أمريكا الشمالية

أمريكا الشمالية - التاريخ والثقافة

تاريخ أمريكا الشمالية

ساعد ساحل أمريكا الشمالية الشرقي المنبسط على استيطان السكان بها مثل شبه جزيرة كيب كود، ديلمارفا، لونج آيلاند بالإضافة للشواطئ المنعزلة بالجنوب والتي كانت مرفأ لاستقبال السفن، كما هيأ وجود الأنهار ممرا لشبكة النقل المتجهة للمناطق الداخلية النائية وتأسيس المرافئ على ساحل المحيط الأطلنطي الشمالي.

أمريكا الشمالية في العصور القديمة

استقر سكان أمريكا الشمالية في معظم الأراضي الشاسعة الممتدة بين حدودها والتي عرفها المستكشفون الأوروبيون قديما بالأنديانز مقارنة بسكان قارة أوروبا القليلين بالنسبة لمساحتها فعلى سبيل المثال فإن عدد الهنود الذين استوطنوا في شرق أمريكا الشمالية قد يتراوح ما بين مليون إلى اثنين مليون نسمة في عصر مستكشف أمريكا الشمالية الرحالة كولومبوس، وبالرغم من ذلك لم يشترك الهنود في صنع الحضارات المختلفة فيها فيما عدا الهنود سكان وادي المسيسيبي فقد اشتغلوا بالزراعة، أما قبائل الهنود في الساحل الشرقي فكان الصيد حرفتهم ومصدرا لغذائهم وقد نجحوا بزراعة البقول، اليقطين، والذرة لعدة سنوات والتنقل من منطقة لأخرى بحثا عن الأراضي الجيدة الزراعة.

العصر الحجري الحديث

تطورت الحياة في العصر الحجري الحديث في أمريكا الشمالية بتطور الأدوات المستخدمة فيما عرف بفن الغابة الرفيع والذي انتقل من السكان المحليين للمستعمرين الذين حاولوا مواجهة الكوارث المهددة بانقراضهم، كما حلت حضارة المستعمرين بدلا من حضارة الهنود وأثبتت نجاحها وقدرتها على تطوير الحياة باستعمال المعادن في صنع الأدوات والأسلحة النارية بدلا من الأدوات البدائية للهنود الذين خاضوا التجارة الخارجية بالرغم من شروطها المجحفة التي أدت لخسارتهم الاقتصادية.

العصور الوسطى

وفي نهاية القرن السادس عشر غزا ابتكار المطبعة أمريكا الشمالية والتي عملت على توفير تكاليف إصدار الكتب ونشر المعارف مما أدى إلى طباعة 50 ألف كتاب في أوروبا والتي كان عدد كبير منها يخضع لرقابة الجامعات والكنيسة والتي زادت من انتشار التقنيات الحديثة في العلوم والزراعة، وحيث أن الطبقة الإقطاعية والتجار هما القادرين على امتلاك هذه الصناعة الحديثة مما أدى لنشوب الحرب بينهم وبين البروتستانت الإصلاحيين لفترة طويلة تجاوزت القرن.

كانت السفينة الشراعية هي الاختراع الأهم في العصور الوسطى والتي تلاها سفن ضخمة ذات صواري متعددة عام 1450، والتي استطاعت عبور المحيط الأطلسي والوصول للشواطئ أمريكا الشمالية، كما استخدمها البرتغاليون للدوران حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا للوصول للهند ورواج طريق التجارة إلى أوروبا.

اكتشافها على يد كولومبس

تعد رحلة كولومبس التي أوصلته لاكتشاف أمريكا الشمالية هي الخطوة الأولى التي دفعت المستكشفين لغزو أراضيها إذ بدأت الرحلات الأوروبية البحرية لاكتشاف العالم الجديد والتي بدأها الإسبان بفتح المكسيك ثم بيرو مما أدى لرواج تجارة الذهب والفضة والأحجار الكريمة إلى إسبانيا مما زاد من مكانتها بين الدول الأوروبية، كما عملت البرتغال على إنتاج السكر في منتصف القرن السادس عشر في البرازيل، وفي نهاية القرن أبحر الفرنسيون عبر نهر لورنس للتوغل في أمريكا الشمالية واستوطنوا على ضفاف البحيرات العظمى واشتغلوا بتجارة الفرو.

كما مولت انجلترا الرحلات الاستكشافية لجيوفاني كابوتي واستيطان أمريكا الشمالية والتي تلتها محاولة السير والتر راليه لاستيطان رونوك آيلاند في ألبيمارلي ساوند في 1587، وقد عملت الاختراعات التقنية في مجال السفن البحرية وطباعة الكتب على قيام عصر النهضة وتطوير الحضارة في العالم الجديد.

تم إنشاء العديد من الشركات الإنجليزية المساهمة للعمل على رواج التجارة بالقارة المكتشفة في النصف الثاني من القرن السادس عشر مثل شركة المشرق وشركة الهند الشرقية، كما قام الهولنديون بإنشاء شركة الهند الشرقية والتي زادت من مكانة هولندا التجارية وأغنى دولة أوروبية في القرن السابع عشر، كما أسس جيمس الأول ملك انجلترا شركة فيرجينيا بهدف بناء أسطول تجاري إنجليزي وتأسيس مستوطنة بروتستانتية في أرض جديدة واكتشاف الأحجار الثمينة، وقد أدت الفتوحات الإسبانية لرواج الاقتصاد الأوروبي وتدفق الذهب والفضة من العالم الجديد والذي أدى لارتفاع الأسعار بنسبة كبيرة 400% في القرن السادس عشر.

كان كولومبس قد نقل زراعة التبغ إبان رحلته الأولى مما أدى إلى انتشار زراعته في البلاد المكتشفة ومن ثم انتشارها في حوض البحر المتوسط وإسبانيا والتي أصبحت دولة مصدرة للتبغ فيما بعد، وقد كان الهنود المحليين مدمنين على التبغ وقد تم زراعته بوفرة في فيرجينيا، ثم نقل لإنجلترا عام 1616بكميات كبيرة وصلت لثلاثة مليون رطل في العام.

زاد إنتاج التبغ في أمريكا الشمالية بعد إصدار شركة فيرجينيا قرارا عام 1616 بإتاحة الفرصة للمستوطنين لامتلاك الأراضي مما عمل على جذب عدد كبير من المهاجرين تم منحهم الأراضي بالمجان بنظام حقوق الرأس والذي يتيح فرصة العمل لعدة سنوات والحصول على خمسين هكتار لسداد تكاليف وصولهم للبلاد.

في عام 1619 تم تأسيس أول مجلس نيابي وانتخب السير إيديون سانديز أمين لصندوق شركة فيرجينيا ومديرا له، كما أمر بإنشاء مجلس نواب وإصدار تشريع جديد للبرلمان المصغر الذي انعقد لأول مرة في 30 يونيو بكنيسة جيمس تاون، وقد أعطى هذا البرلمان وتشريعه الجديد بمنح سكان فيرجينيا حقوق المواطنين الإنجليز.

بعد عدة أسابيع تم إرسال سفينة هولندية إلى تشيزابيك محملة بالأيدي العاملة للعمل بحقول التبغ التي اتسعت مساحتها، وقد كانت هذه العمالة لا تعد من العبيد إذ أنهم بعد انتهاء مدتهم يتحولون إلى أحرار يمتلكون الأراضي، إلا أن تحسن الظروف الاقتصادية وتوسع المستعمر أدى إلى زيادة عدد العبيد والخدم في ثمانينات القرن 17.

أدت زيادة أعداد الرقيق السود بالنسبة لعدد السكان لكساد تجارة التبغ وخاصة مع انتقادات العالم لاستغلال السود والقلق من التمرد، ومن ثم انتشرت العنصرية في سياسة الولايات المتحدة واستمرت لفترة طويلة قاربت 300 عام تقريبا.

القرن التاسع عشر

وفي بداية القرن التاسع عشر ظهرت العديد من الحركات المنادية بالاستقلال في أمريكا الشمالية، فأعلنت 13 مستعمرة انجليزية على سواحل المحيط الأطلنطي الاستقلال عام 1776 وتم إنشاء الولايات المتحدة وإسبانيا الجديدة، وفي 1810 أعلنت أول امبراطورية بالمكسيك وفي 1823 استقلت غواتيمالا التي كانت تابعة للإمبراطورية المكسيكية وأصبحت أول دول تستقل في أمريكا الوسطى وتم تغيير أسماءها للمقاطعات المتحدة بأمريكا الوسطى.

ثقافة أمريكا الشمالية

نظرا لاختلاف الأعراق في أمريكا الشمالية نجد اللغات السائدة هي الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، وبالرغم من أن اللغة الإنجليزية ليست اللغة الرسمية في البلاد إلا أن معظم التشريعات تصدر بها في معظم الولايات الأمريكية، تليها في المرتبة الثانية اللغة الإسبانية والتي يتحدث بها السكان في الولايات الحدودية للمكسيك، أما الفرنسية التي يتحدث بها بعض المناطق مثل لويزيانا إلى جانب بعض اللغات الأمريكية الوطنية مثل النافاجو التي يتحدث بها سكان بعض المناطق بولاية أريزونا ونيو مكسيكو، وبعض اللغات المحلية للسكان الأصليين وأخرى للمهاجرين.

نظرا لاختلاف سكان أمريكا الشمالية اختلفت وتنوعت الثقافة بها واعتمدت على حرية التعبير والإمكانيات المادية والظروف السياسة والتقدم العلمي للمجتمع، كما يمثل الإعلام الأمريكي نسبة هامة في تشكيل الثقافة الأمريكية والتي تغزو العالم بتقدمها التكنولوجي عبر الفضائيات وعلوم الكمبيوتر إلى جانب دور السينما الأمريكية في تشكيل الثقافة الأمريكية وتوصيلها للدول كقوة مسيطرة على العالم، كما تمثل أمريكا مركزا عالميا للتقدم التكنولوجي في العلوم العسكرية وأبحاث الفضاء والأبحاث النووية وقد ساهم في خلق هذا التقدم المهاجرين العرب والأجانب.