البوسنة والهرسك

البوسنة والهرسك - نبذة

الموقع والجغرافيا

تقع دولة البوسنة والهرسك في شبه جزيرة البلقان الواقعة في جنوب شرق أوروبا وتحديدًا ترتكز البوسنة والهرسك في غرب البلقان، وتجاورها من الغرب والشمال والجنوب دولة كرواتيا، ومن الجنوب الغربي دولة الجبل الأسود، ومن الشرق دولة صربيا، وتعتبر دولة البوسنة والهرسك هي شبه مقفلة ساحليًا نظرًا لعدم وجود أي ساحل بها غير شريط ساحلي بسيط طوله لا يتجاوز الخمسة وعشرين كيلو متر، وهذا الشريط يقع في مدينة نيوم الساحلية المطلة على البحر الأدرياتيكي، والدولة بشكل عام مليئة بالجبال المنتشرة في كل منطقة منها وأعلى قمة جبلية فيها هي ذروة ماغليتش التي تتجاوز الثلاثة آلاف وثماني مائة وثماني متر تقريبًا، وأيضًا تعد الدولة من الدول المليئة بالغابات حيث أن نسبة الغابات بها تقارب الخمسين بالمائة، ويعتبر مناخ الدولة هو مناخ البحر الأبيض المتوسط الجاف المشابه لبعض لمصر بعض الشيء.

وهي بذلك أرض صالحة للزراعة بشكل كبير وخاصة منطقة البوسنة الشمالية القريبة من نهر سافا، وبمناسبة ذكر نهر سافا فإن هذا النهر يعد الأكبر في الدولة ويقتحم خمسة وسبعين بالمائة من أراضيها، وعلى ذكر الأنهار فإن الدولة يمر بها نهر يدعى البوسنا أو البوسنة وهو النهر الذي سميت البلاد باسمه فيما بعد.

تاريخ البوسنة والهرسك

مرت دولة البوسنة والهرسك بالكثير من الأحداث على مر العصور وخاصة في القرنين الثاني والثالث عشر الميلادي، فقد كانت هذه الفترة هي بداية اعتناق البوسنة والهرسك للديانة المسيحية وقد أتى ذلك في وقت متأخر نظرًا لبعد الدولة عن مناطق التبشير المسيحي، وتعين أولك ملك للبوسنا كدولة مستقلة في القرن الثاني عشر وهو بان كولين الذي قاد البلاد لمدة ثلاثين عام وهي في حالة استقرار وهدوء تام جدًا، بعد ذلك دبت الصراعات على الملكية بين أسرتين كبيرتين حتى القرن الرابع عشر وانتهت بتعيين ستيفن الثني كملك للبوسنة والهرسك عام 1322، وقد عمل هذا الملك على توسيع رقعته الجغرافية حتى احتل دلماشيا الواقعة شمال البلاد، ولم يمر قرن إلا وكانت للدولة العثمانية العظيمة رأي أخر وتمكنت من فتح عدة دول أوروبية كان من بينها دولة البوسنة والهرسك، وقد حدث ذلك في عام 1463 فبدأ العثمانيين بالاستيلاء على البوسنة في ذلك العام ثم تبعتها الهرسك بعد تسعة عشر عام تقريبًا.

وقد حكمت الدولة العثمانية هذه الدولة أكثر من أربعة قرون جرت فيها العديد من التغييرات والتطورات، وبالرغم من حكم العثمانيين للبوسنة والهرسك إلا أنها لم تمحي هويتها وأبقتها كما هي محتفظة بعراقتها وهويتها وهذا أمر غريب بعض الشيء بالنسبة للسياسة العثمانية في أوروبا، ثم بعد ذلك خرجت البوسنة والهرسك من طوع العثمانيين وفق معاهدة برلين عام 1878 وتكون منذ ذلك التاريخ وحتى 1918 تابعة للإمبراطورية النمساوية المجرية، وبالرغم من رضوخ البوسنة لهذا القرار وتفاهمها الشديد مع الإمبراطورية إلا أن الهرسك كان لهم رأي أخر وقاموا ببعض الثورات والاحتجاجات مطالبين بالانفصال، وهذا ما تحقق عام 1918 بعدما انضموا إلى جمهورية يوغسلافيا الأولى وانفصلوا عنها في الحرب العالمية الثانية وتدهورت الأحوال وقامت الحروب حتى انتهت بالاستقلال التام والاعتراف الرسمي بالدولة عام 1992.

السكان واللغة والديانة

يبلغ عدد سكان دولة البوسنة والهرسك حوالي أربعة ملايين نسمة أو أقل قليلًا وهذا التعداد السكاني ثابت كما هو منذ تسعينات القرن العشرين، وذلك بسبب الحروب والصراعات التي حدثت في أراضي الدولة مما أدى إلى وفاة الكثير من الشعب ونزوح البعض إلى دول أوروبية مجاورة، والأربعة ملايين نسمة هؤلاء موزعين على مجموعات عرقية ثلاث هم البوشناق ونسبتهم خمسين بالمائة، والصرب نسبتهم ثلاثين بالمائة، والكروات ونسبتهم خمسة عشر بالمائة ونصف، أما من حيث اللغة فهذه الدولة تتحدث بثلاثة لغات ولكنهم جميعًا ليسوا رسميين، وهم البوسنية والصربية والكرواتية، وذلك بسبب وجود الثلاثة أعراق في أراضيها وتبعية الدولة لتلك الدول من حين لأخر حتى نهاية القرن العشرين، وقد أجريت إحصائية عام 2013 لمعرفة أي اللغات أكثر شيوعًا وتداولًا في الدولة فكانت الإجابة كالتالي، البوسنة بنسبة خمسين بالمائة، والصربية بنسبة ثلاثين بالمائة، والكرواتية بنسبة خمسة عشر بالمائة.

وهذه النتائج توضح لنا أن الذين يتحدثون بلغة ما من تلك اللغات هم في الأصل تابعين لتلك الدولة أي يعتزون بهويتهم الأصلية ويتحدثون بلغتها، أما عن الديانة فإن الإسلام هو الديانة الأولى في الدولة حيث يبلغ عدد معتنقيه حوالي واحد وخمسين بالمائة تقريبًا، في حين أن الديانة المسيحية الأرثوذكسية لا تتجاوز الواحد والثلاثين، والمسيحية الكاثوليكية حوالي خمسة عشر بالمائة تقريبًا، والثلاثة بالمائة الباقية هي للملاحدة والغير دينيين.

الاقتصاد

بسبب الحروب والصراعات الشديدة التي حدثت في دولة البوسنة والهرسك فإن الاقتصاد والبنية التحتية لديها قد دمرت وتدهورت بشكل كبير، ولذا فهي تحاول استعادة البنية وإصلاح ما تم إفساده قدر الإمكان، ومن الأشياء التي تدهورت في اقتصاد الدولة أنه قد انخفض الناتج المحلي بنسبة تزيد عن الستين بالمائة، ولم تعد الدولة قادرة على استيعاب الطاقة الإنتاجية التي لديها، وقد وصلت نسبة البطالة في عام 2005 إلى ثماني وثلاثين بالمائة ونصف، ثم تقلصت في 2014 وصارت ثماني وعشرين بالمائة تقريبًا، وهذا ما يوضح لنا من تقدم وازدهار تسعى إليه الحكومة في دولة البوسنة والهرسك حتى تلحق بركاب الأمم المتقدمة، فهي تحاول خلق فرص عمل جديدة للشباب وتفتح مشاريع ومجالات عمل أكبر حتى تواكب الأحداث وتزيد معدل الإنتاج وإجمالي دخل الفرد في العام، فتقول المؤشرات أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد هو سبعة آلاف وستمائة دولار للفرد، بينما إجمالي الدولة واحد وثلاثين مليار دولار.

وقد قامت بعض الدول الأوروبية بالاستثمار في البوسنة والهرسك حتى تدور العجلة في الدولة وتجني تلك الدول بعض الأرباح، ومن هذه الدول ألمانيا وهولندا وسويسرا وصربيا وكرواتيا وروسيا وسلوفينيا والنمسا، أغلبهم استثمروا في مجال التصنيع، والباقي في الاتصالات والتجارة والبنوك المصرفية والخدمات، والآن البوسنة والهرسك تسير بسرعة كبيرة جدًا في التقدم والازدهار.