بلجيكا دولة صغيرة الحجم ولكن هناك الكثير يمكن أن تعرفه عنها في مختلف عناصر الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فهي دولة مؤثرة جدًا في مختلف أنحاء أوروبا، وشعبها أيضًا يعتبر من الشعوب المتحضرة جدًا، هذا غير مستوى المعيشة الراقي الموجود في بلجيكا بجوار الفن المعماري الخرافي الذي تتميز به خصوصًا مدينة بروكسل عاصمة بلجيكا، لذلك لو أردت أن تعرف أكثر عن هذا البلد الرائع من حيث التاريخ وكل المعلومات التي تحتاجها عن هذا الشعب فإليك هذا المقال الوافي بكل التفاصيل.
جغرافيا ومناخ مملكة بلجيكا
تشترك بلجيكا في حدودها البرية مع عدة بلدان هم: فرنسا وتصل المساحة المشتركة بين البلدين كحدود حاولي 620 كيلومتر، لوكسمبورج وتشتركان في حدود مسافتها 148 كيلومتر، ألمانيا وتشتركان في حدود مسافتها 167 كيلومتر، وهولندا تشتركان في حدود مسافتها 450 كيلومتر، مساحة بلجيكا كأرض فقط حوالي 27278 كيلومتر مربع، أما بالحدود المائية فتصل حدود بلجيكا إلى 30528 كيلو متر مربع، تنقسم بلجيكا جغرافيًا إلى ثلاث مناطق رئيسية، السهل الساحلي ويقع في الشمال الغربي من بلجيكا، الهضبة الوسطى ومرتفعات آردن، السهل الساحلي يتكون من كثبان رملية ومشاهد طبيعية خلابة تجعل هذه المنطقة رائعة الجمال كما توجد العديد من الهضاب بين مرتفعات آردن، وهي عبارة عن هضاب وعرة وذات كثافة سميكة، أما فيما يخص مناخ بلجيكا فهي ذات مناخ بحري معتدل، يصاحبه أحيانًا كثيرة هطول أمطار في كل الفصول، أدنى درجة حرارة تكون في يناير وتصل إلى 3 درجات مئوية، وأعلى درجات حرارة تكون في يوليو وقد تصل إلى 18 مئوية.
بداية تاريخ بلجيكا
ربما تاريخ مملكة بلجيكا غير مزدحم بالأحداث، فإلى القرن السابع عشر تقريبًا لم تكن بلجيكا بلد مستقلة، بل كانت تابعة لعدة ممالك على مر التاريخ وهذا من ناحية أخرى يجعل تاريخها من حيث الاحتلال زاخر ومزدحم بالأحداث، حيث كانت البداية في نصف القرن الأول قبل الميلاد حين غزا يوليوس قيصر بلجيكا ليدعو هذه البلاد باسم بلاد الغال لتكون تحت حكم الإمبراطورية الرومانية، التي أدى حكمها لهذه البلاد إلى تطورها صناعيًا وتجاريًا، فقبل الغزو كانوا مجرد قبائل شاردة، مع مرور الزمن ضعفت الإمبراطورية الرومانية وقامت في بلجيكا قوة جديدة وهم عبارة عن قبائل ألمانية يدعوَن الفرنكيين أو كما يدعونهم العرب “الفرنجة” الذين هم شعب فرنسا الآن، أسس ملك فرانكيا في القرن الخامس مملكة شملت فرنكيا التي هي فرنسا وإقليم بلجيكا وعدة أقاليم أخرى، ومع مرور الزمن أيضًا فقد أحفاد الملك كلوفيتس سيطرتهم على حكم هذه المملكة ليذهب الحكم إلى عائلة فرنكية أخرى تدعى “الكارلونجيين” الذي كان الملك شارلمان أعظم ملوكهم، ومن هنا أصبحت بلجيكا في عصره مركزًا لإمبراطورية كبيرة ضمت جزء كبير من أوروبا الغربية.
العصور الوسطى في بلجيكا
في القرن التاسع فقد أحفاد شارلمان قدرتهم على إدارة هذه الإمبراطورية ليسود النظام الإقطاعي الذي فيه قدم المواطنين ممتلكاتهم إلى الملك في سبيل الحماية، وهذا جعل من بلجيكا مركزًا تجاريًا هامًا في ذلك الوقت، ثم بعد مرور عشرات السنين وتحديدًا في القرن الرابع عشر والخامس عشر تم حكم البلاد المنخفضة التي هي هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ عن طريق حكام بركنديا، وفي القرن السادس عشر وقع إقليم البلاد المنخفضة تحت حكم الإسبان الذين كانوا يدافعون عن العقيدة الكاثوليكية الرومانية في ذلك الوقت، ولكن في عام 1566 بدأت ثورة من البروتستانت على الإسبان، وبذلك تم إعلان هولندا كدولة مستقلة ولكن بلجيكا بقيت تحت السلطة الإسبانية، وبسبب الحروب التي عانت منها إسبانيا في القرن الثامن عشر مع فرنسا وعدة دول أخرى عانت بلجيكا اقتصاديًا لأنها كانت تابعة لإسبانيا ثم قدمت إسبانيا بلجيكا للنمسا التي كانت دولة ذات شأن في ذلك الوقت من التاريخ كصفقة تسوية، حينها حاول النمساويون أن يطوروا أنظمة بلجيكا الإدارية والتعليمية والسياسية والاقتصادية دون الأخذ في الاعتبار ثقافة وعادات الشعب البلجيكي.
عدد السكان
على الرغم من صغر حجم بلجيكا ولكنها من أكثر دول أوروبا من حيث معدل الكثافة السكانية، حيث يبلغ عدد الأشخاص لكل كيلو مربع 365 شخص، أكثر مدنها في الكثافة السكانية هي مدن إقليم “فلاندرز” أما أقل مدنها من حيث الكثافة السكانية هي مدينة “آردن”، السكان الأصلين البلجيكيين يصل عددهم إلى 75%، البقية ما بين مهاجرين وأعضاء اتحاد أوروبي من جنسيات أخرى، عدد سكان بلجيكا حسب آخر إحصائيات تخطى 11.35 مليون نسمة، ولا تزال البلد تستقبل بعض لاجئي الحروب وتستقبل بعض المهاجرين ولكن بشكل قليل، كما يقدر عدد البلجيكيين المهاجرين تقريبًا 25% من إجمالي عدد السكان، ومن بعد قانون الهجرة الجديد الذي سهل أمور عملية الحصول على الجنسية البلجيكية، تم تجنيس ما يقارب الأربعة مليون مهاجر بالجنسية البلجيكية، 49% منهم من سكان أوروبا وال51% الباقين من دول غير أوربية مثل المغرب والجزائر والكونغو الديموقراطية.
اللغة في بلجيكا
مسألة اللغة في بلجيكا معقدة نوعًا ما حيث أن اللغة هناك غير موحدة ولا توجد لغة رسمية بلجيكية، بل يوجد تقريبًا ثلاث لغات أساسية هناك، وللأسف ليس هنالك تعداد رسمي باللغات المستخدمة في بلجيكا، 60% تقريبًا من أهل بلجيكا يتكلمون الهولندية البلجيكية، وهي تشبه كثيرًا اللغة الهولندية ولكن تختلف في اللهجة، و40% من بقية السكان يتكلمون الفرنسية ويتم تسمية البلجيكيين المتكلمين بالفرنسية باسم الولونيين، هذا غير تقريبًا 73000 في جزء من إقليم يدعى “والون” يتكلمون الألمانية، أيضًا هناك عدد ليس بالقليل يتكلمون بالفرنكية الهولندية القديمة، في العموم بلجيكا دولة تهتم جدًا بالتعليم وأغلبية شعبها يدرسون اللغة الإنجليزية في المدارس ضمن المراحل الابتدائية كنوع من أنواع التوعية وزيادة التواصل مع العالم الخارجي، ما يمكنك كشخص عربي أن تختار التعامل معهم عن طريق الإنجليزية أو الفرنسية أو الهولندية أو الألمانية، فمعظم شعب بلجيكا يعرف تلك اللغات نتيجة لتعاملهم بها سويًا.
الديانة
الديانة الرسمية للملكة البلجيكية هي المسيحية، ولكن في المقابل بلجيكا أكثر دول أوروبا نسبة في المسلمين بالنسبة للتعداد السكاني العام للشعب البلجيكي، والبلجيكيين ليسوا متدينين بطبعهم، الكاثوليكية هي الطائفة المسيحية الأكثر انتشارًا هناك، وتصل نسبة أتباع الكنيسة الكاثوليكية إلى 57%، و15% من بقية المسيحيين يعتبرون أنفسهم مسيحيين لا طائفيين أي غير منتمين لطائفة محددة، عدد المسلمين حسب الإحصاءات وصل إلى نصف مليون مسلم، وعدد المسيحيين الإنجليكيين أو البروتستانت 140 ألف مسيحي، عدد اليهود 55 ألف يهودي، هناك حرية في العقيدة تسمح باعتناق بعض من الشعب البلجيكي الديانات الآسيوية مثل البوذية والكونفوشيوسية والزرادشتية وغيرها من الديانات الأخرى.