مما لا شك فيه أن الأحداث في قارة أسيا لا تتوقف، فهما كانت نوعية هذه الأحداث وكمية المتعة المتواجدة بها سوف تبقى حقيقية راسخة في نهاية المطاف، وهي أن هذه الأحداث جزء أصيل من هوية القارة الأسيوية، صحيح أن بعض الأحداث لا تلقى صدًا كبيرًا وشهرة واسعة إلا أنها تظل الصورة المُعبرة والأهم للمكان الذي نتحدث عنه، وإذا طبقنا هذه القاعدة على قارة أسيا فسوف يكون بإمكاننا ملاحظة الكثير من الأحداث في الكثير من الأماكن داخل القارة، أي أن الأحداث ليس مقتصرة على دولة أو مدينة معينة، وكأن القارة بأكملها تدب فيها الحياة، عمومًا، في السطور القليلة المُقبلة سوف نتعرف على أهم الأحداث تقع وستقع في قارة أسيا، والتي على رأسها مثلًا مهرجان قمر الخريف.
مهرجان قمر الخريف
في فيتنام وبصورة سنوية يُقام مهرجان مُبهج يُعرف باسم مهرجان قمر الخريف، هذا المهرجان يكون أبطاله الرئيسيين هم الأطفال، والذين يتم تعويضهم من خلال هذا المهرجان عن غياب آبائهم عنهم في موسم الحصاد، هذا الوقت يكون الأطفال فيه مُستعدين لأكل الحلوى الجميلة التي تحمل نفس اسم المهرجان وتكون كذلك الأغاني المبهجة والجولات الكبيرة الرائعة في الطرقات، الجميع يُغني ويفرح في هذا المهرجان لكن الأبطال يكونون الأطفال كما ذكرنا، والحقيقة أن سعيد الحظ فعلًا هو من سيتمكن في يوم من الأيام من حضور ذلك المهرجان في قارة أسيا.
مهرجان نجم أسيا
في دولة كازخستان الموجودة ضمن دول قارة أسيا ثمة مهرجان هام للغاية يُقام على مدار يومين كاملين في شهر أغسطس، ذلك المهرجان هو نجم أسيا، وهو مهرجان مُتخصص فقط في الموسيقى، حيث يتم دعوة أغلب الموهوبين داخل القارة ويتم الاستماع إلى الموسيقى الخاصة بهم من قِبل لجنة تحكيم كبيرة وعالمية تضم نجوم بارزين في هذا الصدد، لكن الشرط الرئيسي في هذا المهرجان أن تكون الموسيقى المُستخدمة في هذا المهرجان موسيقى أسيوية خالصة، وفي نهاية هذا المهرجان الهام يتم منح الفائزين جوائز تقديرية، لكن الجائزة الأولى من هذا المهرجان، كما يقول منظموه، هي المقطوعات الموسيقية التي تخرج من المبدعين وتُعبر عن الهوية الأسيوية، أما عن الأعداد التي تحضر في نجم أسيا من أجل متعة المشاهدة فهي قد تتجاوز الأربعين ألف مُستمع، وهذا رقم هائل وكبير بكل تأكيد.
مهرجان تيبوسام
ليس من الضروري أن تكون كل المهرجانات التي يتم الاحتفال بها داخل قارة أسيا مهرجانات جميلة ورائعة، بل يُمكن أن تكون مهرجانات بشعة لكنها في نفس الوقت تحظى بشهرة لا يُمكن إنكارها، ومن نوعية تلك المهرجانات يطل علينا مهرجان تيبوسام الشهير، وهو مهرجان يُقام في ماليزيا كل عام ويقوم المشاركون فيه، وأغلبهم يكون من الهندوس، بالذهاب إلى مجموعة من الكهوف وعمل بعض المراسم التي ينظر لها على كونها مراسم للتوبة والتكفير عن الذنوب، لكنها في الحقيقة مظاهر للتعبير عن الجنون، حيث يقومون بضرب بعضهم البعض بآلات ومعدات خطيرة ويجرحون أنفسهم طوال النهار، ثم مع حلول الليل تبدأ عملية تناول الطعام والحلوى، وكأنه جنون حقيقي، وطبعًا لا ينصح تمامًا بالاشتراك في مثل هذه النوعية من المهرجانات من قريب أو من بعيد.
مهرجان الراخي
هذا المهرجان يُقام في الهند سنويًا وتحديدًا في شهر يوليو، ويتم فيه الاحتفال بالأخوة داخل حدود الهند، حيث تقوم الفتيات بربط أشرطة الراخي على أيادي الإخوة الذكور، وذلك على سبيل تمني لهم الصحة والعافية، كما أن هذا المهرجان يُستخدم كذلك في تصريح الفتاة لأي شخص آخر بأنه مجرد أخ لها وأنها لا تعتبره عاشق أو حبيب، فمن تقوم الفتاة بربط عقد الراخي على يديه يُصبح وشقيقها سواء، ولا يكون له حق التصريح بالحب لها، ولهذا فإن ذلك المهرجان العجيب يشهد فرحة كبيرة وطاغية وفي نفس الوقت حزن ممن يتم إنزالهم من منزلة العشاق إلى منزلة الإخوة، سيكون من المبهر جدًا أن تُشاهد ذلك المهرجان بنفسك وتستمتع بمناظر وردود الأفعال التي تُصاحب إعلان مشاعر الفتيات للإخوة والعشاق.
طقس الشاي العجيب
اليابان أيضًا لها نصيب كبير من الاحتفالات والمناسبات العجيبة التي تُقام بصورة شبه سنوية ويكون الغرض الرئيسي منها إحياء ذكرى قديمة مع الخروج بفائدة كبيرة، وهنا نحن نتحدث عن طقس الشاي العجيب الذي يقوم من خلال دعوة أحد الأشخاص لبعض الضيوف من أجل وليمة من الشاي فقط، وهناك يقوم بتقديم لهم أكواب الشاي في صورة وحركات معينة لا تتم الطقوس إلا من خلالها، والحقيقة أن الشهرة الكبيرة التي يحظى بها ذلك المهرجان الأسيوي أدت إلى رغبة الكثيرين في تقليده حتى لو لم يكونوا موجودين في اليابان أصلًا، ففي هذا اليوم الذي يواكب هذا الحدث الهام يتجمع المُحبين للطقس الغريب في كل مكان في العالم ويقومون بتنفيذ خطوات طقس الشاي!
أعياد الفطر والأضحى
أغلب ما سبق ذكره كان يتعلق بالمهرجانات والأحداث الغريبة بعض الشيء، لكن ثمة بعض الأعياد التي تشغل أهمية كبيرة داخل القارة، وعلى رأسها أعياد الفطر والأضحى، حيث أننا نتحدث بالطبع عن قارة بها نسبة كبيرة جدًا من المسلمين، وهذه النسبة الكبيرة تحتفل في شهريّ شوال وذي الحجة من العام الهجري بعيديّ الفطر والأضحى، واللذان يكون مستوى الفرحة فيهما تقريبًا واحد، فمن الصعب، بل من المستحيل، أن يُفوت أي مُسلم أحد هذين العيدين دون أن يحتفل بهما أفضل احتفال ممكن نظرًا لأنهما يمثلان الأعياد الرسمية للمسلمين، كما أنه أيضًا يُمكن الاستمتاع بهذه الأعياد من قِبل المسلمين وغيرهم، حيث أن الفرحة في النهاية واحدة وتكون حاضرة وبقوة في هذه الأوقات، لذا سيكون من غير المعقول تفويت هذه الفرحة مهما كان السبب.
أعياد الكريسماس
على نفس المنوال السابق في أعياد الفطر والأضحى نجد أن أعياد الكريسماس وأعياد الميلاد بشكلٍ عام من المناسبات والأحداث الهامة جدًا داخل قارة أسيا، والتي تشغل طبعًا كل الدول الغير إسلامية أو عربية، فهذه الدول تحتفل بقوة بمثل هذه الأعياد، وهذا أمر طبيعي تمامًا، وكما قلنا من قبل عن أعياد الفطر والأضحى نقول عن الكريسماس، فهذه الأعياد أيضًا يُمكن الاحتفال بها من قِبل المسلمين والمسيحين والجميع بشكلٍ عام، نظرًا لأنها تحتوي على كم ليس بالقليل من المتعة، ولا أحد في هذه الأيام يُريد تفويت المتعة مهما كان السبب، الجميع بلا شك يحتاج الفرح.
عيد الديوالي
في الهند أيضًا ثمة عيد خاص يحظى بجماهيرية كبيرة يُمكن وصفها بلا تردد بأنها جماهيرية كاسحة، وهذا العيد هو عيد الديوالي، أو الأنوار كما تقول ترجمته، وهو عيد يحدث في فصل الخريف ويمكن للهندوس في كل مكان في العالم الاحتفال به، لكن بما أن الهند تمتلك بداخلها أكبر نسبة من الهندوس أصبح ذلك العيد معروف في الهند فقط ويحظى بجماهيرية كبيرة، حيث يُقال أنه يقام كإحياء لإله الثورة، وهو عيد يتم الاحتفال به على مدار خمسة أيام متتالية، وفي هذه الأيام الخمسة يتم إضاءة الأنوار على الجدران والحيطان ويتمنى الناس في الشوارع لبعضهم البعض حياة سعيدة، وقد أثر هذا العيد في الحياة الهندية لدرجة أن البعض يقول بأن السعادة لا تعرف طريقها إلى الهند سوى في هذه الأيام الخمسة، وذلك نظرًا لحالة الصراع الديني والطائفي المستمرة طوال الوقت داخل هذه الدولة.
بطولة الأمم الأسيوية
إذا أردت على مناسبة أخرى وهامة ضمن المناسبات التي تُنظم داخل دولة قارة أسيا فلا يجب أن تنسى بكل تأكيد بطولة الأمم الأسيوية لكرة القدم، تلك البطولة التي يشترك بها الكثير من المُنتخبات وتقام منافستها على مدار الشهر في دولةٍ ما يتم اختيارها قبل بدء البطولة، ولأن كرة القدم هي اللعبة الأولى والرسمية في العالم، يكون من الطبيعي جدًا أن يحضر هذه البطولة أعداد كبيرة من الجماهير التي تزحف خلف فريقها من أجل مساندته خلال منافسات البطولة، كما أن لاعبين كبار يحضرون وشخصيات هامة لا تتأخر أيضًا في متابعة هذه المباريات من الملاعب، ولهذا نجد زخم كبير يليق بحدث عظيم بنفس ذلك القدر الكبير من الأهمية الذي تتمتع به بطولات أخرى كبطولة الأمم الأوروبية وبطولة الأمم الإفريقية.
طبعًا هذه الأعياد والمناسبات والمهرجانات التي تم ذكرها الآن ليست كل الأحداث داخل قارة أسيا الكبيرة، وإنما هي فقط الأحداث الأهم التي تحظى باهتمام عالمي كبير للغاية، فمثل هذه الأحداث يقطع الناس مسافات طويلة فقط من أجل الاحتفال بها أو حتى الاكتفاء بمجرد رؤية الناس وهم يحتفلون بها، فهذه السعادة لن تدرك قيمتها إلا عند تجريبها.