عند التفكير في بداية دولة رومانيا فلا يُمكننا أن نضع في اعتبارنا أي شيء آخر بخلاف بقايا ورفات البشر الذين تم اكتشافهم في كهوف رومانيا المتفرقة، وهي التي يرجع تاريخ تواجدها إلى أربعين ألف سنة، وهناك كذلك ما يعود إلى ستة وثلاثين ألف سنة، لكن هذين التاريخين في النهاية يُعبران عن أقدم تواجد بشري على الإطلاق، وكلنا نعرف بالطبع أن بداية أي دولة لا تُحتسب من بداية وجودها، فتقريبًا الكرة الأرضية كلها وليدة ظروف بيولوجية واحدة في وقت واحد، لكن ما يجعلنا نُحدد بداية تواجد الحياة بأرض معينة هو أن يتواجد البشر بها ويُمارسون كافة أنشطتهم، وهذا الأمر راجع كما تقول الأحافير إلى أكثر من أربعين ألف عام مضت، مع الوضع في الاعتبار بالتأكيد أن مظاهر الحياة المتمثلة في الزراعة والصيد والتجارة ومثل هذه الأمور لم تبدأ إلى قبل حوالي خمسة آلاف عام من الميلاد، وهو ما يجعلنا نصف رومانيا بالدولة العريقة دون أي تفكير مُسبق في هذا الوصف، لكن الناس الذين يسمعون اسم هذه البلد للمرة الأولى ولا يعرفون أي شيء عنها سوف يكون لديهم سؤال هام في المقام الأول عن معنى الاسم وماهيته، فما هو يا ترى؟
اسم رومانيا مشتق من كلمة لاتينية معناها رومن أو الرومان، وكلاهما يُقصد بهما المواطن القادم من روما، تلك المدينة المتواجدة حاليًا ضمن إيطاليا، وفي هذا اعتراف ضمني بأن أصل البشر الذين سكنوا هذه البلد في بداية تواجدها كانوا من الرومان الأوائل، على العموم، مرت دولة رومانيا تقريبًا بكل المراحل التاريخية التي من الممكن أن تمر بها دولة عريقة وكبيرة، فهي قد مرت بمرحلة ما قبل التاريخ والعصر الحجري والقديم، كذلك مرت بعصر ما قبل الميلاد وعصر ما بعد الميلاد والعصور الوسطى والعصر الحديث، وكل هذه الحقب الزمنية كان لرومانيا دور بارز بها، ولهذا السبب تُصنف رومانيا ضمن دولة القمة في أوروبا، وحتى لو كان ذلك من الناحية التاريخية فقط فإنها تبقى ذات احترام وتقدير.