الآن من الواضح أننا بتنا نعرف كل شيء تقريبًا عن إنجلترا، بقي فقط التعرف على مناطق الجذب التي من أجلها قمنا بكل ما سبق، سواء استخراج جواز السفر أو تحضير الحقيبة أو معرفة كيفية التنقل داخل المدينة، فكل هذا قمنا به أصلًا من أجل التجهز لزيارة مناطق الجذب الموجودة في هذه البلد الكبيرة، والحقيقة أننا إذا قمنا بذكر كل المناطق، أو حتى بعضًا منها، فسوف نحتاج بلا مُبالغة إلى الكثير من الأدلة وليس مجرد دليل واحد، ولهذا فإن الحل الأمثل من أجل تناول هذه النقطة الهامة أن نقوم بذكر أشهر المدن الموجودة مع المرور البسيط على أبرز المعالم الموجودة بها، وبالرغم من أن هذا أيضًا أمر صعب لكننا سنحاول القيام به قدر المستطاع، ولأن البدايات هي الشيء الأجمل دائمًا، كان لابد طبعًا من البدء بأحد أهم المدن المتواجدة في إنجلترا والعالم بأكمله، إنها مدينة لندن العريقة بلا أدنى أشك.
لندن، عاصمة الضباب
مدينة لندن هي مدينة إنجلترا الأولى، وأحد المدن الأوروبية الخمس الشهيرة، أما عن كونها المدينة الأولى في بلاد الإنجليز فهذا بالطبع أمر بديهي تمامًا ويتضح جدًا من كونها العاصمة الأم على الرغم من عدم كونها الأكبر من حيث المساحة، لكن الأهمية دائمًا ما تأتي من أشياء تقوم بها المدينة أو تتواجد من داخلها، وليس هناك أكثر من هذه الأشياء، فتقريبًا ثُلثي الآثار ومناطق الجذب الموجودة في إنجلترا تتواجد أصلًا في مدينة لندن، ولهذا ليس من المنطقي أن يتواجد شخص في إنجلترا بهدف القيام بجولة سياحية دون أن يقوم بالمرور على لندن، بل وحتى لو كانت الزيارة بقصد غير سياحي فإن المرور بلندن كذلك أمر شبه بديهي، والحقيقة أن تلك الأهمية الكبيرة للمدينة ليست وليدة القرن الحالي أو الذي يسبقه، بل منذ نشأة لندن وهي تبرع في جذب الأنظار إليها حتى تم تسميتها بأكثر من اسم، أشهرهم طبعًا اسم مدينة الضباب الذي خرج على المدينة لكونها تعج بالضباب أغلب فترات العام، لكن هل الضباب هو ما يجذب الناس إلى لندن؟
بالتأكيد لا، فعوامل الجذب التي تمتلكها لندن كثيرة للغاية، وما رجح ذلك في المقام الأول كونها عاصمة إنجلترا، والجميع يعرف أن العاصمة هي جوهرة أي دولة، وبالطبع لا أحد يرغب في تفويت زيارة جوهرة دولة بحجم إنجلترا، وهنا أيضًا المتحف الوطني والمتحف الطبيعي ومتحف هورنيمان وقبو دنجن ونهر التايمز وساعة بيج بن، والكثير من الأماكن الجاذبة التي لا يُمكن للذاكرة أن تُسعف أي شخص بتذكرها، فهي كثيرة وفي نفس الوقت كلها ذات أهمية، ولذلك فإن تفويت مثل هذه النوعية من الزيارات سوف تكون ضربة موجعة للمتعة، والتي يعيش الإنسان أصلًا من أجلها، وطبعًا يجب أن نذكر بأن جذب لندن للسياح لا يقتصر على السياح العرب فقط، وإنما السياح الأوروبيين أنفسهم لا يُفضلون أبدًا تفويت هذا الجمال الذي كان ولا يزال أحد أهم عناصر الجذب والتعريف بإنجلترا بأكملها وليس فقط لندن.
ليفربول، موقع التراث الدولي
من النادر أن تُعلن مدينة بالكامل كموقع دولي للتراث، وهو أمر تختص بإعلانه منظمة اليونسكو العريقة، لكن بعيدًا عن معنى هذا الأمر وما يقوم به، فإن ليفربول، تلك المدينة الساحلية التي تحتل المرتبة الثانية في إنجلترا، قد تمكنت بكل سهولة من الظفر بهذا اللقب في عام 2004، لتُصبح رسميًا مدينة تراثية ومفخرة ثانية لإنجلترا بعد لندن، فإذا طلبت ترشيحات لمدن وأماكن يُمكن زيارتها في إنجلترا فإنه من الجنون أن يتم تشريح هذه المدن دون أن تكون ليفربول متواجدة بها، فهي تُعتبر مدينة كبرى على الرغم من أن أعداد سكانها لا تزيد عن النصف مليون نسمة، لكن السكان يختلفون في الأعداد تمامًا عن الزوار، والذين يُقدروا بضعف هذا العدد تقريبًا، وليس هذا فقط بسبب الشاطئ التي تملكه المدينة أو اعتبارها موقعًا تراثيًا كما ذكرنا، بل لأنها حقًا تمتلك أكثر من عنصر جذب يجعلان من تميزها هذا أمر منطقي تمامًا، ولولا وجود لندن في إنجلترا لكان من الممكن جدًا أن تكون ليفربول هي عاصمة الإنجليز وأشهر مدنهم على الإطلاق.
من أهم معالم ليفربول التي يقطع الناس مسافات طويلة لزيارتها كاتدرائية ليفربول، والتي تُعتبر أشهر مكان ديني في لندن، وأيضًا متحف ليفربول، والذي يضم الكثير من المعالم الخاصة بالمدينة نفسها وإنجلترا بشكلٍ عام، وهو من ناحية المساحة وعراقة التأسيس يُعتبر بلا شك المتحف الأول في البلاد، فقد بُني قبل ما يزيد عن مئة عام ولم يُعد ترميمه، وهذا يعني أن رائحة العراقة لا تزال متواجدة به كما هي، أما إذا كنت من مُحبي الفن فسوف تجد غايتك في ليفربول بكل تأكيد بسبب تواجد بيتلز ستوري، وهو فن يسعى الجميع للتعرف عليه، والحقيقة أنك لن تجد أفضل من المدينة التي احتضنته كي تتعرف عليه جيدًا، وبعيدًا عن الفن والتاريخ فإن الرياضة حاضرة وبقوة في هذه المدينة، حيث أن نادل ليفربول الشهير هو النادي الرسمي للمدينة التي يحمل اسمها، وهو نادي يحظى بمشجعين من كل مكان في العالم وليس فقط ليفربول أو إنجلترا، لذلك فإن المنطق يقول أنه ليس هناك أي عذر قد يمنعك من التوجه إلى ليفربول عند التواجد بإنجلترا.
كارلايل، عن الريف البريطاني الأصيل
هناك أمر يجب أن تعرفوه جيدًا، وهو أنه مهما كان المكان الذي ستذهب إليه، ومهما كانت درجة تقدمه ورقيه، فإنه بالتأكيد سوف يحتوي على الريف، فالريف في الأساس أحد أهم الأشياء التي أبرزتها الحضارة البشرية من أولها إلى آخر، وطبعًا المقام لا يتسع للحديث عن عشق اللون الأخضر وما يُمثله من حقول ومزارع وأراضي شاسعة تُستخدم في إراحة العينين من زخم المدينة، وإذا كنت ترغب حقًا في زيارة مكان بهذه المواصفات فإن مدينة كارلايل بلا شك سوف تبدو الخيار الأمثل لك، وذلك ببساطة لأنها تحتوي على أكبر مساحة خضراء في إنجلترا وفي نفس الوقت تحتوي على أقل عدد من السكان، فتقريبًا لا تزيد أعداد كل السكان بها عن العشرين ألف نسمة، وهو رقم يُمكن أن يتواجد في حي واحد بأحد المدن العربية، لكن ميزة قلة السكان وكِبر المساحات الخضراء أنها قد أعطت فرصة مثالية للهواء النقي والهدوء، وهو ما قد تلجأ إليه بعد زيارة أغلب مدن إنجلترا، حيث ستجد نفسك في حاجة تلقائية إلى الراحة والهدوء من كل ما رأيته في المدن الكبرى كلندن وليفربول ومانشستر، وطبعًا لا يعيب هذه المدن، لكن الأمر وما فيه أن هذه هي الطبيعة البشرية.
في كارلايل تتواجد المساحات الخضراء بكثرة لكونها في الأصل مدينة ريفية تمد إنجلترا بكل ما تحتاج إليه من فواكه وخضروات، لكن الأمر بالتأكيد لا يتوقف عند هذا الحد، فإذا كانت الحاجة مساء إلى رؤية الريف فما أكثره في بلادنا، لكننا نبحث عن أشياء أخرى بجانب الريف، وفي كارلايل سوف تجد طلبك هذا بكل تأكيد، حيث أنه، وبالإضافة إلى الريف، ثمة مناطق جاذبة للسياح مثل كاتدرائية كارلايل، وهي واحدة من الكاتدرائيات الكبرى في إنجلترا ومن الطبيعي تمامًا أن تتواجد كاتدرائية في كل مدينة لكون إنجلترا في الأصل دولة مسيحية، لكن هناك أيضًا متحف الطيران سولواي، وهو متحف متخصص في تاريخ الطائرات وصناعتها واستخدامها، كما أن هناك حديقة تالكين تارن الملكية وعدن روك التي تُستخدم في التسلق الممتع، إنها حقًا أماكن لا يُمكن تفويتها ومدينة لن تنسى زيارتك لها إذا ما مررت بها بإنجلترا.
كما نرى، أماكن الجذب في إنجلترا كثيرة للغاية، بل وهناك أكثر من ذلك، لكن كما ذكرنا، نحن في الأصل مرتبطون بالتحدث عن المدن وليست الأماكن المُفصلة ومناطق الجذب الشهيرة، وإن كنا طبعًا نمر عليها مرورًا سريعًا أثناء الحديث، لكن عشاق التفاصيل والمعلومات الدقيقة لن يُعانوا معنا، حيث أننا سنتناول في آخر الدليل أكثر من مكان من أماكن الجذب الموجودة في إنجلترا ونتحدث عنهم بالتفصيل، لكن أولًا دعونا نُكمل طريقنا مع السائح العربي الذي سيُقرر الذهاب إلى إنجلترا وما سيحتاج لمعرفته في هذه الزيارة الهامة، ولا تقلقوا، ليس هناك شيء قابل أبدًا للتفويت.