تاريخ دولة بلغاريا
تاريخ مملكة أو دولة بلغاريا يشبه كثيرًا أي تاريخ في العالم، فهو بالتأكيد قد مر بعدة مراحل بعضها كانت مراحل ضعف والبعض الآخر يُمكن أن يعتبر مراحل للقوة، لكن القاسم المشترك بين بلغاريا وأغلب الدول أنه تاريخ مليء بالصراعات والنزاعات الداخلية والخارجية، وأهم هذه المراحل مرحلة ما قبل التاريخ.
مرحلة ما قبل التاريخ
بالنسبة لدولة بلغاريا فإن مرحلة ما قبل التاريخ تبدأ من العصر الحجري تقريبًا، وهو العصر الذي شاع فيه الاستيطان بفعل الهجرات التي كانت تضطر إلى ذلك بعد نفاذ سبل الحياة بها، وقد كانت بلغاريا في هذه المرحلة التراقيون الذين تبعهم اليونانيون ثم كان للملكة الرومانية دور في ذلك بنهاية المطاف، ويُمكن القول ببساطة أن تلك المرحلة من تاريخ بلغاريا هي التي شهدت انعدام كامل وتام في الهوية البلغارية.
مرحلة بداية التاريخ
لم تشهد مرحلة بداية التاريخ تغيرًا كبيرًا في شكل المملكة البلغارية، وإنما يُمكن القول إن القرن السابع، وبتحديد أكثر عام 681، هو الذي شهد بداية المملكة البلغارية الأولى، وقد كانت هذه الدولة الأولى قوية بالصورة التي جعلتها تسيطر على كامل دول البلقان بالإضافة إلى أجزاء قريبة منها في أوروبا، لكن كالعادة، لم تزيد هذه الفترة عن قرن أو اثنين، حيث دخلت بلغاريا بعد ذلك مرحلة صعبة من حياتها وحياة كامل الدول الأوربية، وهي مرحلة القرون الوسطى.
مرحلة القرون الوسطى
كانت تلك المرحلة التي تُسمى بمرحلة القرون الوسطى هي المرحلة الأهم على الإطلاق في حياة بلغاريا، حيث كانت المملكة البلغارية قبلها في أوج نشاطها وقوتها، وكان من المفترض أن تُكمل على نفس المنوال لولا أن جاءت هذه المرحلة وكادت أن تقضي تمامًا على المملكة، لكن بلغاريا اجتازتها بسلام بعد أن انتشر الجهل وتفشت الأمراض، وقد كانت الكنيسة هي المرجع الأول والوحيد في ذلك الوقت، لكن لم تمضي فترة قصيرة حتى جاءت مرحلة ثانية أقوى وأشد.
مرحلة الصراع العثماني
أثناء مرحلة الصراع العثماني، والتي بدأت في القرن الرابع عشر تقريبًا، تقهقرت الدولة البلغارية مجددًا ورفعت راية الاستسلام أمام أقوى الدول الأوروبية والعالمية في ذلك الوقت، وقد حاولت بلغاريا القيام بالكثير من حركات الاستقلال والثورات والنزاعات، لكن كل ذلك لم يؤدي في النهاية إلى النتيجة المطلوبة لينتهي الأمر من تلقاء نفسه بعد الحرب العثمانية الروسية التي استفادت منها بلغاريا بعودتها للسيطرة على بلادها مجددًا.
القرن العشرين
المحطة الأخيرة في تاريخ دولة بلغاريا كانت في القرن العشرين، وأهمية هذه المرحلة أنها جاءت في الوقت الذي كانت تشكل فيه بلغاريا الشكل النهائي لها، حيث أنه قد تم وضع حجر الأساس بعد الحروب العالمية التي كانت بلغاريا بالمناسبة متحدة فيها مع ألمانيا، فقد كانت ترى خلاصها في هذه الطريقة، على العموم، النهاية جاءت أخيرًا بعد رحلة طويلة وتم إنشاء الجمهورية البلغارية التي تعمل بالنظام الشيوعي البرلماني.
الثقافة في بلغاريا
ما يميز الثقافة في بلغاريا أنها خليط مشترك وليست لها هوية محددة، وقد ساعد ذلك الأمر على التميز في أكثر من مجال كانت الثقافة العثمانية والرومانية واليونانية والشرقية حاضرة فيه، وعلى رأس هذه المجالات بالتأكيد الفنون الشعبية.
الفنون الشعبية
ليس هناك فن في بلغاريا أشهر من فن الفولكلور، إذ أن هذا الفن بدأ في القرن التاسع عشر ثم انتشر أشد الانتشار خلال القرن العشرين، ومن أشهر الذين برعوا في هذا المجال وكان لهم علامات واضحة به الفنان الشعبي البلغاري آري ليشنيكوف، وقد اشتهر في أواخر القرن العشرين ويُمكن القول إنه قد وضع الأساس لأغلب الفنون الشعبية المتواجدة في الوقت الحالي، وبالنسبة لتوثيق ذلك الفن فقد جاء من خلال الشرائط المسجلة والحفلات والأماكن المخصصة لها.
التراث البصري
كان للتراث البصري دور كبير في الحياة الثقافية، وقد بدأ المخزون البصري يأخذ دوره في العصور الوسطى، والحديث هنا عن الرسوم الموجودة على الجدران، والتي تركت مكانتها في القرن السابع عشر للرسومات واللوحات، ثم في الوقت الحالي أصبحت الصور الضوئية هي التي تحتل هذه المكان، والحقيقة أن المعارض التي تنظم في بلغاريا تُرسخ بشدة للتراث البصري بكافة أشكاله، كما أنه ثمة إعجاب بهذا التراث من كل منطقة البلقان لدرجة أنه يعد التراث البصري الرسمي لها.
الإنتاج السينمائي
بلا أدنى مبالغة يُعد الإنتاج السينمائي في بلغاريا الأضعف على الإطلاق والأكثر نفرًا، فمع أن صناعة السينما في كل مكان في العالم تلقى رواجًا كبيرًا إلا أنها في بلغاريا بالذات توصف بالضعيفة، وعلى سبيل المثال تم في عام 2010 بالكامل إنتاج خمسة أفلام فقط، فيلمين وثائقيين وثلاثة أفلام روائية، والأفلام الخمسة لم تلقى أي قدر من النجاح، كما أنه ثمة عزوف من الجمهور على دور السينما التي تتواجد أصلًا في أعداد قليلة داخل بلغاريا، وكل هذه العوامل أسهمت في احتلال الإنتاج السينمائي المكانة الأخيرة والأسوأ على الإطلاق بين جميع النواحي الثقافية.
الأوبرا والمسرح
يُمكن القول إن بلغاريا تحاول بقوة تعويض ضعف الإنتاج السينمائي من خلال الأوبرا والمسرح، فكلا المجالين لهما جمهور محترم، صحيح أنه ليس بالكثير لكنه يتناسب تمامًا مع حركة المسرح في العالم، وقد بدأ مسرح بلغاريا في الرواج بالقرن السابع عشر، أما فن الأوبرا فقد بدأ بالقرن التاسع عشر، وخلال هذه الفترة تم إنشاء الكثير من المسارح ودور الأوبرا، حتى أن ذلك الارتباط الوثيق بين الفنين يتضح بشدة من خلال وجود بعض المباني المزدوجة، أي التي تعمل كمسارح ودور أوبرا في نفس الوقت، كذلك يلاحظ أن من أثروا ذلك الفن في بلغاريا كانوا في الأصل من الألمان!
فن العمارة
كان لفنون العمارة أيضًا دور ليس بالكبير في الحياة الثقافية بدولة بلغاريا، وإذا كنا سنقسم ذلك الفن إلى مرحلتين فيُمكننا ببساطة القول بأن هاتين المرحلتين هما ما قبل الحكم العثماني وما بعده، فقبل الحكم العثماني كان هذا الفن يقوم على النوع الباروكي والروماني وغير ذلك من فنون تتأثر بحركات الحكم التي طالت بلغاريا، لكن عندما بدأ الحكم العثماني أصبحت العمارة العثمانية هي المسيطرة، إذ أنه ثمة مساجد وكنائس ودور عبادة ومنازل تتجلى بها روعة ذلك الفن وتميزه.
الأدب
لا يختلف الأدب البلغاري من ناحية الضعف عن باقية الأقسام الثقافية، إذ أن كل حديث يتم ذكر الأدب فيه يكون داخلي فقط، فلم يكن هناك على الإطلاق أي أدباء بلغاريون بارزون على مستوى العالم، كما أن الروايات والقصص كانت أغلبها تكتب للأطفال والنشء، حتى الشعر كذلك لم يكن على المستوى المطلوب، لكن كل ذلك لا يمنع من أنه ثمة ازدهار يتيمة مر بها الأدب البلغاري خلال المملكة البلغارية الثانية التي جاءت في القرن الثالث عشر، ففي ذلك التوقيت هناك الكثير من الأدباء والشعراء، كما أنه أيضًا كان هناك وجود لنسبة كبيرة من البلغاريين المتعلمين والمثقفين، وهو ما يعد إنجازًا.