يدعون الألبانيين أنفسهم الشقبريين، حيث أنهم ينتمون إلى قبائل تدعى القبائل الإليرية، ويقول البعض أن لغتهم أصلًا تأتي امتداد للغة هذه القبائل، ولك أن تعرف أن هذه اللغة نجت من الكثير من الأحداث الشاقة على ألبانيا، سواء تدفقات الجحافل الرومانية والبيزنطية عليهم، وسيطرة العثمانيين، ومن ثم أزمنة الاستقلال، هذه الأمة مرت بالكثير من التغيرات ولكن على الرغم من ذلك يحتفظ شعبهم بالكثير من أصله وتراثه، ولم يتأثر بكل المحتلين الذين جاؤوا عليهم، ولكن هذا لا يمنع وجود العديد من العلامات الثقافية التي تركها العثمانيين والرومان والإغريق والبيزنطيين والصرب على هذا الشعب ليصير شعب ذو ثقافة متعددة وفي نفس الوقت تراث ثابت وعادات قديمة راسخة عند هذا الشعب، وربما أهمها عادة عدم زواج الأقارب.
ألبانيا ما قبل التاريخ
ألبانيا الحالية كانت مأهولة بالسكان من وقت طويل مضى، قبل وجود التاريخ الميلادي وما قبله من التقويمات الفلكية، سكنها شعب يدعى الإيليريون لمدة طويلة في العصور القديمة، ولم يكن شعب ذو حضارة واضحة، بل كان شعب يعيش حياة بدائية جدًا، ويعد الإيليريون هم الأجداد الأصليين للشعب الألباني الحالي، وهناك عدد من الأبحاث الأثرية أثبتت مؤخرًا أن الإنسان كان يعيش في ألبانيا في وقت العصر الحجري، وكانت أول المستوطنات هناك في منطقة شكودرا، واكتشفت العديد من الهياكل العظمية في هذه النواحي، واكتشفت مناطق أخرى مثل جيروكاسترا، كريكونيكا، جراديشتي، ديراكييم المعروفة حاليًا باسم (دوريس)، كل هذه المناطق وجد بها حفريات تدل على وجود الإنسان من قديم الزمان في ألبانيا، وربما يرجع ذلك بسبب جودة مناخ وجغرافيا هذه الأماكن التي يقع معظمها على الساحل الألباني، وتستند هذه النتائج على العديد من الدراسات أهمها؛ البعثة الفرنسية التي قامت بقيادة (لين راي) من عام 1924 حتى عام 1938، ونشرت نتائج هذه البعثة في مجلدات الآثار والتاريخ والفن في ألبانيا.
شعب ألبانيا القديم (الإيليريون)
سكن الألبانيين أراضيهم منذ العصور القديمة، وكانوا عبارة عن عشار وقبائل، لم يكونوا شعب موحد أو تحت ملك، بل كانت الأراضي تقسم لمناطق وحدود العشائر، ولكن مع الوقت تطورت الشعب الإيرلي، وأصبحت هناك سياسة في التعامل بين القبائل والعشائر، في نفس الوقت كان الشعب اليوناني القديم يمر بنفس المرحلة تقريبًا، مما جعل هناك تقارب في عمليات الحماية والسعي نحو التوحد ضد هجمات أي غزاة، ولذلك حدث تحالف في الإيليريون والشعب اليوناني القديم، استمر للعديد من السنوات، ودعيت هذه المملكة (أنكيلاي) والتي تعد من أهم الممالك الأوروبية في ذلك الوقت، وبين عامي 385 – 258 قبل الميلاد احتل ملك يدعى بارديليس جزء من هذه المملكة والتي تدعى حاليًا بمقدونيا، والتي تعتبر أيضًا من دول البلقان، ولكن هذا الملك تمت هزيمته على يد الملك فيليب المقدوني الثاني، والذي هو والد الأسطورة الحربية الإسكندر الأكبر.
بعد ذلك توسعت المملكة الإيليرية (ألبانيا حاليًا)، تحديدًا بين عامي 250- 230 قبل الميلاد، حيث استطاع الملك آغرون توحيد القبائل الإيليرية بالكامل تحت قيادته، وأصبحت بداية إمبراطورية مستقلة، وامتدت هذه الإمبراطورية شمالًا، وحتي ناحية البحر الأدرياتيكي وما يجاوره من سواحل وأراضي شرقًا، كانت عاصمة هذه الإمبراطورية في ذلك الوقت مدينة (شكودرا) وهي مدينة ألبانية هامة جدًا الآن، وامتدت المملكة حتى طالت الحدود الإيطالية، وعندما مات الملك آغرون عام 230 قبل الميلاد، تولت ابنته (توتا) وحكمت من 230– 228 قبل الميلاد، وأثناء ذلك تحالفت مع قوات ابيروتس، وبدأت مناوشات مع الإمبراطورية الرومانية، والتي أنهت تمامًا على الإمبراطورية الإيريلية عام 168 قبل الميلاد.
الإمبراطورية الرومانية والبيزنطية في ألبانيا
تم غزو أيليرية (ألبانيا حاليًا) عن طريق الرومان عام 168 قبل الميلاد، وفي عام 27م تحولت ضمن مملكة، وكانت حدودها في ذلك الوقت ما بين نهر “درن” في الجنوب واستريا في الشمال، وفي الشرق يحدها نهر سافا، تم تقسيم إيليرية إلى عدة مقاطعات كبيرة، حتى يسهل السيطرة على شعوب هذه المقاطعات عن طريق وضع حكام وجيوش فرعية، وتفرقة الشعب حتى يصير أضعف، ظهر بعد الاحتلال الروماني القوطيين، أو البيزنطيين، والذين كان لهم شأن أيضًا في ذلك الوقت، حيث تم غزوهم للإمبراطورية الرومانية ما بين القرن الثالث والخامس الميلادي لألبانيا خصوصًا، ودام البيزنطيين سنين عدة في ألبانيا، وتم فرض لغة أثينا اليونانية بدلًا عن الإيلرية، ومن ذلك الوقت يُقال أن إيليرية تغير اسمها إلى ألبانيا، وهو وقت مؤثر جدًا في تاريخ ألبانيا، حيث مر عليهم العديد من الإمبراطوريات العظيمة والتي أثرت في التراث والثقافة الألبانية.
العصور الوسطى والعهد العثماني في ألبانيا
جزء كبير من العصور الوسطى وحتى دخول الحكم العثماني إلى ألبانيا، كان البيزنطيين والسولاف هم المتحكمين في ألبانيا، وظهرت في هذه الأوقات النظم الإدارية الإقطاعية التي سمحت لبعض العائلات ذات النفوذ والمال في ألبانيا بأن يزدادوا ثراء عن طريق امتلاك أراضي الفقراء مقابل حمايتهم، وبالوصول إلى القرن الخامس عشر الميلادي، توسع العثمانيين الأتراك في مملكتهم، حتى وصلوا للأناضول ولدول البلقان منهم ألبانيا، وتم تغير اسمها في ذلك الوقت إلى “أربيريا”، وعندما قاوم الألبانيين الأتراك العثمانيين، الدول المسيحية الأوروبية تعاطفت جدًا معهم، وكانت ألبانيا تقريبًا في حرب مستمرة مع الأتراك رغم سيطرة الأتراك، وربما القائد سكانديربيغ رمزًا للصمود لدى الألبانيين، حيث حارب معه 30000 ألباني، لمدة 24 عام مانعين الأتراك من التحكم في منطقتهم، لدرجة أنه تغلب على واحد من أقوى ملوك العثمانيين محمد الفاتح، في معركة كروجا عام 1466، صارت الحرب طائفية بين الأتراك والألبان، حيث أن الأتراك كانوا مسلمين والألبان كانوا مسيحيين كاثوليك، لكن بعد وفاة القائد سكانديربيرج، انهار الألبان وتمكن العثمانيين من التحكم الكامل في ألبانيا وأصبحت ألبانيا رسميًا ضمن الإمبراطورية العثمانية.
استقلال ألبانيا عن الإمبراطورية العثمانية
خلال الحروب التي خاضتها الإمبراطورية العثمانية من بعد احتلالها لألبانيا، صار جزء كبير من الجيش العثماني يعتمد على الجيش الألباني الذي أثبت جدارة في التصدي له في الماضي، حتى في حروبهم مع البندقية وفترة النهضة الأوروبية، شهد المجتمع الألباني صحوة، وظهر الباشوات الألبان، وصارت ألبانيا من المناطق المرفهة في الإمبراطورية العثمانية، وبعد مرور 500 عام تقريبًا من الاحتلال العثماني، نالت ألبانيا الاستقلال تحديدًا في عام 1912، وذلك كنتيجة لنهاية حرب البلقان الأولى، والتي كان سببها هو اعتراض الألبانيين على الحكام العثمانيين في ألبانيا ودول البلقان، وتم رسم الحدود الألبانية في عام 1913 رغم وجود خلافات وعدم استقلال فعلي عن الصرب الذين تحركوا ناحية ألبانيا من بعد حرب البلقان، وأدى هذا الترسيم إلى انفصال العديد من العائلات عن بعضهم البعض، وإلى ترك عدد من الشعب الألباني خارج ألبانيا الجديدة التي تم تحديدها، حتى أن العديد من المواطنين الألبان وجدوا أنهم في ظل حكم الصربيين، وبعد العديد من المشاكل التي حدثت من هذا الترسيم، وعدم الاستقرار الشعبي والرئاسي وبداية الحرب العالمية الأولى، اعتمدت ألبانيا النظام الجمهوري في حكم البلاد.
الاحتلال الإيطالي لألبانيا
في عام 1928 دخلت ألبانيا في عهد الرئيس الجمهوري الألباني، أحمد زوغو في فترة كساد وركود اقتصادي كامل، وكان هذا الرئيس يعتمد بشكل كامل على موسوليني، ولذلك حكم موسوليني في ألبانيا بمثابة الحاكم المستتر، وفي عام 1939 غزت إيطاليا ألبانيا تحت مرأى وعيون العالم، وتمت السيطرة على ألبانيا في 7 أبريل 1939، وتم إعلان موسوليني ملك على ألبانيا، وكان قرار موسوليني باحتلال ألبانيا مجرد حرب مع هتلر، حيث كانت هذه الخطوة بداية إقامة الإمبراطورية الإيطالية الجديدة، وقام موسوليني في ذلك الوقت بمحاولة محو الثقافة والهوية الألبانية، حتى أنه كان يسعى لتثبيط التكلم باللغة الألبانية، وتعليم الشعب الألباني الإيطالية، سواء في المدارس أو المنظمات الحكومية، كما شجع رجال الأعمال الإيطاليون بتسهيل شراء الأراضي والممتلكات الألبانية من الألبانيين تحت ضغوط، كنوع من أنواع فرض الشخصية الإيطالية على ألبانيا، وجعل من ألبانيا قاعدة حربية، لضرب اليونان في عام 1940.
ألبانيا الحديثة
أنهت ألبانيا في 1960 تحالفها مع الاتحاد السوفيتي (الجمهورية الروسية) حاليًا، وبعد إنهاء هذا التحالف، لم تجد ألبانيا سنيد اقتصادي لها سوى الصين ولذلك تحالفت ألبانيا مع الصين وبالفعل ساعدت الصين ألبانيا بمليارات الدولارات حتى 1974، ولكن بعد ذلك الوقت تقلصت هذه المساعدات، ثم توقفت هذه المساعدات تمامًا في عام 1978، عندما تم الهجوم على السياسات الدولية الصينية، وبعد انقطاع المدد الصيني، تم تطهير جزء كبير من الحكومة الألبانية، حتى وفاة الرئيس أنور خوجة والذي حكم ألبانيا لمدة أربعين عام حتى عام 1985، وبعد وفاة هذا الرئيس تمت بداية التحرير الحقيقي في تاريخ ألبانيا، حيث تم السماح للألبان بالسفر خارج البلاد، وبدأت السياسات الخارجية تتطور مع البلاد المجاورة في ظل الحكم الحديث، ومع وصول الشيوعيين في 1991 إلى السلطة، حدث إضراب عام أدى إلى تكوين حكومة ائتلافية لا تحوي أي فكر شيوعي في إدارة البلاد.
الموسيقى والأدب في ألبانيا
في ألبانيا هناك موسيقى شعبية، أو تراثية وهي الموسيقى المنتشرة وسط المجتمع الألباني، ومعظم الجمل الموسيقية والغنائية هناك، تحتوي على نقائض ثرية جدًا من الكلمات الرقيقة والعذبة، وما بين النغمات البطولية، أنماط موسيقية متباينة، تُستغل في هذه البلد لنقل الإرث الثقافي والتاريخ لهذا البلد، فالموسيقى هناك وسيلة للحكي، وليست مجرد أغاني، معظم أغانيهم تميل للقصص الملحنة، وليست شعر، كما أن لديهم إيقاعات غريبة، وتدعى الإيقاعات الغامضة، فهناك ملاحم الشمال، وهناك تهويدات رقيقة عن الحب والغرام والمآثر البطولية، كما أن الموسيقى في الأعياد الألبانية هي شيء مهم جدًا من أجل الاحتفال، وهناك عيد يدعى (لازاروس)، وفيه يتم الغناء من قبل النساء، أغاني حزينة وشجنة ورقيقة جدًا، ولو أردت أن تتعرف أكثر عن طريق السمع، فما عليك سوى أن تدخل على الإنترنت وتبحث عن الأغاني الألبانية لتستمتع بنفسك لأحد أغانيهم الجميلة، أما عن أشهر الكتب الألبانية فهو كتاب (القداس) أو المشاري حسب اللغة الألبانية، وهو يعتبر من أهم الكتب الألبانية لأنه تقريبًا أول عمل أدبي بهذه اللغة.