إستونيا - التاريخ والثقافة

تاريخ إستونيا

على الرغم من الاعتقاد السائد لدى البعض بحداثة دولة إستونيا إلا أن الحقيقة على خلاف ذلك تمامًا، فمن المعروف عن هذه الدولة أنها قديمة قِدم الإنسان، أما تاريخها فهو يبدأ من المرحلة التي تسبق التاريخ.

ما قبل التاريخ

تبدأ هذه المرحلة قبل 13000 ألف عام من الميلاد، وتحديدًا الفترة التي تلت ذوبان الجليد وانتهاء العصر الجليدي بشكل عام، وبالتالي بات بمقدور الحياة البشرية أن تبدأ، وهي التي جاءت في صورة الاستعمار البولي بالنسبة لدولة إستونيا، وقد استمر ذلك الاستعمار ما يقترب من الأحد عشر عامًا قبل بداية الميلاد، وخلال تلك الفترة السابقة لبداية التأريخ الميلادي شهدت إستونيا تغيرًا في الهوية الثقافية ودخلت إليها الزراعة وبات لها نظام حكام وسكان محلين أصليين، وقد استقرت الأمور على هذه الوضعية حتى جاء عصر الفايكنغ ليدشن لحياة جديدة مختلفة.

مرحلة الفايكنغ

كانت دولة إستونيا أشبه بالبطل الرئيسي في حياة حضارة الفايكنغ، فقد بدأت سفن هذه الحضارة ترسو في شواطئ إستونيا مع نهاية القرن الحادي عشر، ثم بين يوم وليلة أصبحت إستونيا المركز الإداري، ومنها تم إرسال الحملات إلى المناطق المُحيطة، وفي مرحلة من المراحل كان من الممكن جدًا أن تختفي هوية أهل إستونيا تمامًا وتحل هوية الفايكنغ بدلًا منها لولا أن جاءت العصور الوسطى وشهدت انتهاء الفايكنغ من المنطقة بالكامل وكذلك ظهور قوة أوروبية جديدة كالدنمارك والسويد، أو المنطقة التي كانت تحكمها الكنيسة بشكل عام، فقد كانت إستونيا في وقت من الأوقات المنبع الذي تخرج منه الحملات الصليبية لتنتشر في كامل العالم، ويُمكن القول أن تلك الحياة لم تنتهي بالنسبة لإستونيا إلا ظهور القوة الجديدة التي سيطرت على إستونيا لفترة طويلة، وهي الإمبراطورية الروسية.

مرحلة العصر الحديث

العصر الحديث في دولة إستونيا يبدأ مع القرن الثامن عشر، فبعد هزيمة السويد في الحرب الشمالية العظمى انضمت إستونيا جبرًا إلى الإمبراطورية الروسية، وهي التي تمكنت من السيطرة عليها لفترات طويلة ظلت لثلاثة قرون ومرت بالكثير من الحروب وعلى رأسها الحرب العالمية الأولى والثانية، وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة من أجل الحصول على الاستقلال منذ مطلع القرن التاسع عشر إلا أن هذا الأمر لم يتحقق فعلًا إلا ما نهاية القرن العشرين، وتحديدًا عام 1994، ففي ذلك الوقت خرج آخر جندي روسي موجود في إستونيا وأصبحت دولة مستقلة تتحكم في سيادتها.

ثقافة إستونيا

إذا ما ذُكرت الثقافة والهوية في إستونيا فيجب على الفور ذكر دولة فنلندا، إذ أن إستونيا قد تأثرت كثيرًا بها، وقد اتضحت هوية الثقافة الإستونية في أكثر من جانب، لكن الجانب الأبرز كان الجانب الديني، فالعمارة الإستونية الدينية لا تزال شاهدة حتى الآن على أهمية الكنائس والكاتدرائيات وكيف أنها كانت في فترة من الفترات المتحكم الرئيسي في شئون البلاد، كذلك الطبخ كان جزءًا من الهوية العامة في إستونيا، فالأطباق هناك كانت متأثرة بصورة كبيرة بالأطباق التابعة لدول البلقان، ثم مع الوقت بدأت إستونيا توجد أطباق جديدة خاصة بها تُعبر عنها مثل طبق البطاطا باللحم المشوي.

الرياضة كذلك لا يُمكن ألا تكون جزءًا من الهوية الإستونية، فعلى الرغم من تأسس الاتحاد الرياضي عام 1923 إلا أنه كان ثمة وجود للتفوق الأوليمبي وخاصةً في ألعاب الذكاء، حيث أنه ثمة بطلين في إستونيا بلعبة الشطرنج مصنفين على مستوى العالم، وفي نهاية القرن العشرين تفردت إستونيا باختراع رياضة جديدة تُعرف باسم الكيكنغ، وفيما يتعلق بالتعليم فإن إستونيا تُعد الآن من الدول العشرين الأولى على مستوى العالم، لكن كل هذه تبعه شبه ركود في الحياة الأدبية، إذ أن الأدب الإستوني كالشعر والرواية غير مُنتشر بالصورة الكُبرى دوليًا، فهو فقط مُنتج مستهلك محليًا لسد حاجة لا أكثر.

الفن في إستونيا

كان الفن في دولة إستونيا مجرد مجال من المجالات الثانوية حتى منتصف القرن العشرين، لكن بعد ذلك بدأت حركة النهضة الكبرى وأصبح هناك الكثير من التفوق في هذا المجال، فعلى سبيل المثال يُعتبر الفنان الإستوني أرفو بارت ضمن أفضل مؤلفي المقطوعات الموسيقية في العالم، والموسيقى الإستونية بشكل عام لها طابع خاص ومميز، كذلك فن الأوبرا يُعتبر حاضرًا بقوة من خلال الكثير من دور الأوبرا الموجودة في تالين تحديدًا، وكذلك الحال بالنسبة للمسرح، أما السينما فهي فن لا يزال يتحسس طريقه حتى الآن في إستونيا، إذ أن الإنتاج ضعيف نسبيًا، وحتى عام 2005 كان يتم إنتاج خمسة أفلام فقط في العام الواحد، وهو ما يبدو معدل كافي بعض الشيء للشعب الإستوني الغير عاشق للسينما.