النمسا - مسارات

في الحقيقة ثمة أمر لا خلاف عليه، وهو أن الله لا يُعطي أحدًا كل شيء، وإنما يُعطيه بعض الأمور ويمنحه البعض الآخر، ومن أهم العمليات التي توضح لنا هذا القول عملية السفر، ففي الوقت الذي يجد السائح نفسه مالكًا للأموال ولكل الإمكانيات التي تلزمه من أجل السفر تجده غير قادر على تحديد المسار أو الأماكن التي سيقوم بزيارتها عندما يقوم بعملية السفر هذه، إذ أن مسألة التخطيط تُصبح من الصعوبة بمكان، وهذا ما يجعله في حاجة دائمًا إلى مسار جاهز لكل البلاد التي سيُفكر في الذهاب إليها، وهذه هي مهمتنا فيما يتعلق بدولة النمسا، إذ أننا سنضع له مسار كامل مُتكامل من أربعة أيام ثم نفصل له القول فيما يُمكنه أن يفعله خلال هذه الأيام الثلاثة، فهي بنا نعرف ما الذي سنفعله باليوم الأول.

اليوم الأول

بكل تأكيد اليوم الأول من المسار الذي سنضعه لكم يجب أن يكون اليوم الأقوى حتى يدفعكم إلى إكمال المسار بدرجة حماس كبيرة، ولذلك قمنا باختيار مكان يُعتبر الأهم والأشهر على الإطلاق في النمسا فيما يتعلق بالجولات السياحية، والحديث هنا عن مدينة انسبروك، فهذه المدينة الساحرة معروفة باحتوائها على الكثير من الأماكن السياحية الجاذبة المتنوعة في شكلها ومضمونها، ومن أهم هذه الأماكن التي يُمكننا أن نبدأ بها زيارتنا تلك البوابة الشهيرة المعروفة باسم بوابة النصر، وهي مكان يستقطب السياح من كل مكان بسبب تصميمها المُبهر وموقعها المتميز، أيضًا من ضمن الأماكن التي يُمكننا زيارتها في هذه المدينة قلعة أمبراس، تلك القلعة التاريخية التي تحتوي بداخلها على مخزون كبير من الأسلحة القديمة التي استُخدمت في الدفاع عن المدينة بالعصور الوسطى، وهناك طبعًا حديقة هوفجارتين، وهي واحدة من أكبر الحدائق الموجودة في المدينة والنمسا وأوروبا بالكامل، حيث أنها مكان مناسب جدًا للعائلات والفسح الجماعية، كما لن ننسى أبدًا زيارة هوفكيرش، وهي مكان أثري مُبهر يأتي على شكل كنيسة ومتحف في نفس الوقت، لكن، هل تنتهي الأماكن المناسبة للزيارة في هذه المدينة عند هذا الحد المذكور؟ الإجابة بكل تأكيد لا.

أيضًا من ضمن الأماكن الهامة التي يجب أن تدخل ضمن مسارنا أثناء زيارة هذه المبنى ذلك السقف الذهبي الذي يُعتبر من أهم المعالم هناك وأكثرها زيارة، كذلك حديقة حيوانات المدينة وبعض المتاحف المجاورة لبعضها، والتي يجب أن تشهد نهاية هذه الزيارة الرائعة في ذلك اليوم الأول من مسارنا، لكن الرحلة لن تتوقف أبدًا عند ذلك الحد، بل إننا سنتابع زيارة المدن الأخرى في الأيام الثلاث المتبقية، لكن علينا الآن العودة إلى الفندق من أجل التجهز لبدء اليوم الثاني بقوة ونشاط، فالمتعة تحتاج الطاقة، هذه هي القاعدة التي يجب أن يعرفها كافة السياح جيدًا.

اليوم الثاني

بكل تأكيد اليوم الثاني من مسارنا لن يقل أبدًا من حيث المتعة عن اليوم الأول، ففيه سوف نقوم أيضًا بزيارة مدينة من المدن الهامة في النمسا وأوروبا بالكامل، والحديث الآن عن مدينة سالزبورغ، فهذه المدينة معروفة بكونها مدينة ثقافية وسياحية من الطراز الفريد، أيضًا يُفضل قضاء إجازة الصيف بهذه المدينة لتميزها الكبير في المصايف، لكن بكل تأكيد السائح الذي سيقضي يوم واحد فقط من مساره داخل هذه المدينة لن يكون قادرًا على فعل ذلك، وإنما هو فقط بحاجة إلى بعض الأماكن الهامة التي يُفضل زيارتها، ومنها مثلًا متحف سالزبورغ الموجود في ساحة موزارت، والذي على الرغم من حداثته وتاريخه القصير الذي لم يتجاوز العشر سنوات إلا أنه يحظى بالكثير من القطع الأثرية الهامة، أيضًا في سالزبورغ يُمكننا زيارة قطعة سالزبورغ، وهي من أقدم القلاع الموجودة في أوروبا ومر عليها ما يزيد عن ألف عام، وبالرغم من مساحتها الكبيرة إلا أنه كل فترة تُقام عملية توسعة بها من أجل تكبير مساحتها أكثر وأكثر، وهذه القلعة بلا شك لن تكون المكان الأثري الهام الوحيد الواجب زيارته في النمسا أو مدينة سالزبورغ تحديدًا، فهناك أيضًا مكان الإقامة الخاصة بالملحن العالمي موزارت، فبلا شك الجميع يُريد زيارة المكان الذي ترعرعت به هذه الشخصية البارزة.

الأماكن التي يُمكننا زيارتها خلال هذا المسار لا تتوقف أبدًا عند ذلك الحد الذي ذكرناه، فهناك أيضًا حديقة سالزبورغ التي تمتلك أنواع كثيرة من الحيوانات التي منها ما هو نادر ومنها ما هو متعارف عليه، ولأول مرة تتحول حديقة إلى مكان ترفيهي ومحمية طبيعية في نفس الوقت، وبغض النظر عن كل ذلك لا يُمكننا أن ننسى مجموعة المطاعم والمقاهي الرائعة المتواجدة في سالزبورغ والتي تُعتبر من أجود المطاعم والمقاهي في النمسا وأوروبا بالكامل، عمومًا، في النهاية سينتهي هذا اليوم الثاني في مسارنا، بعد ذلك سوف نبدأ التخطيط لليوم الثالث، فماذا عنه؟

اليوم الثالث

في هذا اليوم الثالث ضمن مسارنا سوف نفعل شيء جديد بعض الشيء، وهو أننا سنقضي اليوم في قرية وليس في مدينة، قرية هالستات، والحقيقة أن هذا الأمر لن يُمثل فارقًا كبيرًا خاصةً إذا كنا نتحدث عن دولة مثل النمسا كل شبر فيها يُمكن اعتباره مكان سياحي بامتياز، على العموم، مع بداية هذا اليوم سوف نقوم بزيارة أبرز الأماكن الموجودة في القرية على الإطلاق، والحديث هنا عن بحيرة هالستات، وهي واحدة من أهم البحيرات في النمسا بالكامل وليس فقط هذه المنطقة، بعد ذلك سوف نتوجه إلى كنيسة هالستات، والحقيقة يا سادة أننا عندما نرشح الكنائس من أجل الزيارة فإننا لا نُشرحها أبدًا للأقباط والمسيحين، صحيح أنهم سيهتمون للغاية بمثل هذه الأماكن لكن أيضًا الشكل المعماري الجميع يجعل الجميع في حاجة إلى مشاهدتها، وبعد ذلك سوف نتوجه سريعًا إلى مكان آخر هام، وهو ساحة السوق، وفي هذه الساحة يتم بيع الكثير من الأشياء اللازمة في رحلة السفر بالإضافة إلى بعض الأشياء العتيقة النادرة، ومن هذا المكان سنتوجه إلى جبل هالستات الذي يتجاوز طوله الثلاثة آلاف متر، وهو كما هو واضح من أعلى القمم الموجودة في النمسا بالكامل، وبالمناسبة، ثمة منتزه بالقرب من هذا الجبل يُمكن زيارته كذلك ضمن مسار هذا اليوم، لكن هل ينتهي هنا كل شيء؟

بكل تأكيد لا، فعلى الرغم من أن قرية هالستات قرية صغيرة للغاية إلا أنها لا تزال تعج بالأماكن القابلة للزيارة بمختلف أنواعها، فهناك مثلًا متحف التراث العالمي الموجود داخل القرية والذي يضم بداخله قطع أثرية من تاريخ القرية والنمسا ودولة أوروبا بالكامل، قطع أثرية ربما مر عليها ما يزيد عن الخمسة آلاف عام، وفي النهاية يُمكننا أن نختم زيارتنا من خلال زيارة مجموعة الكهوف الكثيرة الموجودة داخل هذه المنطقة، ومنها كهوف الثلج وكهوف الماموث، وهي كهوف عتيقة وغريبة للغاية، ستعرفون ذلك بأنفسكم عندما تذهبون إليها، على العموم نحن الآن مطالبون بإنهاء جولتنا لأن الوقت ينفذ منا واليوم الثالث قد شارف على الانتهاء، فماذا يا تُرى عن اليوم الرابع والأخير في هذا المسار؟

اليوم الرابع

نأتي الآن إلى اليوم الرابع والأخير من مسارنا داخل دولة النمسا، وكما تعودنا فإننا دائمًا ما نُراعي زيارة تلك الأماكن التي لا يعرفها السياح وفي نفس الوقت تكمن فيها المتعة بشكل كبير، والحديث الآن عن منطقة شتاير، وهي منطقة سياحية بامتياز بيد أنها لا تأخذ نصيبها من الشهرة، والحقيقة أن المميزات الجاذبة في هذه المدينة كثيرة لكونها في المقام الأول نقطة التقاء نهرين بالإضافة لكونها مبنية على الطراز القديم الذي يُفضله أغلب السياح في الأماكن التي يقومون بزيارتها، لكن السائح الذي نحدثه الآن عندما يرانا نتحدث عن مدينة شتاير ضمن مسارنا فإنه سيسأل بالتأكيد عن تلك الأماكن التي يُمكن زيارتها في المدينة من أجل قضاء هذا اليوم على أجمل صورة ممكنة له، ولكي ندخل في الأمر سريعًا فإننا سوف نبدأ زيارتنا بالذهاب إلى قصر شتاير، وهو أحد أهم الأماكن الجاذبة الموجودة في المدينة وتم تشييده في القرن الثامن عشر، بعد ذلك سنتوجه إلى رصيف النهر، وهو رصيف شهير يتواجد به سلم صغير يقودك إلى المدينة القديمة التي يُمكنك أن تقطع بها أجمل ثلاث ساعات في حياتك، وفي داخل هذه المدينة القديمة سوف تكون لديك فرصة قائمة لزيارة الأماكن السياحية الهامة المتمثلة في المطاعم والمقاهي والمتاجر، بل حتى البيوت نفسها تُصبح في هذا المكان ضمن الأماكن الأثرية، لكن هل هذا كل شيء يُمكن فعله في هذا اليوم الأخير من مسارنا، الإجابة بكل تأكيد لا.

أيضًا داخل مدينة شتاير سوف يكون بإمكاننا زيارة كنيسة شتاير، وهي كنيسة شهيرة تُعتبر الأشهر على الإطلاق داخل دولة النمسا بسبب شكلها المعماري المُدهش، ثم بعد ذلك سوف نتوجه إلى قلعة لامبرغ التاريخية، وهي أحد القلاع الهامة في أوروبا وموجودة منذ العصور الوسطى، حيث كانت مهمتها الأولى والرئيسية الدفاع عن النمسا، وفي داخل القلعة هناك حديقة وبالقرب منها نقطة التقاء لنهرين، وهو ما يجعل منها مكان غير قابل للتفويت ضمن مسارنا هذا، والذي سنختمه بزيارة متحف شتاير الذي يُعتبر من أشهر متاحف النمسا، والحقيقة أن هذا المسار الذي استمر لأربعة أيام كان رائعًا بحق، لكن الأمور الرائعة تنتهي في النهاية، وهي ما سيحدث مع مسارنا.

بالطبع هذه الأماكن التي قمنا بذكرها الآن ضمن مسارنا الذي استمر طوال الأربعة أيام لا تُعبر عن كل الأماكن التي يجب زيارتها، وإنما هي فقط تُعبر عن الأماكن الهامة والأكثر جذبًا للسياح، وبكل تأكيد السياح المتمرسون يمتلكون المسارات الخاصة بهم، لكن هذا المسار موجه فقط لمن لا يعرفون أي شيء عن السفر ولا يُمكنهم اختيار مسارهم.