بعد أن ذكرنا كل شيء يتعلق بقارة أسيا وجعلنا الأعين تزيغ عليها بالمعنى الحرفي للكلمة، فلابد أنه الآن ثمة من جلس ليُخطط من أجل القيام بهذه الرحلة، هو يعرف كيف يذهب إلى هناك وما الذي سيفعله، لكنه ربما لا يستطيع وضع مسار خاص لها، ما يحتاجه فقط أن يُخبره بعض المُتخصصين الضليعين في الأمر بما يُمكن فعله عند الوصول إلى المكان الذي يُريد الذهاب إليه، بمعنى أدق، يُريد أن يمتلك مسارًا يسير عليه طوال الرحلة، وهذا بالضبط ما سنقوم به من خلال تقسيم الرحلة إلى خمسة أيام، على اعتبار أنه ثمة يومين في الأسبوع يُعتبران إجازة رسمية في أغلب الدول الأسيوية، وخلال هذه الأيام الخمسة سوف نتنقل بين أكبر المدن الأسيوية وأكثرها من حيث مخزون المتعة الذي يتواجد بها، ولتكن البداية مع اليوم الأول، فما الذي يُمكن فعله في هذا اليوم يا تُرى؟
اليوم الأول
اليوم الأول في رحلتنا سوف يكون الأهم نظرًا لأنه يكون اليوم التالي لوصولنا، حيث أننا لن نحتسب يوم السفر وحجز الفندق لأنه لن يحتوي على أي نوع من أنواع المتع على الأرجح، أما اليوم الذي يليه، والذي اتفقنا أنه سيكون اليوم الأول الفعلي رحلتنا داخل قارة أسيا فسوف نخصصه لزيارة مدن الهند، دلهي ومومباي، فهذه المدن المُتقاربة تختزل تقريبًا نصف الأماكن الهامة الموجودة في الهند، لكن لماذا نجعل البداية مع الهند؟ ببساطة لأنها أغرب مدينة سوف تذهب إليها في يومٍ من الأيام، وبما أنك في البداية سوف تكون راغبًا في تجربة كافة أنواع الطعام الموجودة في هذه البلد فسوف تكون مدينتي دلهي ومومباي المكان المناسب لك نظرًا لاحتوائهما على العدد من المطاعم، أضف إلى ذلك أن الأطعمة الهندية أصلًا أطعمة غريبة وممتعة لدرجة أن الناس يقطعون لها المسافات من كل مكان في العالم، وبعيدًا عن المطاعم سوف تكون زيارة السينمات الهندية متعة لا مثيل لها نظرًا لأن هذا الشعب عاشق للسينما ويمنحها أجواء خاصة مُختلفة تمامًا.
تاج محل سوف يكون أحد الأماكن التي لن ترغب كذلك في تفويتها خلال فترة تواجدك داخل الهند، وإذا كنت محظوظًا فسوف تكون قادرًا على حضور واحدة من الفاعليات أو المهرجانات المجنونة التي تُقام بشكل دوري داخل هذه الدولة، وكل هذه الفاعليات على الرغم من غرابتها التي ستلاحظها بنفسك إلا أنك سوف تستمتع بها حقًا، لكن على سبيل الأمان لا تبقى في الشارع بعد العاشرة مساءً لأن مسألة الأمان هناك ليست مضمونة، كما أنك تُريد النوم باكرًا كي تستيقظ في صباح اليوم التالي باكرًا وتتابع المسار الذي رسمناه لك داخل قارة أسيا العظيمة.
اليوم الثاني
في اليوم الثاني سوف نتوجه إلى واحدة من المدن التي تكثر الرحلات القادمة لها من الهند، إذ أن أغلب الهنود يذهبون إليها إما للعمل وإما للسياحة، وتلك المدينة هي مدينة دبي الموجودة كما نعرف جميعًا في دولة الإمارات، والحقيقة أنك إذا تحدثت عن دبي فيجب عليك أن تتوقف احترامًا لها بعد كل هذه النجاحات التي حققتها في الآونة الأخيرة، يكفي أن نقول بأنها قد أصبحت مدينة عالمية من الطراز الأول، أما عن المتعة التي سنبحث عنها في دبي فسوف تبدأ بالحجز في أحد الفنادق الضخمة ثم التنقل بعد ذلك في الأماكن الهامة داخل المدينة، ومنها على سبيل المثال دبي لاند، وهي مدينة ترفيه عالمية تُحاكي أماكن أخرى لها شهرة كبيرة مثل ديزني لاند، وأيضًا شواطئ دبي تستحق أن تُعطيها بعضًا من وقتك خلال رحلتك، ثم يأتي بعد ذلك دور المكان الأهم في دبي والأكثر جذبًا بلا شك، برج الخليفة.
في برج الخليفة الأمور سوف تكون في مستوى آخر من المتعة، فنحن هنا نتحدث عن أطول ناطحة سحاب في العالم بأكمله ومكان تمكن خلال سنوات قليلة من التفوق على أماكن من المفترض أنه لا مثيل لها مثل برج إيفيل، لكن الخليفة الآن لم يعد مجرد ناطحة سحاب سوف تذهب إليها وتكتفي بمجرد النظر لها، بل في السنوات العشر الأخيرة أُضيفت الكثير من أساليب الترفيه التي رفعت من قيمة المكان، ستعرف كل هذا بنفسك عندما تذهب إلى البرج، حيث أنه من غير المعقول أن نرسم لك مسارًا لرحلتك دون أن نضع فيها مدينة دبي ونُخصص لها يومًا كاملًا.
اليوم الثالث
من دبي إلى الدوحة، هكذا سنبدأ يومنا الثالث داخل قارة أسيا، والحقيقة أن مدينة الدوحة الموجودة في دولة قطر لا تقل كثيرًا عن دبي، ففيها أيضًا ثمة الكثير من الأماكن الهامة، لكننا لم نقم باختيارها إلا من أجل نمط الأماكن البارزة الموجود بها، فعلى سبيل المثال يُمكننا البداية بحي كتارا الثقافي، وهو حي ثقافي كبير يُمكن قضاء أكثر من نصف اليوم به، ثم بعد ذلك يُمكننا أخذ جولة في كورنيش الدوحة، وهو مكان جميل أيضًا بُنيت بالقرب منه الكثير من المطاعم الهامة التي تُقدم وجبات رائعة، حيث أن أغلب هذه المطاعم عالمي ويهتم بالأطعمة الفرنسية والصينية والهندية، عمومًا، بعد أن ننتهي من كورنيش الدوحة يُمكننا التوجه إلى المتحف الإسلامي، حيث أننا خلال الأيام الخمس في جولتنا لن يكون بمقدورنا المرور بأماكن لها هذا النمط، لذلك يُفضل زيارة هذا المتحف، والذي يجمع بداخلها كل المخطوطات والآثار الإسلامية الموجودة في قارة أسيا، أو أغلبها إن جاز التعبير، ثم في النهاية يُمكن إنهاء الجولة من خلال الاستمتاع بناطحات السحاب الكثيرة الموجودة بالمدينة ومشاهد الملاعب التي من المفترض أنها ستستضيف كأس العالم في كرة القدم عام 2022، وهو حدث هام وكبير، ولذلك الملاعب التي صُممت من أجله عملاقة ومُدهشة كذلك.
اليوم الرابع
الآن سوف نتحول مباشرةً إلى اليوم الرابع، والذي سنحاول قضاءه في مدينة بانكوك الموجودة في دولة تايلاند، فهذه المدينة بالذات تحظى بصبغة خاصة تجعلك مجذوبًا وبشدة تجاه هذه الزيارة، ففيها تقريبًا كل ما يُمكن وصفه بالجمال الحقيقي، ونحن هنا نتحدث عن الجمال الصناعي والجمال الطبيعي، أي يُمكننا أن نجمع بين زيارة الجزر والأماكن التي تساعدنا على الاسترخاء وفي نفس الوقت يُمكننا أن نعرج إلى مباني مُدهشة موجودة في المدينة تُساعدنا على تجميل نظرة العين، إنها بحق مدينة من أهم المدن التي ستساعدك على قضاء يومك الرابع في ذلك المسار الذي نضعه لك، لكنك بالتأكيد لن تخطو خطوة واحدة داخل المدينة قبل أن تعرف الأماكن التي تنتظرك هناك من أجل الزيارة، وهي كثيرة في الحقيقة، لكن أهمها مثلًا سيام نيراميت، وهو مسرح كبير موجود في قلب المدينة ويتميز بكونه المسرح الأهم في قارة أسيا وأحد أكبر المسارح الموجودة في العالم، حيث فيه تعرض أجمل المسرحيات العالمية التي نادرًا ما تجدها في مكانٍ آخر، وأيضًا يُمكننا أيضًا زيارة القصر الكبير، وهو مكان بُني قبل عدة قرون ولا يزال يحتفظ بنفس درجة الإبهار منذ تاريخ بناءه، وبداخله يُمكنك ممارسة الكثير من النشاطات قبل أن تُنهي يومك استعدادًا لبداية اليوم الأخير برحلتك.
اليوم الخامس
في اليوم الخامس برحلتنا داخل قارة أسيا سوف نتوجه إلى المكان الذي يُعرف بالموضع الأهم للاسترخاء، إنها بلا شك مدينة بيروت المتواجدة داخل دولة لبنان، فهذه المدينة تتواجد فيها كمية هائلة من المنتجعات الهامة والرئيسية التي تجذب نجوم ومشاهير العالم من كل مكان، الجميع يريد أن يقضي إجازته في هذه المدينة الجميلة، لكن بالتأكيد المنتجعات ليست المكان الوحيد الذي قد يجذب الناس إلى مدينة بأهمية بيروت، فهناك أيضًا متحف بيروت الوطني وجامع محمد الأمين وقصر سرسق ومتحف ما قبل التاريخ ومتحف الجامعة الأمريكية وساحة الشهداء وصخرة الروشة والمنارة وحديقة جبران، والكثير من الأماكن الهامة التي لن تندم على زيارتها، فالأمر في بيروت ببساطة أنك سوف تحصل على المتعة التي تريدها من خلال الأماكن الطبيعية والصناعية، يقولون في أسيا أن بيروت لم تُخلق كبلد لكي يعيش فيها الناس بصورة طبيعية وإنما فقط كي يلجأ إليها الناس في أوقات الضيع من أجل الحصول على المتعة، وهذا ما ستكتشفه بنفسك منذ اللحظة الأولى التي تضع قدمك فيها داخل المدينة مُنهيًا بذلك جولتك التي وضعنا مسارها لك.
كما هو واضح فإن مسار الرحلة الذي رسمناه الآن ليس المسار الأفضل بقدر ما هو الأنسب، فهذه الأماكن التي تم ذكرها هي التي يُمكنها أن تمنحك كل أصناف المتعة التي تريدها، وإن كان البعض يملكون مسارًا خاص بهم ينوون استخدامه في رحلاتهم فهذا أمر جيد بالطبع، فكلٌ يشغله ذوقه الخاص، نحن فقط نود تقديم المساعدة.