الجميع بالتأكيد يشغله التعرف على كيفية التنقل داخل الدولة والتاريخ والثقافة الخاصين بها، لكن في نفس الوقت ثمة حاجة ماسة لمعرفة شيء هام جدًا يتعلق بمناطق الجذب السياحي الموجودة داخل هذه الدولة، فكل دولة تمتلك العديد من أماكن الجذب الكفيلة بوضعها على الخارطة السياحية وجعل الزوار يأتون إليها من كل مكان، وبالنسبة لتركيا فحدث ولا حرج عن كثرة هذه الأماكن بداخلها، لكن كما ذكرنا، ذكر هذه الأماكن بالكامل أمر صعب جدًا سوف يحتاج إلى أدلة كاملة، ولهذا سنمر على أهم المدن مع الوقوف قليلًا عند أهم الأماكن الموجودة داخل هذه المدن، وإذا أردنا الحديث عن دولة مثل تركيا فبلا شك لن يكون هناك مكان أنسب من مدينة إسطنبول كي نبدأ به، فما هو يا تُرى سر هذه المدينة؟
إسطنبول، مدينة السحر والجمال
اختلفت الأسماء والتاريخ واحد، فهذه المدينة التي نتحدث عنها الآن لطالما حملت الكثير من الأسماء مثل إسلامبول والقسطنطينية والأسِتانة، الكثير من الأسماء حملتها هذه المدينة العريقة التي تُعتبر الآن واحدة من أكبر خمس مدن في هذا العالم، وهذا من ناحية أعداد السكان فقط وليس المساحة، إذ أن أعداد سكانها تزيد عن الثلاثة عشر مليون نسمة، وأيضًا في نفس الوقت تحظى المدينة بالكثير الاهتمام على الرغم من أنها ليست في الأساس عاصمة دولة تركيا، صحيح أنها كانت كذلك في السابق لكن الآن مدينة أنقرة هي المدينة كما نعرف جميعًا، على كلٍ، لم ترضخ إسطنبول لهذا الأمر ولم تُرد أن تكون مجرد مدينة عادية موجودة داخل الدولة التركية، ولهذا فإنها مع الوقت تمكنت من أن تُصبح العاصمة الثقافية والاقتصادية للدولة بأكملها، وأخيرًا جاء التكريم الحقيقي في عام 1985، ففي هذا التاريخ تم إعلان المدينة كموقع للتراث العالمي، وهو ما يعني ببساطة أننا نتحدث عن مدينة كل شبر فيها مزارًا سياحيًا بحد ذاته، وهذا أمر رائع بالطبع.
الطيران والملاحة وشبكة المواصلات في مدينة إسطنبول واحدة من الأشياء التي يُمكن أن تُدرس وتُصدر إلى الدول الأخرى التي تطمح في امتلاك مدن عالمية، فالبنية التحتية لهذه المدينة لا يُمكن أبدًا مقارعتها، لكن بكل تأكيد لن يذهب الزائر إلى مدينة مثل هذه كي يرى المطارات والموانئ، فهو بالتأكيد يرغب في أن يرى الكثير من المناطق السياحية، أو أماكن الجذب كما ذكرنا، وهذا ما يأخذنا إلى ذكر أهم هذه الأماكن التي تنتمي لتلك النوعية، وعلى رأسها مثلًا أحد أعظم وأكبر المساجد الموجودة في العالم بأكمله، إنه مسجد السلطان أحمد.
مسجد السلطان أحمد
قبل حوالي أربعة قرون أراد السلطان أحمد، السلطان العثماني وقتها، أن يُغطي على الانتكاسات التي كانت الدولة العثمانية تتعرض لها في ذلك التوقيت، والحقيقة أنه لم يجد طريقة يُمكنه من خلالها القيام بذلك الأمر سوى بناء مسجد ضخم وعظيم يشغل الناس عن هذه الانتكاسات ويُسجله التاريخ كذلك ضمن الإنجازات، ومن هنا جاءت فكرة بناء مسجد السلطان أحمد، أو الجامع الأزرق كما يطلقون عليه في تركيا بسبب البلاط الأزرق الذي يُزينه، عمومًا، ارتفع شأن المسجد على مر العصور لدرجة أنه قد وضع على الكثير من العملات التاريخية، أما الآن فقد أصبح من أكثر الأماكن التي يأتي إليها السياح من كل مكان في العالم، فهو كما ذكرنا ليس مجرد مسجد عادي، وإنما هو بناء معماري كبير يخطف الأعين، إذا كنت في هذه المدينة فاتجه إلى هذا المسجد وستعرف سبب عظمته بنفسك.
آيا صوفيا
هذا المكان مكان غريب بحق، فقد تحول خلال فترة تواجده إلى أكثر من مكان، وفي كل مرة كان يحتفظ بنفس درجة التأثير والأهمية، ففي البداية، وقبل الفتح الإسلامي للمدينة، كان هذا المكان مُجرد كنيسة عادي، ثم بعد الفتح تحول إلى مسجد، وبعد ذلك تحول إلى متحف، وطبعًا كل هذه الأماكن جاذبة للسياحة، ولهذا فإن آيا صوفيا يوضع دائمًا على قوائم الأكثر زيارة، بل إنه أصبح مكان عالمي، عندما تُذكر تُركيا يُذكر على الفور اسم آيا صوفيا، وهذا ما يعكس بالتأكيد درجة أهميته، ولكم أن تتخيلوا أن هذه المدينة تجمع بداخلها أشهر مسجد في العالم وأيضًا أشهر كنيسة في العالم!
قصر السلاطين
أيضًا لا يُمكنك أن تكون في مدينة إسطنبول ولا تعرج إلى قصر السلاطين، ذلك القصر الذي تكلف من أجل البناء فقط أكثر من خمسة وعشرين طنًا من الذهب الخالص، وذلك قبل حوالي قرن ونصف من الزمن، ومن الأشياء المميزة حقًا في هذا القصر أن كونه كان قصرًا للسلاطين سابقًا جعله يحتوي بداخله على صورة مصغرة للحياة الملكية التي عاشتها الدولة العثمانية قديمًا، وهو أمر يجعل الكثيرين اكتشافه ومعرفة دهاليزه بكل تأكيد، على العموم، وجود قصر السلاطين الآن لم يعد مقصورًا على كونه مجرد قصر، بل إنه الآن قد أصبح أشبه بالمتحف، متحف لحياة السلاطين من الألف للياء!
أنطاليا، مدينة الفنادق والمنتجعات
بالقرب من البحر الأبيض المتوسط وجبال طوروس تقع مدينة أنطاليا الموجودة داخل حدود دولة تركيا، وهي كذلك واحدة من أكبر المدن الموجودة في هذه الدولة، وتُصنف بسهولة ضمن الخمس الكبار، وعلى الرغم من وجود الكثير من المدن الهامة داخل الدولة إلا أن أنطاليا قد تمكنت بسهولة من حجز مكانتها، وذلك من خلال تميزها بكثرة الشواطئ والمنتجعات والفنادق، فكما هو واضح، الجمال في هذه المدينة يشمل الجمال الطبيعي الخالص وأيضًا في نفس الوقت ثمة وجود قوي للمظاهر الحضارية، وهذا يعني ببساطة شديدة أن المدينة قد راعت كل عناصر الجذب الموجودة في هذه العالم، بيد أن السائح أو الزائر عندما يُقرر التوجه إلى أي مدينة في العالم فإنه أولًا ينظر إلى تلك المدينة التي يُريد التوجه لها ويبحث عن أماكن الجذب الموجودة بها كي يقف على قوتها، وبناءً عليه يُقرر فيما بعد هل هذه المدينة تستحق الزيارة أم لا، وعلى هذا المقياس يُمكننا أن نعثر على الكثير من الأماكن الجاذبة الهامة داخل أنطاليا، والتي على رأسها مثلًا أتاتورك.
حديقة أتاتورك
عندما تسمع مُصطلح أتاتورك داخل مدينة أنطاليا فاعلم على الفور أن المقصود بذلك تلك الحديقة المعروفة باسم حديقة أتاتورك، فهذه الحديقة ليست مجرد حديقة عادية، وإنما هي في الأساس عبارة عن مجموعة من الحدائق المُتجمعة في مكانٍ واحد، حدائق لا تحتوي على المساحات الشاسعة الخضراء فقط، وإنما أيضًا ثمة مجموعة من المقاهي والمطاعم بها، كما أنه ثمة كذلك وجود كبير جدًا لأماكن الترفيه والتسلية، ولذلك يكون من المنطقي تمامًا أن ترى أغرب الزوار إلى هذه الحديقة من العائلات والأُسر المجمعة، وفوق كل ذلك الأسعار مُناسبة للغاية، إنها ببساطة مُتعة غير مُكلفة.
متحف أنطاليا
البعض قد يقول من الوهلة الأولى أنه لن يقترب من متحف أنطاليا لأنه غير مُحب للآثار، لكن الوضع في متاحف تركيا، وتحديدًا متحف أنطاليا، مُختلف تمامًا، إذ أننا داخل هذا المكان نتحدث عن التاريخ التركي العتيق، كما أن المتحف يشمل أيضًا بعض القطع الأثرية المتعلقة بكل مناطق الشرق الأوسط، أضف إلى ذلك أن أنطاليا يمتلك أقسام متخصصة للأطفال والرسم والفنون، ولهذا فإنه سوف يبدو خيارًا مثاليًا لك، ولا تقلق، فلن يعرف الملل طريقه إليك طوال فترة تواجدك داخل هذا المتحف، ما زلت لا تُصدق ذلك؟ حسنًا، اذهب إلى متحف أنطاليا واستكشف ذلك بنفسك.
شلالات كورشونلو
من الأماكن التي لا يجب عليك تفويتها عند التواجد في مدينة أنطاليا شلالات كورشونلو، وهي شلالات مرتفعة للغاية تبلغ ما يزيد عن الثمانية عشر مترًا، لكن المميز حقًا في هذه الشلالات أنها على الرغم من منظر طبيعي بحت إلا أن الأقدام لا تتوقف عليها، فهي تحظى بزيارات دائمة ومُتكرر من كل مُحبي الجمال والطبيعة، وربما الدليل على ذلك أن الناس يتركون المنتجعات الكثيرة الموجودة داخل مدينة أنطاليا ويذهبون إلى هذه الشلالات، وفي هذا دلالة على أهميتها وأفضليتها بالنسبة لهم، أضف إلى ذلك أن زيارة هذه الشلالات زيارة مجانية، والناس يحبون الأشياء المجانية بطبعهم.
أكواريوم أنطاليا
سواء كنت محبًا للماء أم لا فإنك لن تستطع كبح جماح نفسك ومنعها من زيارة المتحف المائي أكواريوم، وذلك بعدما تستمع لكل ما يُقال عنه وعن كونه أحد أفضل المتاحف المائية في العالم بأكمله، وربما الدليل الأكبر على ذلك أنه يحظى بنسبة زيارات مُدهشة على الرغم من ارتفاع ثمن تذكرته، لكن البعض لن يرغب أبدًا في تفويت زيارة من هذه النوعية إذا أخبرته بأن هذا المتحف يحتوي بداخلها على مجموعة كبيرة من الحيوانات المائية النادرة، والشيء النادر مرغوب به طبعًا.
أزمير، مهد الحضارة التركية
تنبع أهمية مدينة أزمير من كونها، كما يُقال عنها، البلد التي مهدت لقيام الحضارة في تركيا، أو بمعنى أدق يُمكن القول أنها الأصل الأصيل بهذه الدولة، بعدها جاءت بقية المدن وقامت تركيا بالكامل، وربما من البديهي جدًا اكتشاف ذلك بسبب الكثير من الأماكن الأثرية الموجودة داخل هذه المدينة، أيضًا لا يُمكننا أن نغفل كونها المدينة الثالثة في تركيا من حيث أعداد السكان، حيث يتواجد بها ما يزيد عن الأربعة ملايين نسمة، وهو رقم ضخم جدًا، لكن الأكثر إدهاشًا من ذلك أنه في المواسم السياحية تُزار مدينة أزمير من قِبل أكثر من مليون سائح، وبالتأكيد مع قليلٍ من التفكير يُمكننا الجذم بسهولة أن هؤلاء السياح لا يأتون من فراغ، وإنما يدركون تمامًا أنه ثمة أماكن جذب كثيرة ومختلفة داخل أزمير هذه، أماكن تستحق الزيارة والاهتمام، خاصةً وأن هذه الأماكن متنوعة بين الأماكن الدينية، مثلما هي طبيعة كل المدن التركية تقريبًا، وأماكن أخرى حضارية وحديثة، فنحن نتحدث في الأساس عن دولة تُحاكي أكبر الدول في أوروبا، لذلك لا تتوقع أبدًا أن ترى تأخرًا في أي مجال من المجالات، لكن يا تُرى ما هي تلك الأماكن التي يهتم الناس بزيارتها في أزمير؟
جامع هسار
في منطقة كوناك الموجودة في مدينة أزمير يتواجد جامع هسار الذي يُعتبر من أهم المعالم الإسلامية في المدينة وفي دولة تركيا بالكامل، فكما يعرف الجميع، أغلب الأماكن الهامة الموجودة في هذه الدولة عبارة في الأساس عن مساجد لكونها في فترة من الفترات عاصمة الخلافة الإسلامية، لكن جامع هسار بالذات يحظى بشكل هندسي ومعماري مُدهش يجعله أقرب للمتحف أكثر من مجرد كونه مسجد، وهذا لا يمنع من أن الصلاة لا تزال تُقام هناك، وكما يقولون، من زار أزمير ولم يحظى بصلاة داخل جامع هسار فكأنه لم يقم بزيارته من قريب أو من بعيد.
ساعة أزمير
أيضًا من ضمن الأماكن التي لا يجب عليك تفويتها مهما كان السبب عند التواجد في مدينة أزمير ساعة أزمير، وهي ساعة موجود في كوناك تم بناءها في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، وهناك يُطلق على هذه الساعة برج الساعة، نظرًا لكونها تحظى بارتفاع يصل إلى الخمسة وعشرين متر، أضف إلى ذلك تواجدها في منتصف ميدان كبير، وهذا ما مهد لشهرة وانتشار هذا المكان، وربما كذلك حدث استغلاله سياحيًا من خلال إنشاء وافتتاح العديد من المطاعم والمقاهي، عمومًا، من الأشياء المُلفتة أن هذه الساعة لم تُبنى بهذا الارتفاع عبثًا، وإنما جاء ذلك على سبيل المواكبة لمرور خمسة وعشرين عام على وجود السلطان عبد الحميد الثاني في الحكم، ولهذا كان الارتفاع متساويًا بعدد سنوات الحكم!
فوروم بورنوفا
ربما يكون الاسم الذي سمعتموه للتو غريبًا عليكم بعض الشيء، لكن أتعرفون ما الأغرب من ذلك؟ أننا لا نتحدث عن مسجد أو متحف أو أي شيء آخر من هذا القبيل، وإنما نتحدث عن مركز تسوق عادي لكنه يُعتبر في أزمير أحد أهم مناطق الجذب الموجودة داخل هذه المدينة، ففي الحقيقة هذا المركز يحتوي على أكثر من مئة وسبعين علامة تجارية أصلية، وهو رقم هائل لا يتوافر في أي مول تجاري آخر داخل تركيا، والأمر الآخر الذي يجعل من هذا المول مكان جاذب أنه يمتلك بداخله الكثير من أماكن الجذب الهامة، فبه مركز لألعاب الأطفال ومطاعم ومقاهي شهيرة، وكذلك جسور وأشجار وأشياء أخرى كثيرة ومُدهشة جدًا، سوف تدركون ذلك بأنفسكم عندما تدخلوا هذا المركز، فلا تتأخروا.
متحف الإثنوغرافيا
كذلك من الأماكن التي يجب عليك كسائح أن تحاول تفويت زيارتها عند التواجد في مدينة أزمير متحف الإثنوغرافيا، وهو مُتحف غريب الاسم، لكن في داخله سوف تعثر على الكثير من المتعة، فهو متحف للأشياء اليدوية، وفي نفس الوقت تتواجد به بعض المجوهرات والمصوغات التابعة للدولة العثمانية، أي أنك ستستمع برؤية بعض الأشياء الثمينة، لكن في نفس الوقت لن تدفع أي أموال، فالدخول إلى هذا المتحف دخول مجاني بحت، فما الذي سيجعلك تتأخر عن زيارته؟
طبعًا هذه المدن التي ذكرناها الآن والأماكن الجاذبة التي ذكرناها داخل هذه المدن ليست بكل تأكيد كل مدن تركيا الهامة أو أماكنها الجاذبة، فهناك عدة أمثلة أخرى يُمكن كذلك أن تؤكد على العظمة السياحية لهذه البلد، لكن الوقت والمساحة ربما لا يسمحان لنا بذكر المزيد والمزيد، وإن كان بقية الدليل، وتحديدًا قسم الأماكن البارزة، سوف يسمح لنا المزيد من المدن والمزيد من أماكن الجذب البارزة، فقط لا تذهبوا بعيدًا وتابعوا لتعرفوا أكثر عن هذه البلد المُدهشة.