عند التفكير في وضع مسار خاص للرحلة فإنك ستُفكر أولًا في الوقت الذين يُمكن استخدامه في قضاء هذه الرحلة، فالبعض قد يكون مُجبرًا على القيام برحلته كله في يوم واحد، والبعض الآخر قد يُتاح أمامه شهر كامل، أما نحن فسوف نتحدث عن رحلة مناسبة في توقيت مُناسب، وهو الأسبوع الكامل، وعندما نتحدث عن أسبوع في إنجلترا فيجب أن نعرف بأنه يُمثل خمس أيام فقط لأن أغلب الجهات والهيئات والأماكن الممكن زيارتها قد تكون غير متاحة في أيام العطلات، وهي أيام السبت والأحد، وإذا تغاضينا كذلك عن يوم الوصول إلى المدينة واستغراقه في الراحة فسوف يكون أمامنا أربعة أيام فقط، وهذه هي المدة التي سنقوم باستخدامها في وضع مسار لرحلتنا، ولتكن البداية مع اليوم الأول، وهو اليوم التالي ليوم وصولنا إلى مدينة برمنغهام، فما الذي يُمكن القيام به في هذا اليوم يا تُرى؟
اليوم الأول
في البداية، وبما أنكم قد تركتم لنا حرية تحديد مسار الرحلة بالكامل فإن الفندق المناسب للإقامة فيه خلال فترة هذه الرحلة هو فندق كروان بلازا، فهو فُندق مُريح وغير مُكلف، وفي نفس الوقت قريب من أغلب الأماكن التي يُمكن زيارتها في هذه المدينة، عمومًا، بعد الاستيقاظ داخل هذا الفندق علينا أن نرتدي ملابسنا الثقيلة، ويُفضل أن يكون ذلك في الصباح الباكر، ثم نخرج بعد ذلك لتناول القهوة والإفطار في أحد المقاهي الخارجية، ويُفضل أن يكون ذلك بعد المرور بأكثر من مقهى لتحديد الأفضل بينهم، فما يُميز مدينة برمنغهام حقًا هو حرية الاختيار نظرًا لكثرة الخيارات، ففي كل شارع تقريبًا ثمة مقهى صغير في زاويته، وهنا بعد المقاهي المُلحقة ببعض الأماكن الترفيهية، هذه أيضًا يُمكن زيارتها، ولا داعي للقلق أبدًا لأن هذه الأماكن لا تُقيد الضيف أو تُلزمه بالشراء كي تسمح له بالدخول، ولا تنسى خلال جولة المقاهي هذه أن تأخذ نظرات مطولة للأماكن والناس وكل شيء ستمر به، فهذا اليوم يُعرف بيوم التشبع من المدينة، ثم عليك أن تُقرر نفس الأمر خلال وجبتي الغذاء والعشاء، دع تناول الطعام في الفندق لبقية أيام الرحلة، الآن نحن كما ذكرنا نريد رؤية أكبر عدد ممكن من المطاعم والأطعمة ذات الأصناف المختلفة، كما يجب التنويه على وجود مطعم يُقدم المأكولات العربية الشهيرة، هذا إذا ما افتقدها السائح العربي سريعًا، بعد ذلك، وفي العاشرة مساءً يجب الخلود للنوم استعدادًا لليوم التالي.
اليوم الثاني
في اليوم الثاني لن نقوم بجولة المقاهي والمطاعم لأنها سوف تستهلك جزء كبير من اليوم، وإنما سنتناول طعامنا في الفندق بصورة طبيعية، بعد ذلك سوف نتوجه إلى أقرب محطة مترو وننزل في المحطة القريب من عالم كادبوري، وهي شركة عالمية لإنتاج الشوكولا، وربما يعتقد البعض أنه لا توجد أي متعة في زيارة مصنع عادي يقوم بصناعة حلوى أو أي مُنتج آخر إلا أن ما ستروه بالداخل سوف يُغير تمامًا من هذا الاعتقاد، فبداخله يوجد الكثير من النشاطات التي يُمكن القيام بها من خلال يوم كامل يبدأ في تمام العاشرة وينتهي بحلول السادسة، أي تقريبًا من بداية الصباح وحتى حلول المساء، أما يُمكن فعله داخل المصنع، وحتى لو لم تكن عاشق للشوكولا، وهذا أمر نادر، فسوف يُثير إعجابك بكل تأكيد، حيث أنك ستتعرف على تاريخ هذه الصناعة ثم ستقوم بالتجول داخل المتحف الخاص ببعض التماثيل المصنوعة من الشوكولا، كما ستتمكن من التقاط الصور التذكارية والكتابة بنفسك بحبر الشوكولا لأول مرة، إجمالًا، سوف تقوم بالكثير من الأشياء التي ستصل بك في النهاية إلى تحقيق الهدف المراد من رحلة إلى برمنغهام، وهو الحصول على المتعة.
اليوم الثالث
ما فعلناه في صباح اليوم الثاني، من تناول الطعام والقهوة في الفندق، سوف نُكرره أيضًا في صباح اليوم الثالث، ما يختلف فقط هو ما سنفعله بعد ذلك، حيث أننا سنتوجه إلى جزيرة ميني غولف، وهي جزيرة تتواجد في شمال برمنغهام وتقريبًا لم يمر سائح أو زائر بهذه المدينة إلا وقد ذهب إليها وقضى يوم كامل بها، وهذا ما يجعلنا واثقين من قرارنا بتخصيص اليوم الثالث من أوله لآخره من أجل دخول هذه الجزيرة، والتي طبعًا ليست جزيرة بالمعنى الحرفي وإنما مبنى مُحاكي للجزيرة ويقترب منها من حيث التصميم المُتقن والمساحات الشاسعة الخضراء والأدغال والشلالات والبراكين والأنهار، كل هذا سوف يتواجد بشكل صناعي غير حقيقي فقط من أجل منحك ذلك الشعور بأن كل شيء حولك حقيقي وأنك بالفعل في قلب جزيرة، كما سيُمكنك الاستمتاع بلعب لعبة الجولف والاشتراك في المسابقات التي تُقام ويتم منح جوائز مُختلفة بها، والواقع أنك إذا وجدت نفسك مترددًا حقًا في الذهاب إلى جزيرة ميني غولف وقضاء يوم كامل بها فليس عليك سوى سؤال نفسك سؤال واحد، هل ستتاح الكثير من الفرص مستقبلًا للذهاب إلى جزيرة؟ الإجابة هي ما ستُحدد ما ستُقدم عليه، وإن كان طبعًا الغالبية يعيشون ويموتون وهم يقرأون فقط عن الجزر، لكن برمنغهام ستحقق لك ذلك.
اليوم الرابع
وصلنا سريعًا إلى اليوم الرابع والأخير من زيارتنا إلى مدينة برمنغهام الساحرة، والواقع أننا سنُخصص هذا اليوم من أجل زيارة مكانين من الأماكن الهامة جدًا في المدينة، وهما المركز الوطني البحري ومكتبة برمنغهام، فمن سيفوت هذين المكانين سوف يُفوت أفضل زيارة يُمكن أن يُقام به في حياته، أو بمعنى أدق، دعونا نقول أن تفويت الزيارة لن يجعل من رحلتنا برمنغهام، فالمركز الوطني البحري هو أفضل محاكاة بالعالم لكوكب البحر وما يتواجد به من مخلوقات، سواء تلك التي نعرفها أو حتى النادرة التي لم نرها من قبل، بل أضف إلى ذلك أن المخلوقات التي انقرضت سوف يكون لها وجودًا كبيرًا داخل المركز من خلال محاكاتها بالذكاء الاصطناعي، وبعيدًا عن متحف المخلوقات البحرية هذا ثمة الكثير من النشاطات التي تُمارس داخل المركز، ستعرفها عندما تذهب إلى هناك وستُقرر ألا تكون هذه الزيارة هي الأخيرة لك داخل المركز، أما عن مكتبة برمنغهام في أمر آخر مُختلف.
لن تكتمل جولتك السياحية لأي مكان في العالم دون أن تقوم بزيارة مكان ثقافي بها للنهل من هذا الينبوع، وفيما يتعلق بمدينة برمنغهام فإن مكتبة برمنغهام هي ذلك المكان المنشود بعدد هائل جدًا من الكتب المُتعلقة بكافة الثقافات والحضارات، فكما نعرف جميعًا، عندما كانت إنجلترا تحتل ثلث العالم لم تتردد في سرقة الكثير من الكتب ووضعها في مكتباتها، لكن هذا لا يعنينا، فالأمر المهم بالتأكيد هو أن هذه الكتب تتواجد في هذا المكان الذي لا يُمكن تفويته بأي ثمن وتفويت متعة القراءة به على صدى الموسيقى الهادئة أو شرب كوب من القهوة في المقهى المتواجد في الدور الأرضي من المكتبة، والتي ليست مكتبة نمطية كما قد يتخيلها بعضكم، عمومًا، عندما تكونون هناك ستكون فرصتكم كبيرة للاندهاش.
بكل تأكيد ذلك المسار الذي قمنا بوضعه الآن ليس الوحيد، وهذه الأماكن التي قمنا بجدولتها في أيامنا الأربعة ليست كل الأماكن التي يُمكن زيارتها أثناء التواجد في برمنغهام، لكننا فقط اجتهدنا في اختيار الأفضل والأنسب للساحل العربي، ومع الزيارة ستكتشفون بأنفسكم أماكن لم تكن تخطر لكم ولن تندموا أبدًا على حجز تذكرة سفر لهذه المدينة.