أن تحكي تاريخ دولة فستحتاج إلى كتب ومجلدات، فماذا إن كنت ستحكي تاريخ قارة؟ الأمر سيكون ضخماً وكبيراً، فتاريخ قارة أمريكا الجنوبية به الكثير من التفاصيل، وكون القارة أحد القارات التي تم اكتشافها ضمن قارات العالم الجديد، وضع حولها الكثير من التساؤلات وخرجت العديد من النظريات التي تحاول إثبات أحداث تاريخية حدثت في هذه القارة حتى في فترات ما قبل التاريخ ومنذ أن أصبحت أمريكا الجنوبية صالحة لاحتواء وعيش الإنسان بها، لذلك سنحاول أن نتطرق بشيء من التفصيل نحو بعض الفترات الزمنية في تاريخ قارة أمريكا الجنوبية بداية من فترة ما قبل التاريخ وحتى عصر التاريخ الحديث، لكننها مهما ذكرنا فإن تاريخ القارة أكبر وأعظم من أن يحكى في بعض السطور.
ما قبل التاريخ في أمريكا الجنوبية
وفقاً لبعض الأدلة الوراثية والاختبارات التي أجريت، فقد تبين أن البشر قد استوطنوا في قارة أمريكا الجنوبية بعد أحد الهجرات التي تمت خلال آخر عصر جليدي، فقد عبر بعض البشر -وذلك للمرة الأولى- من أراضي سيبيريا إلى النصف الغربي من الكرة الأرضية، وكانت هذه الهجرة من خلال مجموعة من البشر الذين وصلوا إلى قارة أمريكا الجنوبية من خلال عبورهم جسر برينج البري، وتشير الاختبارات أن ذلك حدث منذ حوالي 2000 عام، في حين أن مستعمرة تسمى “ماونت فيردي” وهي الموجودة في شيلي يعود عمرها إلى حوالي 14.600 سنة، وهي تعد أقدم منطقة استوطنها البشر منذ زمن بعيد في أمريكا الجنوبية.
ورغم تعالي الأصوات بأن استيطان البشر في هذه القارة كان عبر هجرة وحيدة خلال فترة ما قبل التاريخ، إلا أن بعض الأدلة والبراهين الأخرى والتي أخذت من هياكل عظمية للبشر القدامى في أمريكا الجنوبية، أشارات هذه الهياكل بأن البشر أصحاب الجماجم الطويلة والنحيلة تختلف كثيراً عن الجماجم الخاصة بالسكان الأصليين أو السكان الحاليين، حيث أن رؤوسهم أكثر استدارة من تلك الجماجم القديمة، لذلك كان من الصعب القول بأن هجرة واحدة قد حدثت ولكن ربما هجرتين أو حتى أكثر، ولكن الثابت في كل ذلك هو أن البشر هاجروا إلى أمريكا الجنوبية منذ قديم الزمان وحدثت هجرات قارية استقر فيها المهاجرون من البشر في هذه القارة ليبدؤوا الاستيطان والعيش بها وعلى أراضيها.
الزراعة وتربية الحيوانات في أمريكا الجنوبية
عرف الأمريكيين الجنوبيين الزراعة وتربية الحيوانات منذ آلاف السنين، حيث قاموا بزراعة الكثير من النباتات التي يتم زراعتها إلى وقتنا هذا مثل الكوسة والفاصوليا، وانتشر أيضاً زراعة القمح والشعير والأرز والذرة وخصوصاً في أراضي البرازيل والأرجنتين والبيرو، وكانت مثل هذه الممارسات الزراعية بأراضي القارة منذ حوالي 9 آلاف سنة قبل الميلاد، وكان للصيد نصيباً كبيراً في حياة هؤلاء الأمريكيين الجنوبيين القدامى، فقد مارسوا حرفة الصيد من أجل الحصول على طعامهم في مناطق واسعة على طول الساحل، ووفقاً لبعض النظريات فإن عمليات الصيد هذه كانت من حوالي 2000 سنة في فترة ما قبل الميلاد، واستطاع الإنسان حينها تطوير أنظمة الري من أجل تحسين وتطوير الزراعة التي بلا شك كانت مصدراً وسبباً أساسياً في استمرارهم في الحياة.
ويعتبر استخدام الحيوانات من قبل هؤلاء الأمريكيين القدامى أمراً شائعاً، فقد تم استخدام العديد من الحيوانات التي قاموا باستئناسها ومن أشهر هذه الحيوانات الفيكونيا واللاما والألبكة وأيضاً حيوان الغواناكو، وقد كانت الكثير من أجزاء قارة أمريكا الجنوبية غنية بثروة حيوانية كبيرة تمثلت في الماعز والبقر والدواجن، وبدأت هذه الممارسات واستخدام الحيوان منذ ما يقرب من 3500 سنة قبل الميلاد، أي من قبل التمرس في عمليات الزراعة، لذلك استخدمت هذه الحيوانات لأغراض عدة منها نقل البضائع وكمصدر أساسي للحوم وأيضاً الصوف من بعض هذه الحيوانات.
حضارات ما قبل كولومبي في أمريكا الجنوبية
عندما تسمع بأن قارة أمريكا الجنوبية قارة حديثة العهد، وتم اكتشافها ضمن قارات العالم الجديد، فسوف تشعر بأنها ستكون قارة عديمة الحضارات أو الثقافات، أو حتى ستكون هذه الحضارات ضعيفة وغير مؤثرة، ولكن الواقع غير ذلك تماماً، فقبل أن نبدأ في معرفة الحضارات التي ظهرت في قارة أمريكا الجنوبية كان لا بد من توضيح عصر ما قبل كولومبي، حيث أن هذا الاسم يشير إلى الفترة ما بين العصر الحجري القديم وحتى فترة الاستعمار الأوروبي لأجزاء كبيرة من قارة أمريكا الجنوبية، أي أن عصر ما قبل كولومبي هو عصر ما قبل ظهور الأوروبيين في أمريكا الجنوبية وتأثيرهم عليها بشكل كبير وواضح، والآن سنلقي الضوء على بعض أهم الحضارات التي نشأت في عصر ما قبل كولومبي، حيث ساعدت الممارسات الزراعية واستقرار الأمريكيين الجنوبيين على أراضي عدة بقارة أمريكا الجنوبية على ظهور عدد كبير من الحضارات القوية.
أحد أعظم الحضارات وأقدمها في هذه الفترة من تاريخ أمريكا الجنوبية هي حضارة “نورت شيكو”، وقد كانت هذه الحضارة قائمة على ساحل بيرو، ولك أن تتخيل بأن مباني وصروح المعمار لهذه الحضارة كانت تشبه في عظمتها الأهرامات المصرية التي تعد من عجائب الدنيا السبع، وذلك على الرغم من أنها حضارة في فترة ما قبل الفخار، لكن الأمريكيين الجنوبيين حينها استطاعوا تكوين شبكة تجارية كبيرة مكنتهم من تسيير الكثير من الأمور وبناء حضارة عظيمة كهذه الحضارة، وفي حوالي 900 من قبل الميلاد، نشأت حضارة أخرى سميت بحضارة “تشافين”، ووفقاً للنظريات والأدلة التاريخية فقد استمرت حضارة تشافين من الفترة 900 سنة قبل الميلاد وحتى فترة 300 سنة قبل الميلاد، وقد تم العثور على مجموعة من التحف التي تعود لهذه الحضارة في موقع يعرف باسم “تشافين دي هوانتار” وهو الواقع في بيرو الحديثة، ويقع هذا الموقع على ارتفاع حوالي 3.177 متراً.
ولم تتوقف الحضارات عند هذا الحد بل في بداية أول ألفية ميلادية ظهرت حضارات أخرى عديدة مثل حضارات باراكاس ونازكا وموشي وغيرها من الحضارات الأخرى، وقد طورت هذه الحضارات عمليات الزراعة بشكل واضح كما ظهر العديد من المجالات الجديدة مثل الخزف واستخدامه في الكثير من الأمور، وبعض هذه الحضارات كون شبكات تجارية كبيرة وواسعة أيضاً، ونشأت حضارة سميت بحضارة “مويسكا” وهي الحضارة التي نشأت وسيطرة على الأراضي التي تقع عليها كولومبيا حالياً، وأيضاً ظهرت حاضرة “الإنكا”، وهي الحضارة التي نشأت في منطقة الإنديز في فترة ما بين عامي 1438 وحتى عام 1533، لذلك وبعد هذه المعلومات يكون قد ظهر جلياً بأن أمريكا الجنوبية احتضنت العديد من الحضارات خلال تاريخا القديم.
الاستعمار الأوروبي في قارة أمريكا الجنوبية
أن تكون هذه القارة حديثة العهد، جعلها محل اهتمام من القارات الأخرى والدول الكبيرة وقتها، وليس مجرد اهتمام وحسب، بل سعت بعض القوى الكبرى في هذه الفترة إلى استكشاف أراضي قارة أمريكا الجديدة التي هي أحد قارات العالم الجديد، وبالفعل في عام 1494 اتفقت كل من دولتا البرتغال وإسبانيا -واللتان كانتا من أكبر القوى البحرية حينها- على الاستيلاء على كافة الأراضي التي سيكتشفونها في أمريكا الجنوبية وخارج أوروبا بشكل عام، كان الاتفاق ضمن معاهدة عرفت باسم “تورديسيلاس”، والتي دعمها البابا حينها وشجع على ما اتفقت الدولتين عليه، منذ هذه الفترة بدأت مراحل استعمار الأوروبيين لأراضي أمريكا الجنوبية وبدأوا أيضاً في استغلال سكانها من أجل مصالحهم، كما سيطروا على الكثير من الموارد الطبيعية المتوفرة في أراضي أمريكا الجنوبية، حيث سيطرت الدول الأوروبية على الأراضي المختلفة وتم تقسيمها فيما بينهم وتعاملوا على أنها تعود لملكيتهم الخاصة.
لم يراعي الأوروبيين أي شئ يخص السكان من الأمريكيين الجنوبيين بقصد أو حتى بدون قصد، فقد كانت بعض الأمراض في هذه الفترة منتشرة في أوروبا وهي أمراض معدية أهمها الجدري والحصبة والتيفوس والإنفلونزا وغيرها، ولسوء الحظ لم يكن للأمريكيين الجنوبيين أي مناعة ضد هذه الأمراض، وهو ما أدى إلى هلاك أعداد كبيرة من السكان الأصليين في أمريكا الجنوبية بسبب هذه الأمراض القادمة من أوروبا، لكن الأوروبيين لم يتوقفوا عن استغلال البشر لصالحهم، فقد تم جلب الكثير من الأفريقيين كعبيد من أجل العمل وإنجاز المهام الموكلة إليهم، وقد تكيف الأفريقيين مع هذه الأمراض بعكس الأمريكيين الجنوبيين، وذلك لأنهم كانوا يمتلكون مناعة أقوى وكانوا محصنين ضد هذه الأمراض، ولم يكتفي الأوروبيين وتحديداً الإسبان في استغلال البشر وجعلهم رعايا وعبيد، بل قاموا بتحويلهم إلى دينهم الذين كان المسيحية، وسعوا بشكل كبير إلى محو أي ثقافات أو معتقدات قديمة لدى رعاياهم والتي من شأنها إعاقة تقدمهم وتحقيق أهدافهم المرجوة في أمريكا الجنوبية، ومع فرض الدين فرضوا اللغة أيضاً وحتى اللحظة فإن الكثير من سكان دول قارة أمريكا الجنوبية يتحدثون الإسبانية بسبب هذه الفترة.
تجانس الأوروبيين مع الأمريكيين الجنوبيين
بمرور الوقت كان طبيعياً جداً أن يتجانس الأوروبيين مع السكان الأصليين في أمريكا الجنوبية، ليتكون بهذه الخطوة عرقاً جديداً في أمريكا الجنوبية وهو الذي يجمع بين الأوروبيين والأمريكيين الجنوبيين، وسمي هذا العرق بـ “المستيزو”، واشتهر أبناء هذا الأصل العرقي في بادئ الأمر بأن آبائهم من الأوروبيين وخصوصاً الإسبان، أما أمهاتهم فكانت من الأمريكيين الجنوبيين، بعدها أصبح الآباء والأمهات من نفس الأصل وهو المستيزو، بعدها بدأ الأوروبيين في تصدير المعمار والنمط الحضاري الخاص بأوروبا إلى أمريكا الجنوبية ليتم استغلال ذلك في تحسين الكثير من الأمور مثل البنية التحتية في الكثير من المدن الهامة في دول القارة، وبدأوا في تحسين الاقتصاد والتجارة أيضاً من خلال أساليب واستراتيجيات جديدة ساهمت في زيادة المعاملات التجارية بين قارات العالم القديم وقارات العالم الجديد وحتى بين مختلف المناطق داخل قارة أمريكا الجنوبية، ومن الجدير بالذكر أن الأوروبيين قاموا بتدمير الكثير من الأعمال الفنية التي تمثلت في التحف الفنية والتماثيل وغير ذلك، فقد كانت هذه التحف مصنوعة من الذهب والفضة ففضل الأوروبيين صهرها واستغلالها على أن يحتفظوا بها كعمل فني مميز.
فترة استقلال قارة أمريكا الجنوبية
من يقرأ تاريخ ما قبل فترة استقلال أمريكا الجنوبية واستعادة سيطرتها وهيمنتها على أراضيها الخاصة، سيظن بأن الأمر أصبح واقعاً لا رجعة فيه، وبأن الأوروبيين لن يخرجوا من أراضي القارة أبداً، لكن ما حدث كان غير ذلك تماماً، فقد حصلت دول أمريكا الجنوبية على استقلاليتها تحديداً في عام 1823، ولكن الأمر لم يكن سهلاً بل جاء بعد حروب وتكوين جيوش كبيرة في أمريكا الجنوبية، كما ظهرت حركات وطنية واسعة ومتمردين في مناطق عدة في القارة، سميت هذه الحروب بحروب الاستقلال الأمريكية الأسبانية، وكان أهم الرموز الوطنية المناضلة الأرجنتيني “خوسية دي سان مارتين” وأيضاً الفنزويلي “سيمون بوليفار”، فقد قاد كل منهما جيشاً كبيراً من الأمريكيين الجنوبيين والمتمردين على وجود الأوروبيين في بلادهم واستغلالهم لموارد بلادهم وأراضيهم، لتنجح هذه الحركات الوطنية والجيوش في حصار الجيش الإسباني الملكي وإجباره على الاستسلام، كما تم إعلان استقال البرازيل بعد رحيل المستعمرة البرتغالية الواقعة على أراضيها في عام 1822، ورغم استقلال غالبية أراضي أمريكا الجنوبية إلا أن هناك بعض الأجزاء والجزر التي ما زالت تحت سيطرة بعض الدول الغربية والأوروبية.
التاريخ الحديث في قارة أمريكا الجنوبية
يمتلئ تاريخ أمريكا الجنوبية الحديث بالكثير من الأحداث المتغيرة والهامة، فلم تحظى أمريكا الجنوبية في بداية العصر الحديث بأي نوع من الاستقرار، بل تحولت أراضيها إلى ساحات معارك مختلفة، فقد ظهرت العديد من الحركات المقاتلة والعصابات أشهرهم العصابات الماركسية، وكان ذلك في منطقة كولومبيا عام 1964 وسموا نفسهم “فارك”، وانتشرت حركات ضخمة تقوم بنشر وبيع المخدرات التي كانت أهم تمويلاتهم، واستخدموا أيضاً أساليب عنيفة كالتفجيرات واغتيالات لأشخاص هامة ورموز كبيرة، في هذه الفترات أيضاً حدثت الكثير من الانقلابات وتم إطاحة الكثير من الحكومات الديموقراطية والتي تم انتخابها من قبل الشعوب، ليحل محلها عسكريين تعاموا بديكتاتورية وفرض الأمر بالقوة، وكان ذلك في فترات الستينيات والسبعينيات، وتم اعتقال آلاف المعارضين وتعذيبهم وقتلهم، لكن ومع بداية فترة الثمانينات بدأت تظهر موجات جديدة مطالبة بالديموقراطية وبالفعل نجحت في ذلك وحصلت معظم الدول في أمريكا الجنوبية على حكم ديمقراطي، بعدها زاد التعاون بين دول قارة أمريكا الجنوبية فيما بينهم وبدأت تسود حالة من الاستقرار التي بلا شك ساعدت على عمل نهضات مختلفة وواسعة.
الثقافة في قارة أمريكا الجنوبية
تأثرت أمريكا الجنوبية كثيراً بثقافات أوروبا وتحديداً الثقافات الخاصة بكل من إسبانيا والبرتغال اللتان كان بينهما تواصل تاريخي مستمر خلال فترة كبيرة من الزمن في أمريكا الجنوبية، وليست الثقافات الأوروبية وحسب، بل تأثرت ثقافات أمريكا الجنوبية أيضاً بثقافات شعبية أصلها من الولايات المتحدة الأمريكية، وتعتبر الثقافات بشكل عام هي من الأمور التي يفخر بها أصحابها، حيث تكون الثقافات نتاج أحداث تاريخية وتواصل مع ثقافات مختلفة لتنتج ثقافات خاصة يتم تصديرها هي الأخرى، وتتمحور الثقافات لكل دولة أو منطقة حول الموسيقى والأدب والمسرح واللغات التي تحدث بها الشعب على مر التاريخ والأزمنة، كلها عناصر تساهم في تشكيل ثقافات كبيرة.
الموسيقى في أمريكا الجنوبية
فعن الموسيقى في أمريكا الجنوبية، فقد ظهرت الكثير من أنواع الموسيقى المختلفة في هذه القارة، وكان لكل دولة بأمريكا الجنوبية أنواع خاصة من الموسيقى، فمثلاً البرازيل اشتهرت بالسامبا والبوسا نوفا، أما الأرجنتين فقد كثرت موسيقى التانغو وكان هو الحال مع أوروغواي، وليس ذلك وحسب بل ظهرت موسيقى الكومبيا الفايناتو في منطقة كولومبيا، وتأسست أنواع خاصة من الموسيقى في الأرجنتين وشيلي عرفت باسم موسيقى “نويفا كانسيون الشعبية”، تم تصدير هذه الموسيقى إلى دولاً أخرى في أمريكا اللاتينية ومنها إلى الغرب ومناطق أخرى، وكان لموسيقى الجيتار والكاخون سواء الثنائية أو الثلاثية نصيباً على ساحل بيرو في أمريكا الجنوبية، وقد انتشر نوع خاص من الموسيقى وهو “المارينيرا” بين السكان من أصل المستيزو، ليظهر بعد ذلك في فترة القرن الـ 20 الروك والذي كان مأخوذاً من إسبانيا، وأنواع أخرى عديدة من الموسيقى لتكون أحد أهم نتاجات الثقافة في أمريكا الجنوبية.
الأدب في أمريكا الجنوبية
أما عن الأدب، فقد كان له نصيباً كبيراً أيضاً من ثقافة أمريكا الجنوبية، وهو ليس كلاماً عابراً بل إن كثيراً من النقاد حول العالم أشادوا بحصيلة الأدب في أمريكا الجنوبية بشدة، حيث صعدت الأعمال الأدبية بكثرة في الكثير من دول القارة، وخصوصاً في فترة الستينيات والسبعينيات أيضاً، ليظهر مؤلفين كبار وأدباء عظماء أثر أدبهم على مسار الأدب العالمي، ففي فنون الرواية ظهرت أعمال مميزة لكل من “ماريو فارغاس يوسا” وأيضاً “غابرييل غارسيا ماركيز”، حيث أنتجوا أعمالاً روائية مميزة، وظهر أدباء آخرون مثل “بابلو نيرودا” و”خورخي لويس” واللذان أنتجا أنواعاً مختلفة من الأدب المتنوع، وأحد أشهر الكتاب الواقعيين في أمريكا الجنوبية هو الكاتب البرازيلي “ماشداو دي اسيس”، والذي وصف بأنه من أعظم وأمهر الأدباء والكتاب على مر التاريخ، وأعجب بأعماله الكثير من الأدباء المعاصرين ممن لهم اسم كبير وأعمال مميزة أيضاً في الأدب.
المطبخ الأمريكي الجنوبي
المطبخ الأمريكي الجنوبي، أكلات تروي حكايات وتاريخ وثقافة، فبلا شك يعتبر الطعام والطبخ من أهم سمات الثقافات المختلفة حول العالم، وهو ما ظهر جلياً في ثقافة أمريكا الجنوبية، فقد كان لها مطبخاً خاصاً وأكلا مميزة، ولم يتسم المطبخ الأمريكي الجنوبي بأنه نوعاً واحداً بل تأثر بالهنود الحمر وأكلاتهم، وتأثر أيضاً بالمطبخ الآسيوي والأوروبي وحتى المطبخ الأفريقي كان له نصيباً في مطبخ أمريكا الجنوبية، وأحد أكثر نتاجات المطبخ الأمريكي الجنوبي انتشاراً هو مشروب المتة، والذي كان منتشراً في الأرجنتين والبرازيل وشيلي ومناطق أخرى عديدة، كما انتشر أيضاً “التيريري” وهو الذي يتم تناوله بارداً، انتشر أيضاً شرب النبيذ بأنواع خاصة في مناطق عدة بأمريكا الجنوبية وتعد أنواع النبيذ أيضاً التي يتم صناعتها وإنتاجها محلياً في مناطق القارة من أكثر أنواع النبيذ تميزاً على مستوى العالم.
لغات شعوب أمريكا الجنوبية
لا يمكن ذكر ثقافات منطقة ما أو دولة ما وتنسى ذكر لغاتها التي نطق بها الشعوب على مر التاريخ والأزمنة المختلفة، فماذا عن قارة أمريكا الجنوبية؟ هل من الممكن أن تجتمع شعوب القارة على لغة واحدة؟ أو لغتين حتى كأي دولة في العالم؟، الأمر مختلفٌ هنا في قارة أمريكا الجنوبية، فنحن نتحدث عن شعوب كبيرة ومناطق واسعة تختلف في ثقافاتها وتقاليدها، لتظهر لغات عديدة في قارة أمريكا الجنوبية، لكن الأكثر استعمالاً منها هي اللغة الأسبانية التي ينطق بها حوالي 193 مليون شخصاً، وأيضاً اللغة البرتغالية وينطق بها ما يزيد عن 139 مليون شخصاً، وهي لغات رسمية في بعض دول القارة.
وظهرت أيضاً اللغة الهولندية في بعض الدول، واللغة الإنجليزية في غيانا، ويوجد لغات أخرى كثيرة ينطق بها الكثير من السكان سواء من الأصليين في أمريكا الجنوبية أو من الأوروبيين ومن جاؤوا من الغرب أو المهاجرين من العرب والهند، لذلك ظهرت لغات كالعربية والإنجليزية والفرنسية، وتعد أهم اللغات الأصلية والتي تخص السكان الأصليين في أمريكا الجنوبية هي الكيتشوا في مناطق الأرجنتين وشيلي وبيرو وغيرها وأيضاً لغة الغواراني في مناطق بارغواي وبوليفيا، وتعتبر لغة المابودونغون من اللغات الأصلية أيضاً والتي ظهرت في جنوب شيلي وبعض أجزاء من الأرجنتين، ولا يتوقف الأمر عند ذلك بل توجد لغات عدة ظهرت ونطق بها سكان القارة في مناطق متفرقة منها.