تاريخ الإمارات
لا شك أنه ليس بمقدورنا على الإطلاق تناول التاريخ الإماراتي دفعة واحدة، وإنما يجب أن يتم ذلك من خلال بعض المراحل أو المحطات الفارقة، وأول هذه المراحل طبعًا مرحلة ما قبل التاريخ.
ما قبل التاريخ
المرحلة الأولى تبدو مرحلة نمطية في تاريخ أي دولة بشكل عام، إذ أنها بدأت قبل سبعة آلاف عام من بداية التأريخ، حيث أنه في تلك الفترة تم العثور على ما يدل على تواجد حياة بشرية أولى بالقرب من أحد السواحل، كانت هذه الفترة تُعرف باسم العصر الحديدي، وهي التي تسبق فترة التاريخ القديم مباشرةً وبداية تقسيم العالم إلى ممالك، ولكن قبل هذا التوقيت كانت الحياة البشرية قد بدأت في التطور وظهرت مجموعة من التجمعات التي بدأت في ممارسة الصناعة والتجارة والملاحة، كما أن هذه الفترة شهدت كذلك بعض الدلائل عليها كوجود مُكعب لقلعة قديمة بالإضافة إلى بعض البقايا الخاصة بالجزر التي دمرت بفعل الزلازل والحركات الغير طبيعية بالقشرة الأرضية، على العموم، بعد مرور قرون طويلة من بداية التاريخ الميلادي بدأت أرض الإمارات تعرف الدين وتتوسع أكثر بالحياة البدوية.
ما بعد التاريخ والقرون الوسطى
مع بداية التأريخ الميلادي بدأت المسيحية تعرف طريقها إلى الإمارات، قبل أن تقطع الديانة الإسلامية الطريق عليها بصورة سريعة في عهد النبي، حيث أن قبائل كثيرة كانت تسكن أرض الإمارات التحقت بالدين الجديد، وبعد وفاة النبي حاول بعض المرتدين الخروج عن الشريعة الإسلامية فردهم أبي بكر، أما الناحية التجارية فكانت مستقلة إلى حدٍ كبير قبل أن تأتي كارثة اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، وهي التي قتلت الحياة التجارية في الإمارات، جاء ذلك تزامنًا مع سيطرة البرتغاليين على المنطقة ومن بعدهم البريطانيين، وقد كانت هذه المرحلة أشبه بالمرحلة الرمادية بالنسبة للإمارات، حيث لم تكن هناك وجهة معينة أو منظور يُمكن من خلاله استكشاف المستقبل، لكن التاريخ الحديث جاء حاملًا لذلك.
التاريخ الحديث
بلا شك مرحلة التاريخ الحديث هي المرحلة الأكثر زخمًا وتطورًا وتقدمًا في الحياة الإماراتية بكافة الأصعدة، ففي عام 1968 ظهرت نوايا بريطانيا من أجل الخروج من كل الأراضي التي تُسيطر عليها، بعد ذلك ظهر الاتحاد الأول والأهم في الإمارات، وهو اتحاد إمارة أبو ظبي مع إمارة دبي بقيادة آل زايد وآل راشد، ثم تشكل لاحقًا المجلس الوطني الاتحادي وبدأت الإمارات السبع الموجودة في هذه المنطقة الانضمام إلى بعضها البعض وتكوين دولة قوية كل إمارة بها لها حكمها الخاص، وهذا النظام في الحقيقة أشبه بالنظام المعمول به في الولايات المتحدة الأمريكية وبصورة أقل دولة الهند، وبعد الاستقرار السياسي جاء الاستقرار الاقتصادي في أبهى صورة له، وخصوصًا بعد اكتشاف النفط، فقد كانت الإمارات قبل ذلك تعتمد على اللؤلؤ، والذي لم يعد صامدًا بعد ظهور اللؤلؤ الصناعي.
الثقافة
لا أحد يختلف طبعًا على كون الجانب الثقافي أحد أبرز الجوانب في حياة أي دولة، وفيما يتعلق بدولة الإمارات فسوف نقوم بتناول ذلك الجانب من خلال المرور بأهم الصور الثقافية والمُشكلات الرئيسية لتلك الحياة بشكل عام.
الطعام
بلا شك الجانب المتعلق بالطعام أحد الجوانب الهامة للغاية المُشكلة للهوية الثقافية، وعلى الرغم من التاريخ العريق لدولة الإمارات إلا أنه لا يُمكننا أبدًا الاستقرار على طعام مُعين يُمكن وصفه بالطعام الشعبي الإماراتي الخالص، فالناس هناك يأكلون الأرز واللحوم والأسماك بصورة طبيعية جدًا، صحيح أنه ثمة عدة أطعمة أخرى رئيسية لكنها بالكامل قادمة من غرب أسيا أو أوروبا أو حتى أمريكا اللاتينية، بمعنى أدق، هي ليست مأكولات أصلية، أيضًا هناك حظر لبعض الأطعمة وعلى رأسها تلك التي تدخل فيها لحوم الخنزير، حتى المطاعم الغربية الموجودة في دبي وأبو ظبي لا يُمكنها توفير هذا الطعام أو إيجاده على قائمة الأطعمة بشكل عام.
الرياضة
مثلما هو الحال مع معظم دول العالم، تُعتبر كرة القدم هي الرياضة أو اللعبة الشعبية الأولى والأهم على الإطلاق، وهذا الأمر لا يأتي بشكل صوري عادي، بل ثمة فعلًا مجموعة مميزة من الأندية الإماراتية التي تنافس في البطولات الأسيوية ولها شأن كبير مثل العين والوحدة والأهلي والنصر، كذلك ثمة دوري قوي في الإمارات يُعرف باسم دوري الخليج العربي، وهو ليس متاح لكل دول الخليج كما قد يتضح من الاسم، وبالإضافة إلى الدوري القوي والأندية المميزة ثمة كذلك مجموعة من الملاعب الرائعة، والتي استضافت العديد من البطولات الدولية وستستضيف لاحقًا بطولات أكثر، وطبعًا أشهر لاعب إماراتي عمر عبد الرحمن أو عموري كما يُطلقون عليه، هذا بخلاف اللاعب الرائع إسماعيل مطر.
الرياضة في دولة الإمارات لا تتوقف عند كرة القدم، إذ أنه ثمة وجود قوي كذلك لألعاب مثل الكريكت، وهي اللعبة القادمة من دولة الهند، بخلاف الجودو والكرة الطائرة وكرة اليد وكرة الماء، ولكي نكون دقيقين فإن الإمارات بصورة كبيرة تعتمد في هذه الألعاب على عملية تجنيس اللاعبين بسبب ندرة المواهب، ففي نهاية المطاف كل ما تُريده هذه الدولة التواجد على الساحة بأي صورة ممكنة، حتى ولو جاء ذلك في صورة الرياضة.
الأدب
عندما تُذكر العملية الأدبية في دولة الإمارات العربية المتحدة فبكل تأكيد سوف يكون الفن الأدبي صاحب المقدمة هو الشعر، إذ أنه ليس هناك وجود تقريبًا للروايات والقصص، وقد برز في الشعر الإماراتي شعراء كثر مثل صقر القاسمي والخليل بن أحمد ومبارك العقيلي، أما المواضيع التي كان الشعر يحاول التركيز بها فهي تتعلق بالوطن وحبه والدفاع عنه والشجاعة والكرم وكل هذه الأمور التي يمتاز بها الخليج العربي عمومًا، وفي الوقت الحالي يحاول الأدب الإماراتي إدخال نفسه في أرضية جديدة من خلال ظهور جيل متميز يكتب القصة والرواية، وإن كان هذا الجيل لم يؤتي بثماره بعد، لكن الواقع أن الإمارات تحاول الاستثمار بصورة جيدة للغاية في هذا الجانب.
العمارة الثقافية
بشكل عام تتميز دولة الإمارات بالكثير من التقدم في مجال العمارة، إذ أنه ثمة الكثير من الأبنية التي منها ما هو قديم ومنها ما هو حديث، لكن الشيء المميز أن أغلب هذه العمارة ينتمي إلى نوعية العمارة الثقافية، وهذا الأمر يكون في صورة متاحف وأبنية ثقافية، وذلك الشيء واضع للغاية في إمارة الشارقة التي يتواجد بها أكبر عدد في العالم من المتاحف في مدينة واحدة، أيضًا ثمة وجود للعديد من المعارض الفنية واللافتات الثقافية المتميزة التي تُكمل الهوية الثقافية بالنهاية.
الفن
فيما يتعلق بالحياة الفنية داخل دولة الإمارات، وهي طبعًا مكون قوي للهوية الثقافية، فدعونا نقول بصراحة أن دولة الإمارات تُعاني من نقص في المبدعين بأغلب المجالات، وهذا الأمر راجع في المقام الأول إلى قلة أعداد السكان، على العموم، بالنسبة لفن المسرح فإن دولة الإمارات تمتلك عدد وافر جدًا من المسارح الكبرى، كما أنها تمتلك مجموعة من الفرق المسرحية التي يُمكن القول إنها مميزة، لكن على الرغم من ذلك نجد أن الجمهور نفسه لا يُقدم على هذه النوعية من الفن، وهذه ثمة الجمهور العربي بشكل عام.
فن الموسيقى والغناء يجدان مساحة كبيرة بعض الشيء، إذ أنه ثمة أعداد وافرة من المطربين المنتشرين في الإمارات، كما أن الشعب نفسه يحب الاستماع إلى الأغاني، وهناك شريحة كبرى قد تتوجه إلى الموسيقى الغربية، لكن في النهاية الشيء الثابت الذي لا خلاف عليه أن الموسيقى والغناء موجودين على الساحة، خاصةً مع الطفرة الرقمية الكبيرة في الآونة الأخيرة، وبمناسبة الطفرة الرقمية، ما الذي يُمكننا قوله عن السينما يا تُرى؟
السينما في دولة الإمارات قوية للغاية، والمقصود هنا نشاط السينما نفسه من حيث دور العرض وإقبال الجمهور عليها، أما فيما يتعلق بالأفلام الإماراتية التي يتم إنتاجها فهي لا تزال تحتاج إلى كثير من العمل، إذ أنه لا يُمكن الجذب بتواجد أفلام إماراتية قوية، اللهم إلا السنوات الخمس الأخيرة عندما بدأ الاستعانة بالأطقم العالمية في العملية السينمائية، وإن كان الشيء الثابت في نهاية المطاف عدم وجود أي ممثل عالمي قوي إماراتي، لكن على الجانب الآخر يُمكننا أن نلحظ قوة السينما الهندية والأمريكية داخل الأراضي الإماراتية، فهي المُحرك الرئيسي للعملية هناك ومن غير المعقول أن تخلو قاعة سينما من أحد هذه الأفلام، ومع الوقت يزيد تواجد هذه النوعيات أكثر مما يدل على استمرار نفس الحالة الفترة المقبلة.