لأن لندن في الأساس مدينة بارزة في العالم بأكمله لذلك كان من المنطقي تواجد بعض المعالم البارزة بها، معالم سياحية وأخرى ثقافية وأخرى تاريخية، في النهاية تتواجد هذه المعالم بكثرة وتُبرهن حقًا على أن كل شبر في لندن يستحق التحدث عنه لأنه بالتأكيد سوف يكون شبرًا في متحف أو معرض أو متجر، أو حتى شارع عتيق به ميدان مُدهش، وبالمناسبة، أعداد البيوت في لندن قليلة مُقارنةً مع مدن أخرى، وهذا يدل على أن لندن وُجدت لتكون تُحفة فنية وليس فقط مجرد مدينة مُكتظة بالسكان، وأكبر ما سيُبرهن على ذلك الأمر بعض المعالم التي ستأتيكم تباعًا في السطور المُقبلة.
ساعة بيغ بن، أضخم ساعة في العالم
في عام 1865 ميلاديًا شُيدت أضخم ساعة في العالم على يد وزير الأشغال ببريطانيا العظمى بنجامين هول، والذي كان يُلقب أصلًا برجل بيغ بن، ولهذا فإن الساعة كما هو واضح قد حملت اسم هذا الوزير الذي أشرف على بناء الساعة منذ البداية وحتى النهاية، حتى أنه قد قام بتصميم البرج بنفسه وكأنه كان يعلم أنه سيُقدم للعالم واحدة من التحف التي استمرت حتى الآن وستستمر للأبد ما لم تحدث أي كارثة مُدوية، عمومًا، عند التحدث عن التفاصيل فإن وزن هذه الساعة يصل إلى اثنا عشر طنًا ونصف، وقد ثُبتت الساعة ببرج لندن كنوع من التزيين له، فقط تخيلوا أن ساعة بهذا الحجم المذكور ويتواجد فيها عقارب تبلغ أقدام كثيرة، أليس هذا الأمر مُدهش بحد ذاته وجاذب للسياح من كل مكان في العالم؟
تُعرف الساعة أيضًا بكونها الساعة الأدق من حيث قياس الوقت، فالوقت في بيغ بن هو الوقت الأصلي حتى لو كانت الساعة التي تُمسكها في يدك تقول خلاف ذلك، وقد اعتاد الناس على نوع من السياحة يُعرف باسم سياحة الساعة، وهو يقوم بالتواجد أمام البرج ومراقبة الساعة لمدة الوقت، المشهد في الحقيقة مُدهش، وإذا كنت ستستخف بهذا النوع من السياحة فكل ما عليك هو الذهاب إلى بيغ بن والوقوف أمامها لخمس دقائق فقط، بعدها ستُدرك كمّ الجمال الذي فوتّه.
المتحف البريطاني، متحف الإنسانية
عندما تكون في لندن أيضًا لا تُفوت، مهما كان السبب، فرصة زيارة المتحف البريطاني الكبير، لأنك ببساطة لن تزور متحف عادي من جدران وأثاث، وإنما في الحقيقة سوف تزور البشرية بأكملها بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، حيث أن ذلك المتحف، وحسبما تقول الإحصائيات الأخيرة، يضم بداخله أكثر من ثلاثة عشر مليون قطعة من كل حضارات العالم، سواء كانت تلك الحضارات لا تزال موجودة حتى الآن أم أنها قد اختفت، في النهاية المتحف البريطاني هذا سيُبرز لك تلك الحضارة وكأنها لا تزال موجودة، إنها الإنسانية كما ذكرنا، وإذا كنت محظوظًا فإن ساعة واحدة داخل هذا المتحف سوف تكون كالغوص لمدة قرن كامل في هذا التاريخ الطويل، ولهذا فإن زائر لندن مهما كانت أولوياته سوف يُفكر قبل كل شيء بالذهاب إلى هذا المُتحف واقتباس الإنسانية وحضاراتها من هناك بكل سهولة.
في الواقع بعض الناس يعترضون على كيفية وجود هذا المتحف، ولا يعترضون بالطبع على فكرته وأهميته، وإنما فقط الطريقة التي أصبح موجودًا من خلالها، وهي طريقة السرقة التي قامت بريطانيا بها من كل مكان في العالم قامت باحتلاله في يومٍ من الأيام، لكن الآن ونحن نتحدث عن مصلحة الزائر أو السائح فلا يعنينا في شيء كيف تكون المتحف، وإنما كل ما يعنينا وجوده وخدمته العظيمة للإنسانية، وبالمناسبة، في حالة الرحلات المختصة فإن المتحف لا يكون متاحًا سوى لتسعين دقيقة يوميًا، أما استقبال الزائرين فهو يحدث في كل يوم وبأي وقت، بل وبشكل مجاني تمامًا.
برج لندن، التاريخ والعراقة والأصل
على ضفة نهر التايمز الشمالية تتواجد واحدة من أعرق المعالم التي يُمكن أن تتواجد في مدينة من المدن، إنه برج لندن المُبهر، ذلك البرج الذي بُني قبل أكثر من ألف عام وكان وقتها يُعرف كرمز للأسرة الحاكمة في إنجلترا وقوتها، ثم بعد ذلك تعددت الأغراض التي استُخدم ذلك البرج من أجلها، حيث مرت فترة كان البرج فيها أشبه بمستودع يتم من خلاله حفظ الأسلحة والطعام والمؤن الخاصة بالجيش والشعب، وهذا طبعًا يتعلق بوقت الحرب، بعد ذلك بدأت بعض الأعمال الإدارية تُمارس فيه، كصك العملات وما شابه، ويُمكن القول أيضًا أن بناء ذلك البرج ظل معمولًا به مع تتابع الملوك والأمراء، وكأن كل واحد منهم مُختص بجزء مُعين من هذا البناء، وكان آخر هؤلاء ريتشارد قلب الأسد الذي بنى له جناح كامل باسمه وتحت إشرافه، ولا يزال هذا الجناح طبعًا موجود حتى الآن تمامًا مثلما هو الحال مع بقية البرج، ويُمكن لعشاق العراقة والجمال القيام برحلات ترفيهية إلى هذا البرج وبصورة مجانية تمامًا.
سانت بول، الكاتدرائية العريقة
كذلك من أهم المعالم الهامة في لندن، وخصوصًا من الناحية الدينية، كاتدرائية سانت بول التي تُعتبر واحدة من أهم الكنائس في العالم وليس فقط لندن أو إنجلترا، وقد بدأ بناء هذه الكاتدرائية في نهاية القرن السابع عشر واكتمل البناء في مطلع القرن الثامن عشر، ربع قرن تقريبًا هي المدة التي أخذتها هذه التحفة حتى تكتمل، والجيد أن هذا البناء جاء في بدايات عصر النهضة ونهايات عصور الظلام الأوروبي، أي أنها وببساطة قد أخذت حقها كاملًا في البناء، وهذا يتضح بشدة من الارتفاع الذي يتجاوز المئة وأحد عشر مترًا، وقد كانت سانت بول طوال فترة تواجدها حاضنة لأهم المناسبات والجنازات، إضافةٍ إلى تحولها إلى مزار سياحي هام له ثِقله، ويُمكن لأي زار للندن أن يعرج إلى هذه الكنيسة ويدفع رسوم الدخول الزهيدة للغاية ثم يدخل للتمتع بهذا الجمال من الداخل، وبالمناسبة، لا يُشترط أن تكون مسيحيًا لتتمكن من ذلك.
متحف التاريخ الطبيعي، متحف الحياة والأرض
في لندن أيضًا لا يُمكن بأية حالٍ من الأحوال نسيان متحف التاريخ الطبيعي الموجود بجنوب شارع كنسينغتون، ذلك المتحف الذي يحتوي على أكثر من ثمانين مليون عينة طبيعية من الحيوانات والنباتات والكائنات بشكلٍ عام، فبداخل هذا المتحف يُمكنك التعرف على كل ما يتعلق بالطبيعة منذ بدايتها وحتى الآن، والدليل على ذلك أن المتحف يُعتبر من أكبر ثلاث متاحف في العالم مُختصة بهذا الصدد، وأيضًا هناك الكثير من الفاعليات والمعارض التي تُقام بشكل يومي ويتم فيها محاكاة تاريخ الطبيعة وأبرز ما مر بها، وفوق كل ذلك تُفتح أبواب المتحف يوميًا من العاشرة صباحًا وحتى السادسة مساءً بشكل مجاني تمامًا، أما إذا كنت ستشترك بالفاعليات أو الندوات التي تُقام داخل المتحف ففي هذه الحالة سوف تدفع قيمة بسيطة من أجل الدخول، وعادةً ما تكون جنيه إسترليني واحد، حقًا، إنها واحدة من الأشياء التي لا تُفوت.
ميدان بيكاديلي، أشهر ميادين لندن
في لندن، ومن شِدة الإبهار، يُمكن أن يكون ميدان عادي كميدان بيكاديلي أحد أهم الوجهات السياحية الموجودة في هذه البلد، فذلك الميدان الذي أُنشأ في مطلع القرن التاسع عشر يحتوي على العديد من الأسواق وأماكن الترفيه التي تجعله واجهة للندن بأكملها، أضف إلى ذلك أماكن كثيرة في السينما والمسرح وكأننا نتحدث عن مدينة هوليود الأمريكية، وكذلك المطاعم المختلفة في نوعية المطاعم والنافورتين الموجودتين في منتصف الميدان على سبيل التزيين، وطبعًا كل هذه الأشياء لا تجعل منه مجرد ميدان، وإنما يُمكن القول أنه أحد المتاحف التي تعرض لنا صورة مصغرة للمدينة بأكملها، عمومًا، إذا كنت في لندن فإياك وتفويت فرصة زيارة هذا الميدان، وهو سهل الوصول إليه بكل الطرق وأهمها المترو.