أمريكا الجنوبية

أمريكا الجنوبية - نبذة عامة

تبقى حكايات وأساطير تكون القارات وأهليتها للسكان محل نقاش طويل ودائم، فبخصوص أمريكا الجنوبية فيعتقد الكثيرين أنها كانت مأهولة للجنس البشري منذ حوالي 15 ألف سنة، وذلك –وفقاً لأحد الأساطير- عندما قامت مجموعات من البشر والسكان بعبور جسر كان حينها يسمى بجسر “بيرنغ البري” وهو المعروف حالياً بمضيق بيرنغ، حيث هاجر الناس من المناطق التي هي حالياً تقع عليها دولة روسيا، هاجر هؤلاء الناس من أمريكا الشمالية في أول الأمر ووصلوا إلى الجنوب لتكون محطتهم في النهاية هي قارة أمريكا الجنوبية والتي وصلوا لها من خلال طريق “برزخ بنما”، ورغم أن هذه الأسطورة والنظرية لها تفاصيل عدة إلا أن بعض المكتشفات الأثرية التي وجدت مع مرور الوقت لم تدعم هذه النظرية لتبدأ رحلة البحث عن عن التفاصيل الصحيحة وراء تاريخ وجود الإنسان على أراضي أمريكا الجنوبية.

لمحة عن تاريخ قارة أمريكا الجنوبية

في حقبة تاريخية سميت بالحقبة الباليوزية في فترات ما قبل التاريخ، وحتى بدايات فترة الحقبة الوسطى توحدت قارتي أمريكا الجنوبية وقارة أفريقيا، وكان أكبر دليل على هذا التوحد منذ قديم الزمان هو وجود الكثير من الحفريات والصخور المماثلة في كل من القارتين لينفصلا بعد ذلك ويصبح كل منهما قارة منفصلة لها أراضي خاصة بها، وكان ذلك في بداية الفترة التي انفصلت فيها القارة العظمى “بانجيا” منذ ما يقرب من 225 مليون سنة، وعرفت الكثير من الأنشطة الزراعية في أمريكا الجنوبية ويعود تاريخ مثل هذه الأنشطة إلى ما يقرب من 9 آلاف سنة في فترة ما قبل الميلاد، وأشهر النباتات التي تم زراعتها هي الكوسة والفاصوليا وأيضاً الفلفل الأحمر، والتي تعتبر نباتات رئيسية حتى وقتها هذا!

لن يكون ذلك كل ما لدينا عن تاريخ قارة أمريكا الجنوبية ولكننا سنتناول تاريخ هذه القارة بشيء من التفصيل في قسم التاريخ والثقافة في دليل قارة أمريكا الجنوبية.

لمحة عن جغرافيا قارة أمريكا الجنوبية

تمتلك أمريكا الجنوبية جغرافيا واسعة، حيث تصل مساحتها إلى حوالي 17,843.000 كيلومتراً مربعاً، وهي تحتل المركز الرابع على مستوى العالم من حيث المساحة، فهي تأتي بعد قارة آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية، أما من حيث أعداد السكان المتواجدين داخل أراضي قارة أمريكا الجنوبية فيصل عددهم إلى ما يزيد عن 385 مليون نسمة وذلك وفقاً لإحصائيات عام 2009، لذلك فمن المرجح زيادة هذا العدد بشكل كبير حتى وقتنا هذا، لتكون قارة أمريكا الجنوبية هي القارة الخامسة من حيث عدد السكان بين باقي القارات الأخرى.

تحتوي قارة أمريكا الجنوبية على مجموعة من الجزر المختلفة الموجودة على أراضيها وتحديداً في المنطقة الشمالية منها مثل بونير وأروبا وترينيداد وتوباغو، لكن معظم الدول الجزرية الموجودة في هذه المنطقة تصنف بأنها ضمن أراضي أمريكا الشمالية أو أمريكا الوسطى، أما بعض الجزر مثل جزر “غالباغوس” فهي منتمية لقارة أمريكا الجنوبية تبعاً لإكوادور وأيضاً توجد جزيرة الفصح والمنتمية إلى شيلي، وغير ذلك من الجزر الأخرى المتواجدة في البرازيل والأرجنتين، ويتم رسم الحدود الخاصة بقارة أمريكا الجنوبية بالشمال الغربي لمياه دارين وذلك على الحدود من كولومبيا إلى بنما، ولعل الشكل الثلاثي لهذه القارة هو ما جعل لها ساحل قصير بالنسبة لباقي القارات الأخرى التي لها سواحل واسعة تمتد على طول البحار والمحيطات المختلفة.

أمور تشتهر بها أمريكا الجنوبية جغرافياً

تشتهر هذه القارة بكونها تحتل المراكز الأولى في العديد من الأمور الجغرافية والتي ساعدتها على حصولها على شهرة كبيرة على مستوى العالم، فأحد أهم ما تشتهر به أمريكا الجنوبية جغرافياً هو أنها تمتلك أعلى الشلالات على مستوى العالم وهي شلالات “أنجل” الموجودة في فنزويلا، وأيضاً يوجد بها أكبر نهر على مستوى العالم من حيث الحجم ألا وهو نهر الأمازون ويقع في المرتبة الثانية بعد نهر النيل من حيث الطول، كما تمتلك أمريكا الجنوبية سلسلة جبال واسعة جداً وهي جبال “الإنديز” التي يصل طولها حوالي 7100 كيلومتراً بعرض حوالي 500 كيلو متر، ويوجد أيضاً داخل أراضي هذه القارة واحدة من الصحاري الأشهر عالمياً وهي صحراء أتاكاما والتي تصنف كأكثر الأماكن جفافاً الموجودة على الأرض بالكامل، ومن منا لم يسمع بغابات الأمازون والتي تعد أكبر غابات تشتهر بكثرة الأمطار بها على مدار العام، وليس ذلك وحسب بل يوجد بأمريكا الجنوبية أعلى عاصمة على مستوى العالم وهي “لاباز” الموجودة على ارتفاع 3600 متراً تقريباً.

الموارد الرئيسية في قارة أمريكا الجنوبية

تتعدد الموارد الموجودة والمتوفرة في قارة أمريكا الجنوبية والتي ساهمت بشكل كبير في رفع وتحسين الاقتصاد الخاص بالدول الموجودة داخل القارة، ومن أهم هذه الموارد هي الموارد المعدنية بالتحديد مثل الذهب والفضة وأيضاً القصدير والنحاس والحديد، كما توفر النفط بأراضي أمريكا الجنوبية، وكانت لهذه الموارد تأثيراً كبيراً في دعم البلاد الموجودة في القارة وخصوصاً في أوقات الحروب، وساهمت هذه الموارد في تسريع النمو الاقتصادي والذي هو عاملاً أساسياً من أجل تحقيق النهضة بهذه الدول، لكن أحد المشاكل التي واجهت دول القارة الأجنبية هو الاعتماد على أحد هذه الموارد فقط وإهمال باقي الموارد وعدم استغلالها هي الأخرى، مما كان سبباً في عدم استقرار الاقتصاد في بعض الدول، ولكن حالياً تسعى دول أمريكا الجنوبية إلى تنويع استخدامهم لهذه الموارد ومحاولة استغلال كافة السلع والفرص الاقتصادية المتاحة بأراضي القارة.

المناخ في قارة أمريكا الجنوبية

تمتلك قارة أمريكا الجنوبية حالة مناخية مميزة عن باقي القارات الأخرى، حيث تشتهر هذه القارة بوجود فصلين مختلفين تماماً عن بعضهما في نفس الوقت، حيث أن المناطق الشمالية من خط الاستواء بقارة أمريكا الجنوبية تتسم بأنها مناخها صيفياً ليكون المناخ في المناطق الجنوبية من خط الاستواء شتوياً تماماً، أما إذا كان المناخ الموجود في المناطق الموجودة شمال خط الاستواء ربيعاً، فإن المناخ بالأراضي الموجودة بالمنطقة الشمالية من الخط يكون خريفاً، ورغم ذلك فإن قارة أمريكا الجنوبية لا تعرف التطرف الكبير في درجات الحرارة وذلك بعيداً عن المناطق المرتفعة داخل القارة والتي تصل فيها درجات الحرارة إلى معدلات منخفضة، ولكن في الطبيعي فإن درجة الحرارة لا تقل عن 21 درجة مئوية.

الأمطار في قارة أمريكا الجنوبية

أما بخصوص تساقط الأمطار فإن أمريكا الجنوبية تشتهر بوجود الكثير من المناطق التي تسقط بها الأمطار على مدار العام وبكميات كبيرة جداً، وأشهر هذه الأماكن الممطرة داخل القارة هي حوض الأمازون وأيضاً جزر الهند التي تتسم باستمرار هطول الأمطار طوال الوقت خلال العام وذك بسبب الرياح الشمالية الشرقية، وأيضاً سواحل البحر الكاريبي تمتاز بسقوط أمطار منتظمة على مدار العام، أما سفوح الإنديز وسواحله الموجودة في المناطق الجنوبية من الشيلي فلا تشتهر بالأمطار الغزيرة وحسب بل بأعاصير مستمرة أيضاً، ولكن رغم غزارة الأمطار في الكثير من المناطق إلا أن هناك أماكن جافة أو شبه جافة داخل قارة أمريكا الجنوبية حيث لا تسقط بها أمطار أو ربما أمطار قليلة على فترات مختلفة من العام ومن هذه الأماكن الساحل الشمالي لدولة فنزويلا، وأيضاً هضبة بتغونيا وسواحل بيرو وحتى خليج “جواياكبل” الموجود في إكوادور.

السكان في قارة أمريكا الجنوبية

يوجد داخل قارة أمريكا الجنوبية مجموعات مختلفة من السكان من حيث العرق، فليس كل سكان قارة أمريكا الجنوبية من عرق وأصل واحد، بل تنوعت الأعراق على مر الزمن لتتكون مجموعة من الأعراق الأساسية من سكان أمريكا الجنوبية، ومن هذه الأعراق “العرق الأوروبي الأبيض”، وهم من الأوروبيين الذين استعمروا مناطق مختلفة من أمريكا الجنوبية وأكثرهم من الإيطاليين والأسبان، وتوجد نسب كبيرة منهم في دولة الأرجنتين وأيضاً يعتبر نصف سكان دولة البرازيل من هذا العرق الأوروبي الأبيض، ومن الأعراق الموجودة أيضاً بهذه القارة عرق المستيزو وهو خليط بين الأوروبيين وبين السكان الأصليين لقارة أمريكا الجنوبية ويظهر وجودهم في دولة الأرجنتين بنسبة تصل حوالي 11 % من السكان وغيرها من الدول الأخرى، يوجد أيضاً عرق يسمى بعرق المولاتو وهو ناتج تزاوج الأوروبيين بالأفارقة وهم موجودون بكثرة في دولة البرازيل وأيضاً دولة كولومبيا، ويوجد عرق آخر وهو العرق الزنجي ويعود أصلهم لدول أفريقيا ويعتبروا من الأقليات الموجودة بالقارة ويوجد منهم في كولومبيا والبرازيل أيضاً.

العملات في دول قارة أمريكا الجنوبية

العملة ليست مجرد رمزاً اقتصاديا للدول في أمريكا الجنوبية وفي العالم كله، بل تعتبر العملة أحد أهم مصادر قوة الاقتصاد، كما أنها أيضاً ترتبط بتاريخ البلد وتراثه وثقافته، فتجد العملات تحتوي على صوراً لشخصيات تاريخية مشهورة كان لها دوراً وطنياً بارزاً، ويتم قياس نجاح الاقتصاد وتقدمه في أي دولة بناءً على أسعار صرف عملتها في الأسواق والبنوك، وتمتلك كل دولة من دول قارة أمريكا الجنوبية عملة خاصة بها، فعملة البرازيل هي الريال البرازيلي، أما الأرجنتين فعملتها هي البيزو، وتشترك دولتا تشيلي وكولومبيا في نفس العملة وهي عملة البيسو، أما دولة فنزويلا فتمتلك عملة بوليفار، وتوجد دولتين بأمريكا الجنوبية يعملان بعملة الدولار وهما دولتا جويانا وسورينام، كما توجد دولة أخرى تستعمل عملة اليورو وهي دولة جيانا ويوجد دولاً أخرى في أمريكا الجنوبية تستخدم عملات خاصة بها ولكل عملة ما تحمله من تاريخ وثقافة هذه الدولة.

عواصم دول قارة أمريكا الجنوبية

لا توجد دولة على مستوى العالم لا تمتلك عاصمة خاصة بها، حيث تعتبر العاصمة شيئاً أساسياً لكل دولة، وتختلف هذه العاصمة عن باقي المدن من حيث أهميتها ربما تاريخياً أو اقتصادياً أو حتى سياحياً، فتجد معظم عواصم دول أمريكا الجنوبية تمتلك عدة عوامل ومميزات هامة عن أي مدينة أخرى جعلت لها الأفضلية في جعلها العاصمة، وفي أغلب الأحيان تكون عاصمة الدولة هي أكبر مدينة موجودة بها، وهذه أهم العواصم الموجودة في قارة أمريكا الجنوبية، حيث أن عاصمة دولة البرازيل هي مدينة برازيليا، أما عاصمة دولة تشيلي فهي مدينة سانتياجو، وعاصمة دولة الأرجنتين هي مدينة بيونس آيرس، أما دولة كولومبيا فعاصمتها بوجوتا، وعاصمة دولة فنزويلا هي مدينة كاراكاس، وعواصم أخرى كثيرة موجودة في قارة أمريكا الجنوبية.

اللغات في قارة أمريكا الجنوبية

نتيجة لحدوث الكثير من التغيرات التاريخية واختلاف مجموعات السكان في مناطق متعددة داخل أراضي قارة أمريكا الجنوبية فقد تعددت اللغات في دولها بشكل كبير، حيث توجد لغات كثيرة يتحدث بها سكان القارة وربما داخل الدولة الواحدة يختلف السكان في لغاتهم، وتنقسم لغات قارة أمريكا الجنوبية إلى حوالي 3 أقسام مختلفة، أولها اللغات التي كان للاستعمار دوراً في نشرها ببعض المناطق في القارة ومن هذه اللغات اللغة البرتغالية واللغة الإسبانية التي تعتبر اللغة الأكثر شهرة في القارة، وانتشرت لغات أخرى أيضاً ناتجة عن الاستعمار لكن يتحدث بها أقليات صغيرة مثل اللغة الهولندية واللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية أيضاً، أما القسم الثاني من اللغات فهي لغات سكان قارة أمريكا الجنوبية الأصليين ومنها لغة الكيشوا ولغة الأيمارا وأيضاً لغة غواراني، والقسم الثالث من لغات أمريكا الجنوبية هي اللغات الخاصة بالمهاجرين من القارات الأخرى إلى أمريكا الجنوبية، وأشهر هذه اللغات هي اللغة العربية والتي يتحدث بها العرب من السوريين والفلسطينيين ومجموعات من اللبنانيين وأيضاً اللغة الإيطالية والألمانية جاءت من قارة أوروبا ولغات أخرى جاءت من قارة آسيا.