النمسا - أحداث

مما لا شك فيه أن دولة كبيرة مثل النمسا تمتلك مخزون كبير جدًا من الأحداث والمناسبات، وذلك المخزون الكبير يُمكن استخدامه بشده والتحدث فيه بكثرة، لكنه سيكون أكبر من أن يُجمل في سطور قليلة، لذلك فإن الحل الأمثل لذلك الأمر أن نقوم بتناول عينات صغيرة من كافة المناسبات والأحداث بمختلف أنواعها، كأن نتناول بعض الأعياد ثم بعض المهرجانات وبعض المناسبات الخاص والعطلات، ولأن الناس يحبون الفرحة ويميلون إليها فإن البداية ستكون مع الأعياد، وتحديدًا عيد الكريسماس، فما الذي يُمكننا قوله عنه يا تُرى؟

عيد الكريسماس أو الميلاد

من أهم الأعياد الموجودة في النمسا وأوروبا بشكلٍ عام أعياد الكريسماس التي يحين موعدها في الأيام العشر الأخير من شهر ديسمبر الذي يأتي في نهاية كل عام، فالعالم كله تقريبًا لا يفوت الكريسماس، كما أن أكثر مظاهر الاحتفال بهجةً تظهر بشكل حصري في أعياد الكريسماس، إذ أنه من النادر جدًا أن يقوم شخص بتفويت الاحتفال بهذا العيد لأي سبب، أما عن طرق الاحتفال المُختلفة فهي تظهر من خلال الملابس الجديدة والفرق الموسيقية التي لا تُغادر الشوارع في هذه الفترة وكذلك المناسبات الكثيرة التي يتم تنظيمها احتفالًا وابتهاجًا بوصول هذا العيد، حتى أنت عزيزي السائح العربي سوف تبتهج كثيرًا إذا ما حضرت عيد الكريسماس في بلد أوروبي، وخاصةً إذا كانت هذه البلد هي النمسا، ولن نُخبركم عن حالة الشواطئ في هذا الوقت من كل عام وكيف أنها لا تكون في حاجة إلى قدم زائدة بسبب الزحام الشديد.

عيد رأس السنة

ما دمنا نتحدث عن الأعياد التي يحتفل بها أهل النمسا في كل عام فلن تكون هناك أي حاجة في ترك أحد أهم هذه الأعياد وأكثرها احتفالًا على الإطلاق، والحديث هنا عن عيد رأس السنة الذي يُنظم في اليوم الأول من شهر يناير من كل عام، وعن هذا العيد حدث ولا حرج، حيث أنه لا يُمكنك أن تجد شخص واحد في منزله بهذه الليلة، فالجميع يكونون موجودين بأماكن الاحتفال المختلفة، والتي أغلبها بالمناسبة تكون أماكن جماعية في إشارة إلى رغبة الناس في التجمع بهذا اليوم من أجل تمني سنة سعيدة لبعضهم البعض وختام العام الفائت وبداية العام الجديد بصحبة الجميع، إنها بلا شك أجواء احتفالية رائعة لا يُمكن أبدًا تفويتها مهما كان السبب، وأما إذا كنت لا ترغب في الاحتفال داخل البارات والنوادي الليلية فلا تقلق أبدًا لأنه ثمة مطاعم ومقاهي وأماكن ترفيهية عادية تُنظم كذلك هذه التجمعات في تلك الليلة.

عيد القيامة أو الفصح

أهل النمسا بالكامل، أو الأغلبية الساحقة منهم على الأقل، يتبعون الديانة المسيحية، وبالتالي سيكون من المنطقي جدًا الاحتفال بأهم الأعياد الموجودة في الديانة المسيحية، والحديث هنا عن أعياد القيامة أو الفصح، وهي التي تأتي في شهر أبريل ويتم الاحتفال بها لعدة أيام، ولأنها أعياد جماعية يُشارك فيها أعداد كبيرة جدًا من النمسا كان لابد من الإبداع في طرق الاحتفال والتمتع الشديد بهذه الأعياد لدرجة أن غير المسيحيين لا يفوتون أبدًا فرصة الاحتفال بعيد القيامة، وبالمناسبة، غالبًا ما يكون اليوم الأول من هذا العيد هو يوم الكنائس والكاتدرائيات وأماكن دور العبادة بشكلٍ عام ثم بعد ذلك تبدأ أماكن الترفيه في أخذ نصيبها بدايةً من اليوم الذي يليه.

أعياد الفطر والأضحى

على الرغم من الأعداد القليلة للمسلمين المتواجدين في النمسا إلا أنه لن يكون من الصعب أبدًا ملاحظة وجود احتفالات طفيفة بأهم عيدين لدى المسلمين، والحديث هنا عن عيدي الفطر والأضحى، حيث أنك عزيزي السائح سوف ترى بنفسك المسلمين وهم يرتدون الجلاليب البيضاء ويُمسكون بالمصليات، كذلك إذا ذهب إلى أماكن تجمع الجاليات العربية أو الإسلامية على وجه التحديد فلن يكون من الصعب أبدًا عليك ملاحظة الحب الشديد لهذا العيد واحتفال المسلمين به.

عيد الربيع

من الغريب جدًا أن تجد ذلك التقدير الكبير من العالم والاحترام الشديد لفصل الربيع الذي يأتي غالبًا في شهر إبريل من كل عام، فهذا الفصل هو معشوق البشر بسبب الطقس الجيد الذي يُصاحبه بالإضافة إلى بعض الخيرات الأخرى التي تُبراهن على كون هذا الفصل هو فصل الخيرات فعلًا، ولهذا يكون من الواجب على الجميع الاحتفال به والتعبير عن حبهم له، ويظهر ذلك الأمر في العديد من المظاهر الاحتفالية المُختلفة التي لا تقل في البهجة عن الأعياد المذكورة آنفًا، لذلك عزيزي السائح إذا كنت في النمسا فلا تُفكر مجرد التفكير في تفويت فرصة الاحتفال بهذا العيد العظيم.

مهرجان بريغنز

بلا أدنى شك يا سادة من الصعب جدًا أن نتحدث عن أهم المهرجانات الموجودة في النمسا دون أن نتطرق إلى واحدة من أهم المهرجانات التي تُقام هناك وتحظى بقدر كبير من الشهرة، والحديث هنا عن مهرجان بريغنز الثقافي، ولمن لا يعرف فإن بريغنز في الأساس مدينة هامة تُعتبر من أهم المدن الموجودة في النمسا، وربما تكون تلك الأهمية والشهرة التي تحظى بها بريغنز قد ظهرت أصلًا بسبب هذا المهرجان الذي بدأ في هذه المدينة قبل أكثر من سبعين عام، وتحديدًا عام 1946، وهذا ما يأخذنا إلى الحديث عن أسباب وجود هذا المهرجان من الأساس، إذ أنه جاء كمحاولة من أجل تحسين الحالة الثقافية بعد حالة الدمار التي خلفتها الحرب العالمية الثانية في أوروبا والعالم بأكمله، ومن هنا جاءت فكرة مهرجان بريغنز الذي أصبح يُنظم بشكل سنوي في هذه المدينة وتحديدًا في نهاية يوليو وبداية أغسطس، وكما هو معروف فإن المهرجان يختص بكل ما يتعلق بالثقافة والفن، وإن كان يُمكننا وصف هذا الحدث بوصف أفضل من المهرجان فبتأكيد سيكون هذا الوصف هو الكرنفال، فهو بالفعل كرنفال، ويُمكنكم أن تتأكدوا من أهمية الحدث من خلال الأعداد الهائلة التي تشارك فيه بشكل سنوي، والتي كما هو واضح في منحنى ازدياد تام.

مهرجان العصور الوسطى

هذا المهرجان أيضًا يُعد واحدة من المهرجانات الغريبة التي تُقام بشكل سنوي في بلدة كابرون الموجودة في النمسا، فببساطة شديدة هذه المدينة تمتلك بداخلها قلعة قديمة تعود للعصور الوسطى، وهذا أمر طبيعي وجوده وعادي جدًا، لكن ما هو ليس طبيعي بالمرة تلك الطريقة التي يتم من خلالها استغلال قلعة كابرون في إقامة مهرجان العصور الوسطى، وكما هو واضح من الاسم فإن فكرة المهرجان تقوم على حياة العصور الوسطى والرغبة في محاكاتها، ففي هذا اليوم يقوم أكثر من أربعة آلاف شخص بدفع رسوم الاشتراك في المهرجان ثم الدخول في القلعة من أجل بدء الطقوس وعيش حياة الأوروبيين في العصور الوسطى، حياة ليوم واحد تحديدًا، ولكم أن تتخيلوا ذلك القدر الكبير جدًا من المتعة الذي يحصل عليه كل من يقومون بالمشاركة في حدثٍ كبير كهذا، والأدهى أن الأسعار تكاد لا تُذكر مُقارنةً مع ما يحدث بالداخل، فتكلفة الاشتراك في المهرجان خمسة يورو فقط، وهو سعر لا يُذكر ومهرجان لا يفوت لأي سببٍ من الأسباب.

احتفال بحيرة زيلامسي

تشهد بحيرة زيلامسي الموجودة في النمسا احتفال سنوي يُقام على شرف البحيرة ويشهد تواجد مجموعة كبيرة جدًا من الزوار والسياح الذين يتفننون في طرق الاحتفال بهذا الحدث، حيث تقام عروض الماء والغطس والسباحة ويُشارك في الحدث ما يزيد عن الخمسين ألف شخص، وكل هذا يُقدم بتكاليف قليلة للغاية، ستة يورو، أي أنك ستُشارك في كل الأنشطة المُقامة بالقرب من البحيرة وتتمتع بيوم كامل مقابل هذا المبلغ القليل للغاية، عمومًا، يُقام المهرجان سنويًا في السادس من أغسطس ويكون مسموحًا المشاركة في صورة عائلات أو حتى بشكل فردي، كما يُمكنك الاستفادة من المطاعم والمقاهي الموجودة هناك والتي تُقدم الوجبات في هذا التوقيت بصورة مجانية أو بخصومات كبيرة للغاية.

كرنفال الألوان

من الأشياء المقدسة في النمسا وأوروبا بالكامل الألوان، فالناس هناك يعشقون الألوان عشقًا كبيرًا للغاية، ولذلك تراهم يحرصون دائمًا على التعبير عن ذلك الحب بكل الطرق الممكنة، حتى ولو وصل الأمر إلى إقامة كرنفال كامل من أجل ذلك الغرض، والواقع أن مدينة فيينا قد اشتهرت بفصل الصيف الذي يشهد كل عام كرنفال الألوان، وطبعًا الجميع يُمكنه تخيل شكل الاحتفال بهذه المناسبة التي يكون بطلها الأول الألوان، حيث يُغير الناس من ألوانهم الأصلية ويخرجون إلى الشوارع في سعادة وبهجة شديدين، أيضًا الحانات وأماكن الاحتفال تظل مفتوحة حتى الساعات الأولى من الصباح في تعبير عن الفرح بقدوم المهرجان وأهميته التي أوصلته إلى الاحتفال به بهذه الطريقة المُبهجة.

احتفال الأربعاء

أيضًا من ضمن الاحتفالات المميزة والغريبة في نفس الوقت ذلك الذي يقام كل أربعاء في كل أسبوع، والحقيقة أن فكرة هذا الاحتفال تبدو غريبة بعض الشيء وغير مفهومة، فالمشارك في هذا الاحتفال عليه أن يخرج إلى ساحة زيلامسي في مساء الأربعاء ثم يبدأ بالمشي حتى الساعات الأولى من الصباح، وبهذه الطريقة يكون قد قام بالاحتفال على الوجه المطلوب وعليه أن يحصل من خلال هذا الأمر على السعادة، الأكثر غرابة أن الناس فعلًا يسعدون بهذه المناسبة ويكررونها كل أسبوع، وربما يكون هذا الأمر راجع في المقام الأول إلى الموسيقى الرائعة التي يتم عزفها في كل مكان خلال هذا اليوم، الموسيقى الإيطالية على وجه التحديد.

طبعًا هذه الأحداث والمناسبات والأعياد والمهرجانات التي قمنا بذكرها الآن لا تُعبر أبدًا عن كل الأحداث الموجودة في النمسا، وإنما هي فقط تُمثل جزء صغير منها، وتحديدًا ذلك الجزء الذي يشغل السياح، فمثل هذه المناسبات التي ذكرناها الآن هي التي يُمكن المشاركة فيها والاستمتاع بها لأبعد درجة ممكنة، وهذا هو الهدف الأول من ذكرها بالتأكيد.