ألمانيا - نبذة

من الطبيعي وقبل أن تُفكر في السفر إلى مكانٍ ما لا بد أن تسعى لجمع مزيد من المعلومات عن هذا المكان والتي تضمن لك رحلة خالية من أمراض التقلبات المُناخية أو الضياع بسبب جهلك بجغرافية البلد وتضاريسه ومواقعها وحجم تأثيرها على المُناخ، أو الوقوع بشكل أو بآخر في مشاكل بسبب عدم إلمامك بصورة كافية بطباع وسمات شعبه وخلفياته الدينية والثقافية ومدى تقبُّله للغرباء وتعاملاته معهم. لذا فقبل التفكير في السفر إلى ألمانيا لا بد أن تكتسب معلومات كافية عن الأمور الوارد ذكرها والتي قد تؤثر على سير رحلتك واستفادتك واستمتاعك بها أكثر مما تتوقع، لذا جئنا إليك بنبذة سريعة حول ألمانيا وما تحويه من مُفاجئات.

الموقع الجغرافي لدولة ألمانيا

تحتل ألمانيا موقعًا مُتميّزًا من القارة الأوروبية إذ تتوسط القارة البيضاء بين كُلٍ من بحري البلطيق والشمال ودولة الدنمارك على حدودها الشمالية، دول هولندا وفرنسا وبلجيكا ولوكسمبورج على حدودها الغربية، دولتي التشيك وبولندا من الشرق، ودولتي سويسرا والنمسا في الجنوب. وتضم الجمهورية الألمانية الفيدرالية 16 ولاية هي بترتيب الأكبر مساحة: بافاريا أو بايرن، نيدرزاكسن أو ساكسونيا الدُنيا، بادن فورتمبيرغ، نوردراين فيستفالن شمال نهر الراين، براندنبورغ، مكلنبورغ فوربومرن، هيسن، زاكسن أنهالت، راينلاند بفالتس، زاكسن، تورنغن، شليسفيغ هولشتاين، سارلاند، برلين، هامبورغ، بريمن.

جغرافية ألمانيا

تتميّز ألمانيا بتنوع جغرافي يظهر في حدودها المُتعددة المُشتركة مع عدد كبير من البلدان الأوروبية بمُعدّل يصل إلى 8 بلدان، هذا إلى جانب تعدد تضاريسها وبنائها الجغرافي ما بين مرتفعات الألب الشهيرة، أنهار الراين والدانوب، بحار البلطيق والشمال، الغابات المطيرة كثيفة الخضرة، الجبال الجليدية والمُنخفضات الأرضية “الوديان والسهول” وغيرها من مظاهر الحياة. وتتميّز الأراضي الألمانية بغلبة مساحة اليابسة مُقارنةً مساحة المياه التي لا تُشكّل أكثر من 3 أميال مُربعة من مساحتها الكلية.

وعند مُطابقة التضاريس الألمانية بمواقعها على أرض الواقع ستجد أن جبال الألب قد تركت أعلى نقطة منها وهي قمة تزوغشبيتسا التي تتعدى الألفي متر فوق سطح البحر في الجزء الجنوبي من ألمانيا والتي يغطي الجليد عادةً عدة مناطق منها. في حين ترك بحر الشمال ساحله في شمال غرب ألمانيا، بينما رسم بحر البلطيق حدوده في شمالها الشرقي. أما الغابات الكثيفة والتي تُشكل 31% من الأراضي الألمانية فعادةً ما تفرض سطوتها على قمم الجبال في منطقة الوسط. بينما تقتحم الأنهار منطقة ويسترماش الشمالية بصفتها المنطقة الأكثر انخفاضًا حيث تنخفض عن مستوى سطح البحر بنحو ثلاثة أمتار ونصف تقريبًا وتُعد مجرى مُميّز للأنهار؛ حيث تنتشر الأراضي الزراعية والمراعي فيها بمجموع 48%.

وبالطبع ترك التوزيع الجغرافي للتضاريس في ألمانيا بصمته على مناخها الذي يُعتبر في عمومه مُعتدلًا ولكنه يتغير من منطقة لأخرى حسب الطبيعة الجغرافية فيها. فتجد المناطق الشمالية تتمتع بمناخ مُحيطي يغلبه المطر طيلة العام مائل للبرودة صيفًا رغم ارتفاع درجات الحرارة وللاعتدال شتاءً. أما المناطق الشرقية فهي تميل للمناخ القاري الجاف الذي يتمتع بصيف دافئ وشتاء قارس البرودة. بينما تتميز مناطق الغابات الوسطى بمناخ مُتقلّب بين المحيطي والقاري، ويسود مناطق الجبال والمرتفعات مناخًا جبليًا يشهد انخفاضًا مُتكررًا في درجات الحرارة وأمطار غزيرة على مدار العام.

المساحة وعدد السكان

تبلغ مساحة ألمانيا نحو 3 مليون و57 ألف كيلومتر مربع تقريبًا مُقسّمة على 16 ولاية أكبرها مساحة هي بافاريا بمساحة 700 ألف و550 كيلو متر مربع وأصغرها بريمن بمساحة تصل إلى 419 كيلو متر مربع فقط. أما فيما يتعلق بعدد السكان والكثافة السكانية للولايات الستة عشر، فتُشير الإحصائيات إلى أن إجمالي السكان الألمان يصل إلى 82 مليون نسمة تقريبًا تضم ولاية نوردراين فيستفالن منهم نحو 18 مليون نسمة تقريبًا لتُصنّف كأكبر الولايات الألمانية من حيث عدد السكان. أما من حيث الكثافة السكانية مُقارنةً بالمساحة فتُصنّف العاصمة برلين كأعلى الولايات الألمانية من حيث كثافة السكان والتي تصل إلى 3 آلاف 838 شخص لكل كيلومتر من مساحة الولاية التي تصل إلى 892 كم مربع.

وجعلت إحصائيات السكان تلك من الجمهورية الألمانية الدولة الأكبر من حيث عدد وكثافة السكان من بين دول الاتحاد الأوروبي، والثالثة على القائمة العالمية المنشورة لاستقبال المُهاجرين واللاجئين للعام 2012 بمعدل 10 مليون من أصل 191 مليون مهاجر حول العالم. وقد تغيرت خريطة الهجرة في ألمانيا بعد الظروف السياسية المُتغيّرة والحروب والصراعات التي ضربت أنحاء مُتعددة من العالم خلال السنوات الأخيرة، ولكن قبل هذا التغيّر كانت ألمانيا دولة اللجوء الأولى من قِبل سكان بلغاريا، رومانيا، بولندا. أما على مستوى الهجرة من ألمانيا فقد شهدَ العام 2013 خروج نجو 140 ألف و300 شخص من ألمانيا مُتجهين نحو سويسرا والنمسا والولايات المتحدة.

اللغات والأديان في ألمانيا

اللغة الرسمية للبلاد أو ما يُعرف باللغة الأم الشائعة بين أفراد الشعب فهي اللغة الألمانية، بينما يُتقن نحو 94% من الألمان لغة أخرى أو لغتين بجانب لغتهم الأم. أما عن لغات المهاجرين الشائعة في ألمانيا فهي تتدرج بين الدنماركية، البولندية، الصربية، التركية، الكردية، الروسية، لغة البلقان، اللغة السيريانية.

وإن تحدثنا عن الدين فسنجد أن الديانة المسيحية هي الأكثر شيوعًا بين السكان بنسبة تراوحت بين 63 % إلى 71 % تقريبًا حسب إحصائيات عامي 2007 و2010 بأكثرية بروتستانتية تصل إلى 36% في المناطق الشرقية والشمالية، يليها الطائفة الكاثوليكية بنسبة 32% في المناطق الجنوبية والغربية مع أقلية أرثوذكسية، بينما تصل نسبة المسلمين في ألمانيا إلى 6% أغلبها من السنة الأتراك مع أقلية شيعية. والغريب أنه برغم العداء الشديد في السابق تُعد ألمانيا هي ثالث أكبر دول أوروبا احتواءً لليهود بكثافة تصل إلى 200 ألف يهودي تقريبًا مُتركزين في برلين، ميونيخ، فرانكفورت. هذا إلى جانب عدد لا بأس به من الديانات الآسيوية كالبوذية بعدد 250 ألف مواطن، الهندوسية بعدد 90 ألف مواطن، السيخية بعدد 75 ألف مواطن. وأخيرًا يُشكل المُلحدون وغير المؤمنين بوجود أديان نسبة 25% حسب إحصائيات أُجريت عام 2005.

وعلى الرغم من التاريخ النازي غير المُشرِّف المُضطهد للأقليات الإثنية والدينية من غير بني جنسه جاء القانون الألماني الاتحادي الصادر عام 1949 ليُنصف هؤلاء كافلًا لكل من يقطن بالأراضي الألمانية حرية الديانة والعقيدة، والحق في دراسة منهجه الديني بالمدارس الألمانية مع دفع ضريبة مُقابل ذلك.

سمات الشعب الألماني

أما عن سمات الشعب الألماني نفسه فهو من أكثر شعوب العالم شهرة بحب النظام والحفاظ على المواعيد والالتزام بها والدقة والاجتهاد في العمل، لذا لا تمزح مع ألماني في موعد ولا في أمر يخص العمل وإلا ستجد وجهًا آخر لا تعرفه. وعلى الرغم من ذلك فقد لا تعرف صديقك الألماني إلا عند قيادته للسيارة، فالألمان يعشقون السيارات وخاصةً تلك ذات الإمكانيات العالية ويعشقون القيادة الجنونية الحرة دون الانتقاص من حقوق وسلامة الآخرين. كما يتسم الألمان بالتحفظ إلى حد كبير فيما يتعلق بحياتهم الشخصية وخصوصياتهم المادية والأسرية فلا يُطلعون عليها أحد ولا يسمحون لأحد بالتطفل عليهم فيها. ضف إلى ذلك أن الألمان شعب هادئ بطبعه لا يُفضل الصوت العالي خاصةً في الأماكن العامة ولا يُحب الأحاديث التافهة التي لا طائل منها؛ فهم على درجة من الجدية التي تجعل مناقشة الأمور السياسية بالنسبة إليهم ألطف كثيرًا من إلقاء مُزحة.

العملة

منذ العام 1948 وحتى العام 1990 كان المارك هو العملة الرسمية لألمانيا الغربية، وبعد توحيد الألمانيتين في العام 1990 تم إعلانه كعملة رسمية لجمهورية ألمانيا الاتحادية. وفي العام 2002 أصدر الاتحاد الأوروبي قرارًا باعتبار اليورو عملة رسمية للدول المُنضمة إليه والتي تُعد ألمانيا واحدة منها، لذا ومنذ ذلك الحين أصبحت العملة الرسمية لألمانيا هي اليورو الأوروبي.

أمور تشتهر بها ألمانيا

هُناك عدة أمور يشتهر بها المجتمع الألماني عن غيره من المجتمعات نذكر منها:

  • أقوى منتخبات كرة القدم: تمتلك ألمانيا واحدًا من أمهر وأقوى منتخبات كرة القدم حول العالم وقد بدا ذلك في فوزه بكأس العالم لعام 2014 المُقام بالبرازيل.
  • مهرجان أكتوبر فست للبيرة: إذ تشتهر ألمانيا بتصنيعها لنحو 500 نوع من أشهر أنواع البيرة حول العالم هذا إلى جانب ضمها لأقدم مخمرة بالعالم منذ الربع الأول من القرن الثامن، كلها عوامل جعلت من ميونيخ الألمانية الوجهة الأمثل لإقامة مهرجان البيرة العالمي السنوي.
  • ألمانيا بلد الخبز: أما عن المخبوزات والحلويات الألمانية فحدث ولا حرج؛ فلكل مدينة ألمانية نوع خبز مُختلف في مذاقه وطريقة إعداده عن الأخرى مما يجعلها الأكثر تنوعًا وإنتاجًا لنحو 1200 نوع خبز. ستجد المخبوزات المُملّحة التي تُشبه السميط العربي أو الفطائر التركية مُحلّاة بقطعة من الزبد الغني، تارت البلاك فورست الإسفنجية المحشوة بالكريمة والمُغلفة بكريمة الشوكولاتة والشهيرة في ألمانيا باسم البرنتسريجنتورت والتي يتم إنتاجها أيضًا في صورة قطع صغيرة تُناسب الفرد الواحد، كعكة عيد الميلاد أو الليزك وخن المحشوة بالزبيب والمكسرات اللذيذة مع نكهة الزنجبيل والقرنفل المُميّزة، أرنب وحملان عيد الفصح المخبوزة. وهذا بالطبع إلى جانب البيرة البافارية المُتميّزة التي لا تخلو منها احتفالات ومهرجانات ميونخ الشهيرة كالأكتوبر فيست وأعياد الميلاد.
  • النقانق أو كما يُدعى في بلدان أخرى السجق: وهو من الأكلات الشهيرة جدًا في ألمانيا والتي تتفنن الولايات المُختلفة والطهاة المُحترفين في إعدادها حتى وصفت ألمانيا ببلد النقانق نظرًا لتنوع وصفاتها التي تصل إلى 1665 وصفة تقريبًا تُصنع غالبًا من لحوم البقر أو الخنزير. ولعل أشهرها النقانق المشوية على الجانبين مع الصوص الأحمر، النقانق البيضاء مع الخردل، لحم السويربراتين البقري المشوي مع عصارته بالفرن.
  • مجانية التعليم الأكاديمي: فعلى الرغم من أنها تضم جامعات هي واحدة من الأفضل حول العالم، إلا أنها على عكس غيرها من الدول التي تمتلك ميزة كتلك؛ فهي تُقدم تعليم عالي مجاني أو بمقابل رمزي للطلبة المحليين والأجانب، مما يجعل الإقبال العالمي كبيرًا على جامعاتها وتعلم لُغتها التي تحتل المركز الثالث من بين لغات العالم الأكثر دراسة بعد الفرنسية والإنجليزية.
  • الترحيب بالتلاميذ في أول يوم دراسي: فإن كان أول يوم دراسي في حياة الطفل من الأمور الثقيلة جدًا إلى نفسه وقلبه، فالعكس تمامًا يحدث في ألمانيا؛ حيث تتبع المدارس الألمانية تقليد الكيس المدرسي وهو كيس مخروطي عملاق ملئ بالألعاب والحلويات يُقدم أول يوم دراسي لتخفيف ثِقل العودة إلى المدرسة لدى الأطفال وجعله أمر مُقترن بالسعادة لا الضيق والحزن.
  • صناعة السيارات: فأولى سيارات العالم شهدتها ألمانيا التي أصبحت بعدها موطن لأهم ماركات السيارات العالمية كمرسيدس والبي إم دبليو وفولكس وبورش، واستمرت صناعة السيارات الألمانية في تطورها حتى أصبحت الثالثة على العالم في هذا المجال خاصةً مع كفاءة مُهندسيها.
  • التأمين الصحي: تمتلك ألمانيا أحد أفضل نظم التأمين الصحي في العالم حيث يتلقى المواطن علاجًا مجانيًا إجباريًا أو بمُقابل بسيط يتم سداده لشركة تأمين عامة أو خاصة.