميًا وليس كماليًا كما يراه البعض، فكلما كانت معلوماتك عنه أقوى كلما كنت أكثر علمًا وأسرع اندماجًا مع قوانين البلد وطباع وعادات أهله. لذا نُقدم إليك هذه النبذة المُختصرة بكل ما يجب عليك معرفته قبل السفر إلى سويسرا.

تأسست سويسرا أو كما يُطلق عليها “الكونفدرالية السويسرية” في 1\8\ 1291م، لذا يُعد هذا اليوم من كل عام بمثابة عطلة رسمية ويتم الاحتفال به كذكرى سنوية لتوقيع الميثاق ويُسمى باليوم الوطني لسويسرا، ثم أصبحت في وقت قصير جدًا دولة صناعية، وخلال القرن 19 وببلوغ عام 1850، أصبحت سويسرا تلي بريطانيا العظمى كثاني أكبر الدول الصناعية.

ولكن قد تميز القرن العشرين بشكل عام بسلسلة من التطورات العظيمة في جميع الساحات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية. أما على الصعيد المحلي لسويسرا، فقد كان هُناك تحول نحو نظام متعدد الأحزاب، بينما في بداية القرن احتل حزب واحد جميع المناصب في الحكومة وكانت هُناك أربعة أحزاب ممثلة في نهاية القرن. وتطورت سويسرا الزراعية بشكل سريع وأصبحت دولة صناعية، مما أدى إلى زيادة عدد المُهاجرين وارتفع مستوى المعيشة بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى تحسن ظروف العمل والضمانات الاجتماعية لدى شعبها، وكان هُناك وصول أكبر إلى مجموعة أوسع نطاقًا من السلع الاستهلاكي. وقد ظلت سويسرا مُحايدة سياسيًا أي لم تشترك بأيٍ من الحربين العالميتين. هذا وقد نتحدث باستفاضة أكثر فيما بعد عن تاريخ سويسرا العريق وثقافاتها المتعددة وسلسلة تطوراتها الاقتصادية، ولتكن بدايتنا بجغرافية سويسرا وموقعها المتميز.

جغرافية سويسرا

تحتل سويسرا مساحة (٤١٬٢٨٥ كم²) بوسط قارة أوروبا، وعلى الرغم من عدم انضمام سويسرا للاتحاد الأوروبي إلا أن موقعها المتوسط هذا جعلها همزة الوصل التجاري للدول التي تجاورها (إيطاليا، ألمانيا، النمسا، فرنسا)، الأمر الذي زاد من أهميتها لمساهمتها في النمو الاقتصادي لتلك الدول، ولنفس السبب أيضًا أصبحت سويسرا المساهم الأساسية في نشأت تاريخها العريق. أما عاصمة سويسرا فهي مدينة برن وهي من أكبر المدن السويسرية وأكثرهم رقيًا وجمالًا؛ حيث يبلغ عدد سكانها نحو 361,700 نسمة. تُحاط سويسرا من جميع الاتجاهات بمجموعة من الدول الكبرى، كإيطاليا جنوبًا، ألمانيا شمالًا، النمسا شرقًا، وفرنسا من الغرب، وهذا ما يُفسر تعدد اللغات في سويسرا.

وإذا تحدثنا عن المسطحات المائية، فتمتلك سويسرا وحدها عدد لا نهاية له من البحيرات، بالإضافة إلى أكبر الأنهار وأعظمها بأوروبا، الأمر الذي جعلها تمتلك أكبر مخزون للمياه العذبة بقارة أوروبا؛ فهي تضم ثلاثة أنهار هامة وهم أساس جغرافيتها: كنهر “إن” وهو أحد أفرع نهر “الدانوب” ويمتد ليصُب في البحر الأسود، نهر “الراين” وهو يمتد ليصُب في نهر الرون وبحر الشمال، نهر “تيتشينو” وهو أحد أفرع نهر “البو”. بالإضافة إلى بحيرات: جنيف، كونستانس، ماجيوري و1500 بحيرة أخرى.

وتتكون الكونفدرالية السويسرية من ثلاثة من أجمل وأعظم جبال في العالم، وهم: سلسلة مرتفعات جبال الألب في الجنوب، حيث تُغطي ثلثي المساحة الكلية لسويسرا والتي يصل ارتفاعها (أعلى قمة بها) إلى 4638 م، سلسلة مرتفعات جبال (gora) جورا ذات الشكل الهلالي المميز؛ حيث تمتد شمالًا وغربًا بمساحة 12% من مساحة سويسرا ككل، يصل ارتفاعها إلى 1718م (أعلى قمة بها). وهي بمثابة حدٍ فاصل ما بين الكونفدرالية السويسرية وفرنسا، في حين أن أغلب القرى والمدن السويسرية تتجمع في مُحيط الهضبة السهلية التي تتوسط هاتين السلسلتين الجبليتين (سلاسل جبال الألب، مرتفعات جوا).

أما مناخ سويسرا فيتشكل نتيجة لموقعها الجغرافي المتوسط وطوبوغرافيتها المختلفة؛ فيحدد الموقع الجغرافي والتضاريس المتعددة للجبال والهضاب والاختلافات الإقليمية لسويسرا حالات الطقس السائدة والظروف المناخية لها، كما يتأثر المناخ في سويسرا بوجود المحيط الأطلسي وكذلك جبال الألب، وتتأثر الناحية الجنوبية من جبال الألب بشكل خاص بالبحر الأبيض المتوسط، ​لذا فالصيف هُناك دافئ ورطب وفي بعض الأحيان حار، بينما الشتاء معتدل نوعًا ما، أما بطول سلاسل جبال الألب فهُناك عواصف شديدة ورعدية تتكرر خلال فصل الصيف، بينما الشتاء في الهضبة الشمالية غالبًا ما يكون معتدل البرودة.

وبالإضافة لدور جبال الألب كحاجز مناخي بين الجنوب والشمال فلها دورًا بارز أيضًا في توليد الكثير من المناطق المناخية المختلفة كوديان جبال الألب الداخلية، فتتمتع بمناخ خاص متميز صيفًا وشتاءً وذات مناخ جاف نسبيًا طوال العام، وذلك بسبب حمايتها من نزول الأمطار من الجنوب والشمال. لذا فمعظم المناطق في سويسرا تتمتع بمناخ شتوي معتدل وكمية مناسبة من هطول الأمطار طوال العام. أما صيفها فيتميز بأنه رطب في معظم أرجائها ما عدا سلسلة جبال الأب.

السكان في سويسرا

يصل عدد السكان بسويسرا إلى نحو 7.8 مليون نسمة أو يزيد، موزعين على مساحة إجمالية ٤١٬٢٨٥ كم²، وتزداد الكثافة السكانية بالمدن الكبرى مثل: جنيف وزيورخ ولوزان وبرن العاصمة بجانب المناطق المجاورة للهضبة السويسرية، أما المرتفعات فتقل الكثافة السكانية بها. بينما تُمثل العمالة المؤقتة والأجانب المقيمين حوالي 22 بالمائة من إجمالي نسبة السكان.

أما اللغة الرسمية للشعب السويسري، فتتميز سويسرا باختلاف وتنوع ثقافات شعبها وتعدد جنسيته أيضًا؛ فيوجد بها ما يقرب من أربع لغات على رأسهم “الألمانية السويسرية”؛ حيث تُعد هي اللغة السائدة بين سكانها وكذلك كمنطوق للقنوات التلفزيونية والإذاعية والمراسلات الكتابية، وذلك لأن سويسرا تقع في المنتصف، فتحيط بها عدة بلاد لكل منها لغتها وثقافتها الخاصة. بينما الديانة المسيحية هي السائدة في سويسرا؛ فهُناك ما يقرب من 71% من عدد سكانها يدونون بالمسيحية، أما البقية منهم فيدينون باليهودية والإسلامية والبوذية وهُناك أقلية ممن لا دين لهم. أما العملة الرسمية المتداولة هي الفرنك السويسري فضلًا عن تداول اليورو في بعض الأماكن.

ما يتميز به شعب سويسرا

وبالرغم من الكثافة السكانية الكبيرة في سويسرا إلا أن شعبها يمتاز بعشقه للنظام والطبيعة والجمال وتقديره لعامل الوقت ودائم العمل ليظل هذا النظام قائم؛ فلا عجب أن البلد التي اشتهرت بأجود أنواع الساعات أن يكون شعبها مُقدرًا لعامل الوقت ومُلتزم بمواعيده لهذا الحد؛ فدقة المواعيد لديهم أصبحت أسلوب حياة ومصدرًا للرضاء النفسي، كما يتمتع هذا الشعب الراقي الذي يقطن جبال الألب بالتسامح والديمقراطية والحياد واحترام الآخر، إلى جانب تمتعه بالرفاهية وأعلى مستويات للمعيشة والثراء الأسطوري جانبًا إلى جنب كفاءته وإتقانه في أداء العمل.

ما تشتهر به سويسرا

تشتهر سويسرا بالعديد من الأشياء الفريدة من نوعها والتي هي بالفعل تستحق الشهرة! فلن تجد مثل هذه الأشياء في أي بلد آخر وإن وجِدت بعضها لن تكون بالجودة التي هي عليها في سويسرا، فبالإضافة إلى سلسلة جبال الألب السويسرية الأسطورية الشهيرة هُناك أيضًا الكثير من الأشياء التي لم نذكرها بعد…

هل تذوقت يومًا قطعة شوكولاتة سويسرية ناعمة؟ إن كانت إجابتك بنعم، فقطعًا أنت تعلم عن شهرة سويسرا بفن صناعة الشوكولاتة بالحليب والمليئة بالبندق والكريمة اللذيذة. فقد قام دانييل بيتر السويسري صانع الشوكولاتة الأشهر بغزو العالم في القرن الـ 19 بأطعم وألذ الاختراعات وأكثرهم شعبية على الإطلاق، وبالإضافة لجودة الشوكولاتة السويسرية وطعمها المميز هُناك تنوع وتشكيلة لا بأس بها من هذه الشوكولاتة، كالشوكولاتة السوداء والداكنة والبيضاء وغيرها.

وعلى ذكر الطعم اللذيذ لن ننسى ذكر أنواع الجُبن المختلفة التي تشتهر بها سويسرا، كجُبن إيمنتال أو كما يُطلق عليه إيمنتالر ذو الثقوب المشهور، وغيرها ما يقرب من 450 نوعًا آخر من الجُبن المتميز بطعمه وجودته. وكما ذكرنا من قبل فإن سويسرا من أشهر البلاد في صناعة الساعات الأنيقة ذات الجودة العالمية، ومن أشهر الساعات السويسرية وليس الحصر: TAG Heuer وRoles وRado وOmega وBell & Ross وTissot وغيرها العديد من الأنواع المشهورة التي تستحق الاقتناء.

كما تشتهر سويسرا بالتزلج على الجليد؛ حيث تضم أفضل أماكن للتزلج في العالم، مثل: غريندلفالد، فيربييه، زيرمات، سانت موريتز، أروسا، فضلًا عن مدينة زيوريخ التي تُعد من أغنى وأرقى المدن على مستوى العالم، فتضم زيوريخ العديد من الكنائس والمتنزهات وأماكن التسوق الفاخرة. ولن يفوتنا ذكر المهرجانات السويسرية الشهيرة، كمهرجان غريندلوالد للثلج، مهرجان بازل فاسنخت، مهرجان بالون الدولي، ويت أوف تورف، مهرجان الموسيقى الكلاسيكية، وغيرها من المهرجانات والحفلات الشهيرة.

ولن نغفل عن شهرة سويسرا بالصليب الأحمر السويسري والذي تأسس خصيصًا عام 1863 للمساعدات الطبية والاجتماعية والمادية لضحايا الحروب أو للعنف على مستوى العالم. وأخيرًا نأتي إلى شهرة سويسرا بالبنوك، فالبنك السويسري شديد السرية في تعاملاته والذي يقبل جميع أنواع التحويلات المالية من جميع أنحاء العالم هو الأشهر على مستوى العالم.