الكنيسة على مر العصور
بنيت كنيسة أم الزنار في منتصف القرن الأول الميلادي وتحديدًا عام تسعة وخمسين وكان بناءها على يد أحد تلاميذ المسيح البالغ عددهم سبعين وهو إيليا، وعند بناءها كانت بلاد الشام على الوثنية ولا تقبل بأي ديانة جديدة فتم البناء سرًا بدون علم أحد، وكانت الكنيسة في بدايتها عبارة عن قبو تحت الأرض لا يدخلها إلا بضعة أشخاص ممن اعتنقوا الديانة المسيحية الجديدة حينها، ولكن بعد أن اعتنقت الدولة الرومانية الدين المسيحي ظهرت الكنيسة للعيان وأصبحت مقر الأبرشية التي اتخذت من حمص مركزًا لها، وظلت الكنيسة على حالها هكذا حتى عام 313 ولكن بعدها قام المسيحين في سوريا ببناء كنيسة جديدة فوق تلك الكنيسة، وتمت عملية البناء بواسطة الأحجار الحمصية السوداء التي استخدمت في بناء جامع خالد بن الوليد بعد دخول الإسلام إلى بلاد الشام.
وتم تشييد السقف من الخشب البني الفاتح، وبعدما انتهي من عملية البناء قام مسيحيو حمص بوضع الوعاء المعدني الذي به زنار ثوب السيدة مريم العذراء بداخلها، ولكن بعد عدة أعوام تم نقل الزنار إلى دولة الهند مع القديس توما وظل الزنار هناك لمدة أربعة قرون تقريبًا، وبعدها تم ترحيل رفات القديس توما ومعه زنار السيدة مريم ووضعوا في مدينة الرها ثم نقل الزنار إلى حمص ووضع في تلك الكنيسة، ومنذ هذا اليوم تم تلقيب الكنيسة باسم أم الزنار، وفي القرن التاسع عشر تم ترميم الكنيسة بأمر من البطرس يوليوس فوضع فيها ستة عشر عمود، وتم عمل قبة نصف دائرية في منتصف الكنيسة مع بعد التعديلات الأخرى التي وسعت الكنيسة بعض الشيء وجعلتها أكثر قوة ومتانة.
وصف الكنيسة
نأتي هنا للحديث عن وصف كنيسة أم الزنار التي تعد تحفة معمارية ندر تواجدها في الوقت الحالي، فهي من الحجارة البازلتية السوداء القديمة وبها ستة عشر عمودًا نصفهم في وسط الكنيسة والبقية في جدرانها، ويوجد في واجهة الكنيسة فوق الباب مباشرة صورة تجسد السيدة مريم العذراء، وفوقها برج صغير جدًا أعلاه قبة نصف دائرية، وهذا البرج الصغير يحمل اللون الأبيض مع البني المائل إلى الأحمر، وهي أيضًا نفس الألوان الموجودة في شبابيك الكنيسة، وباب الكنيسي خشبي صغير ذو لون بني فاتح جدًا، أما من الداخل فهي مثل باقي الكنائس نفس التصميم والنظام من حيث هيئة الكراسي ومكانها وألوانها، والأضواء ومكان القديس المسئول عن الكنيسة، وبعض الأمور الأخرى.