من يعتقد أن بداية دولة مقدونيا كانت بداية متأخرة فهو مُخطئ بكل تأكيد، حيث أن التاريخ يشهد على تواجدها ما قبل بداية التأريخ الميلادي من الأساس، حيث كان شعب التراقي يسكنها في ذلك التوقيت ويُنازعه فيها بعض الممالك الأخرى والقبائل، فقد استمرت مقدونيا دون أية قوة حقيقية مسيطرة عليها حتى قبل ثلاثمائة عام من بداية التاريخ الميلادي، وفي ذلك التوقيت ظهر فيليب الثاني المقدوني، وهو طبعًا المعروف بكونه نجل الإسكندر الأكبر، وقد تمكن فيليب من السيطرة على البلاد وإخضاعها لحكمه حتى جاءت الإمبراطورية الرومانية قبل حوالي مئة عام من التاريخ وضمتها لها.
مع بداية التأريخ الميلادي شهدت دولة مقدونيا دوامة أخرى وصراع مع بقية الممالك والدول، فقد دخلها البيزنطيين، ثم جاء بعدهم البلغاريين والصرب، وأخيرًا كان نصيب الأسد للأتراك الذين كان لهم في فترة من الفترات أجزاء كبيرة للغاية من الغرب الأوروبي، ومن ضمن هذه الأجزاء وقعت دول شبه جزيرة البقان كفريسة سهلة، وعلى رأس دول شبه الجزيرة هذه جاءت مقدونيا، على العموم، استمرت تلك الدوامة حتى فترة العصور الوسطى، وبعد هذه الفترة بدأت مقدونيا تُفكر لأول مرة في تأسيس دولة خاصة بها، إنها ببساطة شديدة الدولة الحديثة التي يتمناها الجميع.
في الواقع لم تنشأ الدولة المقدونية الحديثة بسهولة، حيث صارعت كذلك مع اليونان وبقية دول شبه جزيرة البلقان، وعلى ما يبدو أن الحرب العالمية الثانية كانت فأل حسن وقدم الخير على جميع دول شبه الجزيرة، فبعدها جاهدت شيئًا فشيئًا دولة مقدونيا حتى حصلت على اعتراف باسم جمهورية مقدونيا الاشتراكية، ثم انضمت بعدها إلى عصبة الأمم المتحدة وفي الوقت الحالي أصبحت جزء من الأمم المتحدة، وإن كان عام 2018 قد شهد العديد من المشاكل حول تسمية هذه الدولة ومن المتوقع أن يكون هناك استفتاء لتغيير اسمها، لكن مهما كان الاسم فالمهم في النهاية أن الدولة نفسها موجودة.
بالنسبة للتسمية، وهي طبعًا من الأمور التي تشغل الكثيرين، فهي تسمية جاءت على يد الثوار الذين حرروا مقدونيا من يد الصرب في فترة من فترات الاحتلال، حيث كانت أرض مقدونيا الموجودة الآن تُعرف باسم جنوب صربيا، لكن جماعة مقدونيا لكل المقدونيين تمكنت من السيطرة على هذا الجزء وتحريره، ثم أطلقت عليه الاسم الذي أصبح مستخدمًا حتى وقتنا الحالي، وفيما يتعلق بمعنى الاسم نفسه فهو غير مستقر عليه كليًا، لكنه في النهاية نابع بالتأكيد من أحد الأشياء المتعلقة بشبه جزيرة البلقان، إذ أن كل دول هذه المنطقة قد استمدت اسمها منها.