تاريخ مقدونيا
أي تاريخ في العالم لا يبدو متناسقًا إلا إذا تم تقسيمه على أكثر من مرحلة، تلك المراحل أشبه بصور للفترات التي مرت بها الدولة، وبشكل بديهي تمامًا يُمكن الجذم بأن المرحلة الأولى والأهم على الإطلاق هي مرحلة ما قبل التاريخ.
ما قبل التاريخ
كان شعب التراقي هو أول من قص شريط دولة مقدونيا، وذلك قبل حوالي أربعة آلاف عام من بداية التأريخ الميلادي، حيث هاجر هذا الشعب هناك وانضمت إليه لاحقًا بعض القبائل التي بدأت في ممارسة نشاط الزراعة بصورة عفوية، وذلك قبل أن يأتي فيليب الثاني عام 356 ق م ويضم مقدونيا إلى الإمبراطورية الخاصة به حتى جاء الرومان وأسسوا الجمهورية المقدونية الرومانية عام 146 ق م أيضًا، لتكون هذه أبرز التحولات التي وقعت في هذه المرحلة.
القرون الوسطى
السبعة قرون الأولى من بداية التأريخ الميلادي كانت هادئة نسبيًا، وبعدها بدأت أعين الجيران تُصب ناحية مقدونيا وتشرع في احتلالها والسيطرة عليها بصورة كاملة، ففي البداية جاء البلغاريين وسيطروا لقرنين، ثم بعد ذلك جاء الصرب وخلفهما الألبانيين، ثم كانت بعدها المحطة الأقوى على الإطلاق، وهي المرحلة التي سيطرت فيها تركيا على أغلب مناطق البلقان وليس فقط مقدونيا، ففي هذه المرحلة كانت تركيا تُحاول صبغ مقدونيا بصبغتها، وقد انعكس ذلك في صورة تواجد إسلامي يصل إلى ثلاثين بالمئة حاليًا، هذا بالإضافة طبعًا إلى الكثير من الأماكن الإسلامية المُتمثلة أساسًا في المساجد.
المرحلة الحديثة
في المرحلة الحديثة كان الصراع مشتعلًا داخل مقدونيا بسبب الاحتلال اليوناني، والذي يُمكن القول إنه لا يزال مستمرًا حتى الآن، لكن تخلل فترة الصراع هذه الحروب العالمية التي كان لها دور كبير في حياة مقدونيا بالإضافة إلى الكثير من الثورات والصراعات التاريخية، وفي النصف الثاني من القرن العشرين تم إعلان أول دولة مقدونيا اشتراكية تبعتها الجمهورية، أما الوقت الحالي فهو يشهد استقرار سياسي واقتصادي بشكل كبير، فقط ثمة مشكلة حول المسمى يتم التسابق مع الزمن لحلها ومن المحتمل إجراء استفتاء حول الاسم الجديد لجمهورية مقدونيا في نهاية عام 2018.
الثقافة والفن
تأثرت الحياة الثقافية والفنية كثيرًا بالحياة التاريخية التي مرت بها دولة مقدونيا، وقد انعكس ذلك الأمر على أكثر من جانب في الهوية الثقافية الخاصة بدولة مقدونيا، وأهم هذه الجوانب الدين.
الدين
كان الدين حاضرًا ومشكلًا رئيسيًا في الثقافة المقدونية، فمثلًا كانت الكنيسة هي المُشكل والمرجع الأول في العادات والتقاليد، وكانت سلطة الدين في بداية مقدونيا تفوق أي سلطة أخرى مهما كانت، كذلك ساهم الدين في الحياة الزوجية وشكلها وأيضًا فن العمارة الذي تأثر كثيرًا بالدين داخل مقدونيا، إذ أن أغلب الأبنية الرائعة في هذه البلد عبارة في الأساس عن مساجد أو كنائس، ولهذا نقول إنه كان مُشكلًا رئيسيًا في هوية مقدونيا الثقافية.
المطبخ
ربما سيدهشكم ذلك، لكن لا يُمكن على الإطلاق التحدث عن الهوية الثقافية لدولة مقدونيا دون أن نتطرق إلى ذلك الجزء المتعلق بالمطبخ، فمنذ أمد بعيد والأطعمة المقدونية تحتل مكان في قلوب كل من يُحاول تذوقها، وهذا هو الحال مع المطابخ العالمية كالإيطالي والفرنسي، ومن منظور الشهرة نجد أن الأطباق البحرية هي التي تبرع وتنتشر أكثر في مقدونيا نظرًا لكونها في الأساس متوفرة لطبيعة مقدونيا المائية وامتلاكها لثروة من الأسماك.
التعليم
يُمكن كذلك القول بأن الجانب التعليمي كان مهمًا للغاية في إثراء الحياة الثقافية، فمنذ أكثر من قرن والتعليم في مقدونيا آخذ في التطور بصورة كبيرة لدرجة أنه بات يحتل مرتبة من المراتب العشرين الأولى، وهو ينقسم لثلاث مراحل رئيسية تبدأ بالتعليم الابتدائي ثم التعليم المتوسط ثم التعليم الجامعي، وأهم المراحل التي يتم الاهتمام بها التعليم الجامعي، ففي مقدونيا الكثير من الجامعات الكبرى والهامة في أوروبا بالكامل وليس فقط محليًا.
الأدب
لم يحظى الأدب برواج كبير على الرغم من كونه في الأساس أحد أهم الأجزاء الثقافية، وعلى الرغم كذلك من التاريخ الطويل الذي كان يُبشر بثراء في هذا الجانب، لكن على العكس تمامًا نجد أن الأدب المقدوني كان محليًا للغاية ودارت أغلب الكتب به حول أدب الطفل ولم يبرع أي كاتب عالمي مقدوني في مجالات الرواية أو الشعر أو القصة، فقط كانت هناك مرحلة ناهضة خاطفة في القرن السادس عشر، لكنها لم تستمر كثيرًا حتى اندثرت في النهاية.
الفن
لم ينل الفن في مقدونيا كذلك القدر الكبير من الحظ، إذ أن فن المعمار فقط هو الذي يُمكن وصفه بالفن الرائج بسبب توالي الحضارات على هذه البلد وتفاني كل حضارة في وضع بصمتها، كذلك فن الموسيقى المقدوني والفنون الشعبية يُمكن أن يدخل ضمن سياق الفنون التي تم الاهتمام بها، لكن ما عدا ذلك، وتحديدًا فنون السينما والمسرح، فلم يكن ثمة اهتمام بها على الإطلاق، وهذا الأمر ينعكس على قلة المسارح وقلة دور العرض السينمائي والأفلام المنتجة، أيضًا ثمة ندرة في المواهب بفنون الرسم والنحت، وهذا الأمر غير مفهوم على الإطلاق ومُتعجب منه.