طبعًا عزيزي السائح لا خلاف على أنه من ضمن الجوانب الهامة للغاية في الحديث عن أي دولة في العالم الجانب التاريخي، ثم يليه في الأهمية الجانب الثقافي والفني، فالسائح يُريد أن يتعرف جيدًا على هذه الجوانب قبل أن يُسافر إلى هذه البلد، يُريد الإلمام فعلًا بتاريخها الذي مرت به وأثر بالطبع على حاضرها، وكذلك الجانب الثقافي وكيف استفاد حقًا من التاريخ، وهذا بالفعل ما سنقوم بالتحدث عنه في السطور القليلة المُقبلة، لذا دعونا نبدأ.
تاريخ دولة مالطا
في كل زمان ومكان يبدأ التاريخ في ذلك التوقيت الذي يبدأ البشر فيه التعرف على الأرض، وبالنسبة لدولة مالطا، وتطبيقًا لهذه القاعدة، فإن التاريخ هناك قد بدأ قبل حوالي خمسة آلاف عام من التاريخ الميلادي، ثم توافد بعض ذلك العديد من السكان منهم الفينيقيين والرومان والعرب أيضًا، وما بين كل هؤلاء كان ثمة غزو قائم من الكثير من البلدان، لكنه لم يكن يستمر طويلًا حتى جاء عام 1282، وهو الوقت الذي انضمت مالطا فيه إلى تاج أراغون، وهو الوقت الذي تشكلت به الهوية الحقيقية لهذه الجزيرة، وقد تشكلت هذه الهوية حتى القرن الخامس عشر وأصبح في هذا التوقيت اسم لجزيرة شهيرة تُدعى مالطا، قبل أن يأتي الوقت الذي تنضم فيه مرة أخرى إلى مملكة أخرى، وهي المملكة المتحدة، والتي استمر حكمها للجزيرة حتى عام 1964، وهو الوقت الذي نالت فيه مالطا الاستقلال، ثم بعده بعشر سنوات كاملة، وتحديدًا عام 1974، أصبحت مالطا دولة مستقلة لها حكمها الخاص، وفي عام 2004 تم انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي العريق، وكما هو واضح فإننا نتحدث عن تاريخ طويل وحافل لابد وأنه كان شاهدًا على الكثير من الأحداث التي كونت الهوية الثقافية.
الثقافة والفن في مالطا
كما ذكرنا، أثر التاريخ بشكل كبير على الحالة الثقافية والفنية لدولة مالطا، والثقافة هنا لا يعني الحديث عنها أن نتناول كل ما يتعلق بالأدب فقط، وإنما أيضًا العادات والتقاليد والدين يُمكن اعتبارهم ضمن الجوانب التي تُشكل الهوية الثقافية، فبالنسبة للدين مثلًا نجد أن الالتزام الديني الكبير بالديانة المسيحية في مالطا أثر على الكثير من العادات والتقاليد، فأصبحت أمور مثل الطلاق والسرقة والسب والفجور ليست محرمة دينيًا فقط، وإنما أيضًا قانونيًا، تخيلوا أن الطلاق غالبًا ما يكون غير قانوني في مالطا؟ على العموم هذا ليس كل شيء، فالمطبخ المالطي أيضًا كان حاضرًا وشكل الهوية الثقافية من خلال بعض الأطباق البحرية التي لا يُستدل بها على أي شيء آخر بخلاف مالطا، وكذلك اللغة المالطية الحديثة المُبتكرة يُمكن أن تُعتبر جزء أصيل من هذه الهوية، أما الناحية الأدبية فهي في الحقيقة لم تلقى الرواج الكامل الذي يجعلنا نتحدث بنهم عن أدب مالطا، فربما لم يبرز طوال التاريخ الكامل لمالطا سوف أديب أو أديبين، وقد كانوا في القرن التاسع عشر والعشرين، لكن هذا عن الثقافة، فما الذي يُمكن قوله عن الفن يا تُرى؟
الفن كما نعرف جميعًا مجال يشمل الكثير من الجوانب المختلفة، فمثلًا فن الرسم والنحت من الفنون الهامة التي لاقت رواجًا كبيرًا في مالطا، وخاصةً خلال القرون الوسطى، بينما مثلًا فن السينما الحالي لا يأتي على الشكل المطلوب المثالي، فالسينما في مالطا تنشغل أكثر بالأفلام الثقافية أو التعليمية، بينما الأفلام الروائية لا تلقى نفس الرواج، وهذا هو الحال بالنسبة للتلفزيون، بينما المسرح هو الذي يُمكن القول عليه أنه لا زال يحاول في التماسك، لكن على كلٍ، هناك من يقول أن ندرة المواهب في مالطا هي التي ساعدت على تدهور الفن بذلك الشكل، وهو أمر نظريًا صحيح مئة بالمئة.
بكل تأكيد عزيزي السائح ليس ما ذكرناه الآن يُعبر وحده عن الحالة التاريخية والفنية والثقافية لدولة مالطا، وإنما هي نبذة قصيرة للغاية، لكن من أجل استيعاب كل ثقافة وفن وتاريخ هذه الدولة يجب العودة بالتأكيد إلى الكتب المُخصصة والموسوعات والمواقع التي تُحدث الباحث وليس السائح الذي يُريد مجرد معلومات بسيطة عن هذين المجالين.